311 - ومن روى بأجرة لم يقبل إسحاق والرازي nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل 312 - وهو شبيه أجرة القرآن
يخرم من مروءة الإنسان 313 - لكن nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم الفضل أخذ
وغيره ترخصا فإن نبذ 314 - شغلا به الكسب أجز إرفاقا
أفتى به الشيخ أبو إسحاقا
[ الأخذ على التحديث ] الحادي عشر :
nindex.php?page=treesubj&link=27964في الأخذ على التحديث .
( ومن روى ) الحديث ( بأجرة ) أو نحوها ; كالجعالة ( لم يقبل
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق ) بن إبراهيم الحنظلي ، عرف
nindex.php?page=showalam&ids=12418بابن راهويه ( و )
nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم ( الرازي nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل ) هو أحمد في آخرين .
أما
إسحاق ; فإنه حين سئل عن المحدث يحدث بالأجر ، قال : لا يكتب عنه ،
[ ص: 91 ] وكذا قال
أبو حاتم حين سئل عمن يأخذ على الحديث ، وأما
أحمد فإنه قيل له :
nindex.php?page=treesubj&link=29219_27964أيكتب عمن يبيع الحديث ؟ فقال : لا ، ولا كرامة . فأطلق
أبو حاتم جواب الأخذ الشامل الإجارة والجعالة والهبة والهدية ، وهو ظاهر في الجعالة ; لوجود العلة فيها أيضا ، وإن كانت الإجارة أفحش .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=16039سليمان بن حرب : لم يبق أمر من أمر السماء إلا الحديث والقضاء ، وقد فسدا جميعا ، القضاة يرشون حتى يولوا ، والمحدثون يأخذون على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الدراهم .
( وهو ) أي : أخذ الأجرة ( شبيه أجرة ) معلم ( القرآن ) ونحوه ; كالتدريس ، يعني في الجواز ، إلا أنه هناك العادة جارية بالأخذ فيه ، [ وهو هنا في العرف ] ( يخرم ) أي : ينقص ( من مروءة الإنسان ) الفاعل له ; لكونه شاع بين أهله التخلق بعلو الهمم ، وطهارة الشيم ، وتنزيه العرض عن مد العين إلى شيء من العرض .
قال
الخطيب : وإنما منعوا من ذلك تنزيها للراوي عن سوء الظن به ; فإن بعض من كان يأخذ الأجرة على الرواية عثر على تزيده وادعائه ما لم يسمع لأجل ما كان يعطى ، ومن هنا بالغ
شعبة فيما حكي عنه وقال : لا تكتبوا عن الفقراء شيئا ; فإنهم يكذبون ، ولذا امتنع من الأخذ من امتنع ، بل تورع الكثير منهم عن قبول الهدية والهبة ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15994سعيد بن عامر : لما جلس
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري للحديث أهدي له ، فرده وقال : إن من جلس هذا المجلس فليس له عند الله خلاق ،
[ ص: 92 ] يعني إن أخذ . وكذا لم يكن
النووي يقبل ممن له به علقة من إقراء أو انتفاع ما .
قال
ابن العطار : للخروج من حديث إهداء القوس ، يعني الوارد الزجر عن آخذه ممن علمه القرآن ، قال : وربما أنه كان يرى نشر العلم متعينا عليه مع قناعة نفسه وصبرها ، قال : والأمور المتعينة لا يجوز أخذ الجزاء عليها ;
nindex.php?page=treesubj&link=5562كالقرض الجار إلى منفعة ; فإنه حرام باتفاق العلماء - انتهى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13858جعفر بن يحيى البرمكي : ما رأينا في القراء مثل
nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، عرضت عليه مائة ألف ، فقال : لا والله ، لا يتحدث أهل العلم أني أكلت للسنة ثمنا ، ألا كان هذا قبل أن ترسلوا إلي ، فأما على الحديث فلا ، ولا شربة ماء ، ولا إهليلجة .
وهذا بمعناه وأزيد عند
أبي الفرج النهرواني في الجليس الصالح
[ ص: 93 ] قال : دخل
الرشيد الكوفة ، ومعه ابناه
الأمين والمأمون ، فسمعا من
nindex.php?page=showalam&ids=16410عبد الله بن إدريس nindex.php?page=showalam&ids=16753وعيسى بن يونس ، فأمر لهما بمال جزيل ، فلم يقبلا ، وقال له
عيسى : لا ، ولا إهليلجة ، ولا شربة ماء على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو ملأت لي هذا المسجد إلى السقف ذهبا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15628جرير بن عبد الحميد : مر بنا
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة الزيات فاستسقى ، فدخلت البيت ، فجئته بالماء ، فلما أردت أن أناوله نظر إلي فقال : أنت هو ؟
قلت : نعم ،
فقال : أليس تحضرنا في وقت القراءة ؟ قلت : نعم ، فرده وأبى أن يشرب ومضى .
وأهدى أصحاب الحديث
nindex.php?page=showalam&ids=13760للأوزاعي شيئا ، فلما اجتمعوا قال لهم : أنتم بالخيار إن شئتم قبلته ولم أحدثكم ، أو رددته وحدثتكم ، فاختاروا الرد وحدثهم . ونحوه عن
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة كما
للخطيب في الكفاية .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14490هبة الله بن المبارك السقطي : كان
nindex.php?page=showalam&ids=12716أبو الغنائم محمد بن علي بن علي بن الحسن بن الدجاجي البغدادي ذا وجاهة وتقدم وحال واسعة ، وعهدي بي وقد أخنى عليه الزمان بصروفه ، وقد قصدته في جماعة مثرين ; لنسمع منه وهو مريض ، فدخلنا عليه وهو على بادية ، وعليه جبة قد أكلت النار أكثرها ، وليس عنده
[ ص: 94 ] ما يساوي درهما ، فحمل على نفسه حتى قرأنا عليه بحسب شرهنا ، ثم قمنا ، وقد تحمل المشقة في إكرامنا .
فلما خرجنا قلت : هل مع سادتنا ما نصرفه إلى الشيخ ؟ فمالوا إلى ذلك ، فاجتمع له نحو خمسة مثاقيل ، فدعوت ابنته وأعطيتها ، ووقفت لأرى تسليمها إليه ، فلما دخلت وأعطته لطم حر وجهه ، ونادى : وافضيحتاه ! آخذ على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عوضا ، لا والله ، ونهض حافيا فنادى بحرمة ما بيننا إلا رجعت ، فعدت إليه ، فبكى وقال : تفضحني مع أصحاب الحديث ؟ الموت أهون من ذلك . فأعدت الذهب إلى الجماعة ، فلم يقبلوه وتصدقوا به .
ومرض
nindex.php?page=showalam&ids=15078أبو الفتح الكروخي راوي
الترمذي ، فأرسل إليه بعض من كان يحضر مجلسه شيئا من الذهب ، فما قبله ، وقال : بعد السبعين واقتراب الأجل آخذ على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ؟ ورده مع الاحتياج إليه .
( لكن ) الحافظ الحجة الثبت شيخ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري (
nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم ) ، هو ( الفضل ) بن دكين ، قد ( أخذ ) العوض على التحديث ، بحيث كان إذا لم يكن معهم دراهم صحاح بل مكسرة أخذ صرفها .
( و ) كذا أخذ ( غيره )
كعفان أحد الحفاظ الأثبات من شيوخ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا ، فقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل بن إسحاق : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبا عبد الله ، يعني الإمام أحمد ، يقول : شيخان كان الناس يتكلمون فيهما ويذكرونهما ، وكنا نلقى من الناس في أمرهما ما الله به عليم ، قاما لله بأمر لم يقم به أحد أو كبير أحد مثل ما قاما به :
عفان وأبو نعيم ، يعني بقيامهما عدم الإجابة في المحنة ، وبكلام الناس من أجل أنهما كانا يأخذان
[ ص: 95 ] على التحديث .
ووصف
أحمد مع هذا
عفان بالتثبت ، وقيل له : من تابع
عفان على كذا ؟ فقال :
nindex.php?page=showalam&ids=16577وعفان يحتاج إلى أن يتابعه أحد ؟
وأبا نعيم بالحجة الثبت ، وقال مرة : إنه يزاحم به
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، وهو على قلة روايته أثبت من
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع . إلى غير ذلك من الروايات عنه ، بل وعن
أبي حاتم في توثيقه وإجلاله ، فيمكن الجمع بين هذا وإطلاقهما كما مضى أولا عدم الكتابة ، بأن ذلك في حق من لم يبلغ هذه المرتبة في الثقة والتثبت ، أو الأخذ مختلف في الموضعين كما يشعر به السؤال
لأحمد هناك ، ومضايقة
البغوي التي كانت سببا لامتناع
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من الرواية عنه ، كما سيأتي قريبا ، وعلى هذا يحمل قول
محمد بن عبد الملك بن أيمن : لم يكونوا يعيبون مثل هذا ، إنما العيب عندهم الكذب .
nindex.php?page=treesubj&link=27964وممن كان يأخذ ممن احتج به الشيخان nindex.php?page=showalam&ids=14302يعقوب بن إبراهيم بن كثير الدورقي الحافظ المتقن صاحب المسند ، فقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في سننه عنه حديث
يحيى بن عتيق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رفعه : ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=929873لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ) ) الحديث ، . . . . . . . . . . . . . . .
[ ص: 96 ] وقال
عقبه : إنه لم يكن يحدث به إلا بدينار .
وممن أخذ عنه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17246هشام بن عمار ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي : سمعت
قسطنطين يقول : حضرت مجلسه ، فقال له
المستملي : من ذكرت ؟
فقال : حدثنا بعض مشايخنا ، ثم نعس ، فقال لهم المستملي : لا تنتفعون به ، فجمعوا له شيئا فأعطوه ، فكان بعد ذلك يملي عليهم .
بل قال
الإسماعيلي : عن
عبد الله بن محمد بن سيار : إن
هشاما كان يأخذ على كل ورقتين درهما ويشارط ، ولذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=13621ابن وارة : عزمت زمانا أن أمسك عن حديث
هشام ; لأنه كان يبيع الحديث . وقال
صالح بن محمد : إنه كان لا يحدث ما لم يأخذ .
nindex.php?page=treesubj&link=27964ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=16628علي بن عبد العزيز البغوي ، نزيل مكة ، وأحد الحفاظ المكثرين مع علو الإسناد ; فإنه كان يطلب على التحديث . في آخرين سوى هؤلاء ممن أخذه ( ترخصا ) أي : سلوكا للرخصة فيه للفقر والحاجة ، فقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=16616علي بن خشرم : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12180أبا نعيم الفضل يقول : يلومونني على الأخذ ، وفي بيتي ثلاثة عشر نفسا ، وما فيه رغيف .
[ ص: 97 ] ورآه
بشر بن عبد الواحد في المنام بعد موته فسأله : ما فعل بك ربك في ذلك ؟ فقال : نظر القاضي في أمري فوجدني ذا عيال فعفا عني .
وكذا كان
البغوي يعتذر بأنه محتاج ، وإذا عاتبوه على الأخذ حين يقرأ كتب
أبي عبيد على الحاج إذا قدم عليه
مكة يقول : يا قوم ، أنا بين الأخشبين ، إذا خرج الحاج نادى
أبو قبيس قعيقعان : من بقي ؟ فيقول : بقي المجاورون ، فيقول : أطبق .
لكن قد قبحه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ثلاثا ، ولم يرو عنه شيئا ، لا لكذبه ، بل لأنه اجتمع قوم للقراءة عليه ، فبروه بما سهل عليهم ، وفيهم غريب فقير ، فأعفوه لذلك ، فأبى إلا أن يدفع كما دفعوا ، أو يخرج عنهم ، فاعتذر الغريب بأنه ليس معه إلا قصعة ، فأمره بإحضارها ، فلما أحضرها حدثهم .
ونحوه أن
أبا بكر الأنصاري المعروف بقاضي
المرستان شم من
أبي الحسن سعد الخير الأنصاري رائحة طيبة ، فسأله عنها ، فقال : هي عود ، فقال : ذا عود طيب ، فحمل إليه نزرا قليلا ، ودفعه لجارية الشيخ ، فاستحيت من إعلامه به لقلته .
وجاء
nindex.php?page=showalam&ids=15973سعد الخير على عادته ، فاستخبر من الشيخ عن وصول العود ، فقال له : لا ، وطلب الجارية ، فاعتذرت لقلته ، وأحضرت ذلك ، فأخذ الشيخ بيده وقال
لسعد الخير : أهو هذا ؟ قال : نعم ، فرمى به إليه وقال : لا حاجة لنا فيه .
ثم طلب منه
nindex.php?page=showalam&ids=15973سعد الخير أن يسمع ولده جزء الأنصاري ، فحلف أن لا يسمعه إياه إلا أن يحمل إليه خمسة أمناء عود ، فامتنع وألح على الشيخ في تكفير يمينه ،
[ ص: 98 ] فما فعل ولا حمل هو شيئا ، ومات الشيخ ولم يسمع ابنه الجزء . ولكنه في المتأخرين أكثر .
ومنهم
nindex.php?page=treesubj&link=27964من كان يمتنع من الأخذ من الغرباء خاصة ، فروى
nindex.php?page=showalam&ids=14508السلفي في معجم السفر له من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=13772سهل بن بشر الإسفرائيني قال : اجتمعنا
بمصر طبقة من طلبة الحديث ، فقصدنا
علي بن منير الخلال ، فلم يأذن لنا في الدخول ، فجعل
عبد العزيز بن علي النخشبي فاه على كوة بابه ، ورفع صوته بقوله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ( من سئل عن علم الحديث ) ) ، قال : ففتح الباب ودخلنا ، فقال : لا أحدث اليوم إلا من وزن الذهب ، فأخذ من كل من حضر من المصريين ، ولم يأخذ من الغرباء شيئا ، وكان فقيرا لم يكن له من الدنيا شيء ، وهو من الثقات .
ومنهم
nindex.php?page=treesubj&link=27964من لم يكن يشرط شيئا ولا يذكره ، غير أنه لا يمتنع من قبول ما يعطى بعد ذلك أو قبله .
ومنهم
nindex.php?page=treesubj&link=27964من كان يقتصر في الأخذ على الأغنياء .
ومنهم
nindex.php?page=treesubj&link=27964من كان يمتنع في الحديث ونحوه .
قال
أبو أحمد بن سكينة : قلت للحافظ
ابن ناصر : أريد أن أقرأ عليك شرح ديوان
nindex.php?page=showalam&ids=15155المتنبي لأبي زكريا ، وكان يرويه عنه ، فقال : إنك دائما تقرأ علي
[ ص: 99 ] الحديث مجانا ، وهذا شعر ، ونحن نحتاج إلى دفع شيء من الأجر عليه ; لأنه ليس من الأمور الدينية .
قال : فذكرت ذلك لوالدي ، فدفع إلي كاغدا فيه خمسة دنانير ، فأعطيته إياه ، وقرأت عليه الكتاب - انتهى . وكان مع ذلك فقيرا .
ونحوه أن
أبا نصر محمد بن موهوب البغدادي الضرير الفرضي كان يأخذ الأجرة ممن يعلمه الجبر والمقابلة دون الفرائض والحساب ، ويقول : الفرائض مهمة ، وهذا من الفضل . حكاهما
ابن النجار .
ومنهم من كان لا يأخذ شيئا ، ولكن يقول : إن لنا جيرانا محتاجين ، فتصدقوا عليهم ، وإلا لم أحدثكم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15945زيد بن الحباب عن شيخه : إنه كان يفعله .
ثم إن ما تقدم [ من كون الأخذ خارما ، هو حيث لم يقترن بعذر من فقر مرخص ، أو تعطيل عن كسب ] ( فإن ) كان ذا كسب ، ولكن ( نبذ ) بنون ثم موحدة وذال معجمة ; أي : ألقى ( شغلا به ) أي : لاشتغاله بالتحديث ( الكسب ) لعياله ( أجز ) أيها الطالب له الأخذ ( إرفاقا ) أي : لأجل الإرفاق به في معيشته عوضا عما فاته من الكسب من غير زيادة ، فقد ( أفتى به ) أي : بجواز الأخذ ( الشيخ ) الولي (
nindex.php?page=showalam&ids=11815أبو إسحاقا ) الشيرازي أحد أئمة الشافعية ، حين سأله مسند
العراق في وقته
أبو الحسين بن النقور ; لكون أصحاب الحديث كانوا يمنعونه عن الكسب
[ ص: 100 ] لعياله ، فكان يأخذ كفايته ، وعلى نسخة
nindex.php?page=showalam&ids=16244طالوت بن عباد أبي عثمان الصيرفي بخصوصها دينارا .
واتفق أنه جاء غريب فقير فأراد أن يسمعها منه ، فاحتال بأن [ اقتصر على كنية
طالوت ; لكونه لم يكن يعرفه بها ، وذلك أنه قال له : أخبرك
nindex.php?page=showalam&ids=13052أبو القاسم بن حبابة ] قال : حدثنا
البغوي ، حدثنا
أبو عثمان الصيرفي ؟ وساق النسخة إلى آخرها ، فبلغ مقصوده بدون دينار .
وسبق إلى الإفتاء بالجواز
nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15797خالد بن سعد الأندلسي : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=13423محمد بن فطيس وغيره يقولون : جمعنا
لابن أخي ابن وهب ، يعني أحمد بن عبد الرحمن ، دنانير ، وأعطيناه إياه ، وقرأنا عليه موطأ عمه وجامعه ، قال
محمد : فصار في نفسي من ذلك ، فأردت أن أسأل
nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم ، فقلت : أصلحك الله ، العالم يأخذ على قراءة العلم ؟ فاستشعر فيما ظهر لي أني إنما أسأله
[ ص: 101 ] عن
أحمد ، فقال لي : جائز ، عافاك الله ، حلال أن لا أقرأ لك ورقة إلا بدرهم ، ومن أخذني أن أقعد معك طول النهار ، وأدع ما يلزمني من أسبابي ونفقة عيالي .
إذا علم هذا فالدليل لمطلق الجواز كما تقدم القياس على القرآن ; فقد
nindex.php?page=treesubj&link=27964جوز أخذ الأجرة على تعليمه الجمهور ; لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=929874أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله ) ) .
والأحاديث الواردة في الوعيد على ذلك لا تنهض بالمعارضة ; إذ ليس فيها ما تقوم به الحجة ، خصوصا وليس فيها تصريح بالمنع على الإطلاق ، بل هي وقائع أحوال محتملة للتأويل لتوافق الصحيح ، وقد حملها بعض العلماء على الأخذ فيما تعين عليه تعليمه ، لا سيما عند عدم الحاجة .
وكذا يمكن أن يقال في تفسير
أبي العالية لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41nindex.php?page=treesubj&link=27964_28976ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ; أي : لا تأخذوا عليه أجرا ، وهو مكتوب عندهم في الكتاب الأول : يا ابن آدم ، علم مجانا كما علمت مجانا .
وليس في قول
عازب لأبي بكر ، حين سأله أن يأمر ابنه
البراء رضي الله عنه بحمل ما اشتراه منه معه : لا حتى يحدثنا بكذا ، متمسك للجواز ; لتوقفه كما قال
[ ص: 102 ] شيخنا على أن
عازبا لو استمر على الامتناع من إرسال ابنه لاستمر
أبو بكر على الامتناع من التحديث ، يعني : فإنه حينئذ لو لم يجز لما امتنع
أبو بكر ، ولا أقر
عازبا عليه ، ولكن ليس هذا بلازم ; لاحتمال أن يكون امتناعه تأديبا وزجرا ، وتقريره
عازبا فلكونه فهم عنه قصد المبادرة لإسماع ابنه ، وكونه حاضرا معه خوفا من الفوات ، لا خصوص هذا المحكي . وعلى هذا ، فما بقي فيهما متمسك .
وعلى كل حال ، فقد سبق للمنع من الاستدلال به
الخطابي nindex.php?page=showalam&ids=11890وابن الجوزي ، وقال : ومن المهم هنا أن نقول : قد علم أن حرص الطلبة للعلم قد فتر ، لا بل قد بطل ،
nindex.php?page=treesubj&link=29089_29609_32095فينبغي للعلماء أن يحببوا لهم العلم ، وإلا فإذا رأى طالب الأثر أن الإسناد يباع ، والغالب على الطلبة الفقر ، ترك الطلب ، فكان هذا سببا لموت السنة ، ويدخل هؤلاء في معنى الذين يصدون عن ذكر الله ، وقد رأينا
nindex.php?page=treesubj&link=29089_29607من كان على مأثور السلف في نشر السنة بورك له في حياته وبعد مماته ، وأما من كان على السيرة التي ذممناها لم يبارك له على غزارة علمه - انتهى .
وقد حكى
ابن الأنماطي الحافظ قال : رغبت
nindex.php?page=showalam&ids=15773أبا علي حنبل بن عبد الله البغدادي الرصافي راوي مسند
أحمد في السفر إلى
الشام ، وكان فقيرا جدا ،
[ ص: 103 ] فقلت له : يحصل لك من الدنيا طرف صالح ، ويقبل عليك وجوه الناس ورؤساؤهم ، فقال : دعني ، فوالله ما أسافر لأجلهم ، ولا لما يحصل منهم ، وإنما أسافر خدمة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أروي أحاديثه في بلد لا تروى فيه .
قال : ولما علم الله منه هذه النية الصالحة أقبل بوجوه الناس إليه ، وحرك الهمم للسماع عليه ، فاجتمع إليه جماعة لا نعلمها ، اجتمعت في مجلس سماع قبل هذا
بدمشق ، بل لم يجتمع مثلها قط لأحد ممن روى المسند ، نسأل الله الإخلاص قولا وفعلا .
311 - وَمَنْ رَوَى بِأُجْرَةٍ لَمْ يَقْبَلِ إِسْحَاقُ وَالرَّازِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنُ حَنْبَلِ 312 - وَهْوَ شَبِيهُ أُجْرَةِ الْقُرْآنِ
يَخْرِمُ مِنْ مُرُوءَةِ الْإِنْسَانِ 313 - لَكِنْ nindex.php?page=showalam&ids=12180أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ أَخَذْ
وَغَيْرُهُ تَرَخُّصًا فَإِنْ نَبَذْ 314 - شُغْلًا بِهِ الْكَسْبَ أَجِزْ إِرْفَاقَا
أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَا
[ الْأَخْذِ عَلَى التَّحْدِيثِ ] الْحَادِيَ عَشَرَ :
nindex.php?page=treesubj&link=27964فِي الْأَخْذِ عَلَى التَّحْدِيثِ .
( وَمَنْ رَوَى ) الْحَدِيثَ ( بِأُجْرَةٍ ) أَوْ نَحْوِهَا ; كَالْجُعَالَةِ ( لَمْ يَقْبَلِ
nindex.php?page=showalam&ids=12418إِسْحَاقُ ) بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ ، عُرِفَ
nindex.php?page=showalam&ids=12418بِابْنِ رَاهَوَيْهِ ( وَ )
nindex.php?page=showalam&ids=11970أَبُو حَاتِمٍ ( الرَّازِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنُ حَنْبَلِ ) هُوَ أَحْمَدُ فِي آخَرِينَ .
أَمَّا
إِسْحَاقُ ; فَإِنَّهُ حِينَ سُئِلَ عَنِ الْمُحَدِّثِ يُحَدِّثُ بِالْأَجْرِ ، قَالَ : لَا يُكْتَبُ عَنْهُ ،
[ ص: 91 ] وَكَذَا قَالَ
أَبُو حَاتِمٍ حِينَ سُئِلَ عَمَّنْ يَأْخُذُ عَلَى الْحَدِيثِ ، وَأَمَّا
أَحْمَدُ فَإِنَّهُ قِيلَ لَهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=29219_27964أَيُكْتَبُ عَمَّنْ يَبِيعُ الْحَدِيثَ ؟ فَقَالَ : لَا ، وَلَا كَرَامَةَ . فَأَطْلَقَ
أَبُو حَاتِمٍ جَوَابَ الْأَخْذِ الشَّامِلِ الْإِجَارَةَ وَالْجُعَالَةَ وَالْهِبَةَ وَالْهَدِيَّةَ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْجُعَالَةِ ; لِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِيهَا أَيْضًا ، وَإِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ أَفْحَشَ .
وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16039سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ : لَمْ يَبْقَ أَمْرٌ مِنْ أَمْرِ السَّمَاءِ إِلَّا الْحَدِيثَ وَالْقَضَاءَ ، وَقَدْ فَسَدَا جَمِيعًا ، الْقُضَاةُ يَرْشُونَ حَتَّى يُوَلَّوْا ، وَالْمُحَدِّثُونَ يَأْخُذُونَ عَلَى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّرَاهِمَ .
( وَهْوَ ) أَيْ : أَخْذُ الْأُجْرَةِ ( شَبِيهُ أُجْرَةِ ) مُعَلِّمِ ( الْقُرْآنِ ) وَنَحْوِهِ ; كَالتَّدْرِيسِ ، يَعْنِي فِي الْجَوَازِ ، إِلَّا أَنَّهُ هُنَاكَ الْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِالْأَخْذِ فِيهِ ، [ وَهُوَ هُنَا فِي الْعُرْفِ ] ( يَخْرِمُ ) أَيْ : يُنْقِصُ ( مِنْ مُرُوءَةِ الْإِنْسَانِ ) الْفَاعِلِ لَهُ ; لِكَوْنِهِ شَاعَ بَيْنَ أَهْلِهِ التَّخَلُّقُ بِعُلُوِّ الْهِمَمِ ، وَطَهَارَةِ الشِّيَمِ ، وَتَنْزِيهِ الْعِرْضِ عَنْ مَدِّ الْعَيْنِ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْعَرَضِ .
قَالَ
الْخَطِيبُ : وَإِنَّمَا مَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ تَنْزِيهًا لِلرَّاوِي عَنْ سُوءِ الظَّنِّ بِهِ ; فَإِنَّ بَعْضَ مَنْ كَانَ يَأْخُذُ الْأُجْرَةَ عَلَى الرِّوَايَةِ عُثِرَ عَلَى تَزَيُّدِهِ وَادِّعَائِهِ مَا لَمْ يَسْمَعْ لِأَجْلِ مَا كَانَ يُعْطَى ، وَمِنْ هُنَا بَالَغَ
شُعْبَةُ فِيمَا حُكِيَ عَنْهُ وَقَالَ : لَا تَكْتُبُوا عَنِ الْفُقَرَاءِ شَيْئًا ; فَإِنَّهُمْ يَكْذِبُونَ ، وَلِذَا امْتَنَعَ مِنَ الْأَخْذِ مَنِ امْتَنَعَ ، بَلْ تَوَرَّعَ الْكَثِيرُ مِنْهُمْ عَنْ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ وَالْهِبَةِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15994سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ : لَمَّا جَلَسَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لِلْحَدِيثِ أُهْدِيَ لَهُ ، فَرَدَّهُ وَقَالَ : إِنَّ مَنْ جَلَسَ هَذَا الْمَجْلِسَ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَلَاقٌ ،
[ ص: 92 ] يَعْنِي إِنْ أَخَذَ . وَكَذَا لَمْ يَكُنِ
النَّوَوِيُّ يَقْبَلُ مِمَّنْ لَهُ بِهِ عَلَقَةٌ مِنْ إِقْرَاءٍ أَوِ انْتِفَاعٍ مَا .
قَالَ
ابْنُ الْعَطَّارِ : لِلْخُرُوجِ مِنْ حَدِيثِ إِهْدَاءِ الْقَوْسِ ، يَعْنِي الْوَارِدَ الزَّجْرَ عَنْ آخِذِهِ مِمَّنْ عَلَّمَهُ الْقُرْآنَ ، قَالَ : وَرُبَّمَا أَنَّهُ كَانَ يَرَى نَشْرَ الْعِلْمِ مُتَعَيَّنًا عَلَيْهِ مَعَ قَنَاعَةِ نَفْسِهِ وَصَبْرِهَا ، قَالَ : وَالْأُمُورُ الْمُتَعَيَّنَةُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْجَزَاءِ عَلَيْهَا ;
nindex.php?page=treesubj&link=5562كَالْقَرْضِ الْجَارِّ إِلَى مَنْفَعَةٍ ; فَإِنَّهُ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ - انْتَهَى .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13858جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى الْبَرْمَكِيُّ : مَا رَأَيْنَا فِي الْقُرَّاءِ مِثْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16753عِيسَى بْنِ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، عُرِضَتْ عَلَيْهِ مِائَةُ أَلْفٍ ، فَقَالَ : لَا وَاللَّهِ ، لَا يَتَحَدَّثُ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنِّي أَكَلْتُ لِلسُّنَّةِ ثَمَنًا ، أَلَّا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَيَّ ، فَأَمَّا عَلَى الْحَدِيثِ فَلَا ، وَلَا شَرْبَةَ مَاءٍ ، وَلَا إِهْلِيلِجَةَ .
وَهَذَا بِمَعْنَاهُ وَأَزْيَدُ عِنْدَ
أَبِي الْفَرَجِ النَّهْرَوَانِيِّ فِي الْجَلِيسِ الصَّالِحِ
[ ص: 93 ] قَالَ : دَخَلَ
الرَّشِيدُ الْكُوفَةَ ، وَمَعَهُ ابْنَاهُ
الْأَمِينُ وَالْمَأْمُونُ ، فَسَمِعَا مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16410عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ nindex.php?page=showalam&ids=16753وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ ، فَأَمَرَ لَهُمَا بِمَالٍ جَزِيلٍ ، فَلَمْ يَقْبَلَا ، وَقَالَ لَهُ
عِيسَى : لَا ، وَلَا إِهْلِيلِجَةَ ، وَلَا شَرْبَةَ مَاءٍ عَلَى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَوْ مَلَأْتَ لِي هَذَا الْمَسْجِدَ إِلَى السَّقْفِ ذَهَبًا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15628جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ : مَرَّ بِنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15760حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ فَاسْتَسْقَى ، فَدَخَلْتُ الْبَيْتَ ، فَجِئْتُهُ بِالْمَاءِ ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أُنَاوِلَهُ نَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ : أَنْتَ هُوَ ؟
قُلْتُ : نَعَمْ ،
فَقَالَ : أَلَيْسَ تَحْضُرُنَا فِي وَقْتِ الْقِرَاءَةِ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، فَرَدَّهُ وَأَبَى أَنْ يَشْرَبَ وَمَضَى .
وَأَهْدَى أَصْحَابُ الْحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=13760لِلْأَوْزَاعِيِّ شَيْئًا ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قَالَ لَهُمْ : أَنْتُمْ بِالْخِيَارِ إِنْ شِئْتُمْ قَبِلْتُهُ وَلَمْ أُحَدِّثْكُمْ ، أَوْ رَدَدْتُهُ وَحَدَّثْتُكُمْ ، فَاخْتَارُوا الرَّدَّ وَحَدَّثَهُمْ . وَنَحْوُهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15744حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ كَمَا
لِلْخَطِيبِ فِي الْكِفَايَةِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14490هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ السَّقَطِيُّ : كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=12716أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الدَّجَاجِيِّ الْبَغْدَادِيُّ ذَا وَجَاهَةٍ وَتَقَدُّمٍ وَحَالٍ وَاسِعَةٍ ، وَعَهْدِي بِي وَقَدْ أَخْنَى عَلَيْهِ الزَّمَانُ بِصُرُوفِهِ ، وَقَدْ قَصَدْتُهُ فِي جَمَاعَةِ مُثْرِينَ ; لِنَسْمَعَ مِنْهُ وَهُوَ مَرِيضٌ ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى بَادِيَةٍ ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ قَدْ أَكَلَتِ النَّارُ أَكْثَرَهَا ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ
[ ص: 94 ] مَا يُسَاوِي دِرْهَمًا ، فَحَمَلَ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى قَرَأْنَا عَلَيْهِ بِحَسَبِ شَرَهِنَا ، ثُمَّ قُمْنَا ، وَقَدْ تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ فِي إِكْرَامِنَا .
فَلَمَّا خَرَجْنَا قُلْتُ : هَلْ مَعَ سَادَتِنَا مَا نَصْرِفُهُ إِلَى الشَّيْخِ ؟ فَمَالُوا إِلَى ذَلِكَ ، فَاجْتَمَعَ لَهُ نَحْوُ خَمْسَةِ مَثَاقِيلَ ، فَدَعَوْتُ ابْنَتَهُ وَأَعْطَيْتُهَا ، وَوَقَفْتُ لِأَرَى تَسْلِيمَهَا إِلَيْهِ ، فَلَمَّا دَخَلَتْ وَأَعْطَتْهُ لَطَمَ حُرَّ وَجْهِهِ ، وَنَادَى : وَافَضِيحَتَاهُ ! آخُذُ عَلَى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِوَضًا ، لَا وَاللَّهِ ، وَنَهَضَ حَافِيًا فَنَادَى بِحُرْمَةِ مَا بَيْنَنَا إِلَّا رَجَعْتُ ، فَعُدْتُ إِلَيْهِ ، فَبَكَى وَقَالَ : تَفْضَحُنِي مَعَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ ؟ الْمَوْتُ أَهْوَنُ مِنْ ذَلِكَ . فَأَعَدْتُ الذَّهَبَ إِلَى الْجَمَاعَةِ ، فَلَمْ يَقْبَلُوهُ وَتَصَدَّقُوا بِهِ .
وَمَرِضَ
nindex.php?page=showalam&ids=15078أَبُو الْفَتْحِ الْكَرُوخِيُّ رَاوِي
التِّرْمِذِيِّ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بَعْضُ مَنْ كَانَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ شَيْئًا مِنَ الذَّهَبِ ، فَمَا قَبِلَهُ ، وَقَالَ : بَعْدَ السَّبْعِينَ وَاقْتِرَابِ الْأَجَلِ آخُذُ عَلَى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا ؟ وَرَدَّهُ مَعَ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ .
( لَكِنْ ) الْحَافِظُ الْحُجَّةُ الثَّبْتُ شَيْخُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ (
nindex.php?page=showalam&ids=12180أَبُو نُعَيْمٍ ) ، هُوَ ( الْفَضْلُ ) بْنُ دُكَيْنٍ ، قَدْ ( أَخَذْ ) الْعِوَضَ عَلَى التَّحْدِيثِ ، بِحَيْثُ كَانَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ دَرَاهِمُ صِحَاحٌ بَلْ مُكَسَّرَةٌ أَخَذَ صِرْفَهَا .
( وَ ) كَذَا أَخَذَ ( غَيْرُهُ )
كَعَفَّانَ أَحَدِ الْحُفَّاظِ الْأَثْبَاتِ مِنْ شُيُوخِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ أَيْضًا ، فَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15772حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، يَعْنِي الْإِمَامَ أَحْمَدَ ، يَقُولُ : شَيْخَانِ كَانَ النَّاسُ يَتَكَلَّمُونَ فِيهِمَا وَيَذْكُرُونَهُمَا ، وَكُنَّا نَلْقَى مِنَ النَّاسِ فِي أَمْرِهِمَا مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ ، قَامَا لِلَّهِ بِأَمْرٍ لَمْ يَقُمْ بِهِ أَحَدٌ أَوْ كَبِيرُ أَحَدٍ مِثْلَ مَا قَامَا بِهِ :
عَفَّانُ وَأَبُو نُعَيْمٍ ، يَعْنِي بِقِيَامِهِمَا عَدَمَ الْإِجَابَةِ فِي الْمِحْنَةِ ، وَبِكَلَامِ النَّاسِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا كَانَا يَأْخُذَانِ
[ ص: 95 ] عَلَى التَّحْدِيثِ .
وَوَصَفَ
أَحْمَدُ مَعَ هَذَا
عَفَّانَ بِالتَّثَبُّتِ ، وَقِيلَ لَهُ : مَنْ تَابَعَ
عَفَّانَ عَلَى كَذَا ؟ فَقَالَ :
nindex.php?page=showalam&ids=16577وَعَفَّانُ يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُتَابِعَهُ أَحَدٌ ؟
وَأَبَا نُعَيْمٍ بِالْحُجَّةِ الثَّبْتِ ، وَقَالَ مَرَّةً : إِنَّهُ يُزَاحِمُ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابْنَ عُيَيْنَةَ ، وَهُوَ عَلَى قِلَّةِ رِوَايَتِهِ أَثْبَتُ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٍ . إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ ، بَلْ وَعَنْ
أَبِي حَاتِمٍ فِي تَوْثِيقِهِ وَإِجْلَالِهِ ، فَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَإِطْلَاقِهِمَا كَمَا مَضَى أَوَّلًا عَدَمُ الْكِتَابَةِ ، بِأَنَّ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ هَذِهِ الْمَرْتَبَةَ فِي الثِّقَةِ وَالتَّثَبُّتِ ، أَوِ الْأَخْذُ مُخْتَلِفٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ السُّؤَالُ
لِأَحْمَدَ هُنَاكَ ، وَمُضَايَقَةُ
الْبَغَوِيِّ الَّتِي كَانَتْ سَبَبًا لِامْتِنَاعِ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيِّ مِنَ الرِّوَايَةِ عَنْهُ ، كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ : لَمْ يَكُونُوا يَعِيبُونَ مِثْلَ هَذَا ، إِنَّمَا الْعَيْبُ عِنْدَهُمُ الْكَذِبُ .
nindex.php?page=treesubj&link=27964وَمِمَّنْ كَانَ يَأْخُذُ مِمَّنِ احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ nindex.php?page=showalam&ids=14302يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ الدَّوْرَقِيُّ الْحَافِظُ الْمُتْقِنُ صَاحِبُ الْمُسْنَدِ ، فَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْهُ حَدِيثَ
يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16972مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ : ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=929873لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ) ) الْحَدِيثَ ، . . . . . . . . . . . . . . .
[ ص: 96 ] وَقَالَ
عَقِبَهُ : إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُحَدِّثُ بِهِ إِلَّا بِدِينَارٍ .
وَمِمَّنْ أَخَذَ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=17246هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابْنُ عَدِيٍّ : سَمِعْتُ
قُسْطَنْطِينَ يَقُولُ : حَضَرْتُ مَجْلِسَهُ ، فَقَالَ لَهُ
الْمُسْتَمْلِي : مَنْ ذَكَرْتَ ؟
فَقَالَ : حَدَّثَنَا بَعْضُ مَشَايِخِنَا ، ثُمَّ نَعِسَ ، فَقَالَ لَهُمُ الْمُسْتَمْلِي : لَا تَنْتَفِعُونَ بِهِ ، فَجَمَعُوا لَهُ شَيْئًا فَأَعْطَوْهُ ، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يُمْلِي عَلَيْهِمْ .
بَلْ قَالَ
الْإِسْمَاعِيلِيُّ : عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَيَّارٍ : إِنَّ
هِشَامًا كَانَ يَأْخُذُ عَلَى كُلِّ وَرَقَتَيْنِ دِرْهَمًا وَيُشَارِطُ ، وَلِذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13621ابْنُ وَارَةَ : عَزَمْتُ زَمَانًا أَنْ أُمْسِكَ عَنْ حَدِيثِ
هِشَامٍ ; لِأَنَّهُ كَانَ يَبِيعُ الْحَدِيثَ . وَقَالَ
صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ : إِنَّهُ كَانَ لَا يُحَدِّثُ مَا لَمْ يَأْخُذْ .
nindex.php?page=treesubj&link=27964وَمِنْهُمْ nindex.php?page=showalam&ids=16628عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ ، نَزِيلُ مَكَّةَ ، وَأَحَدُ الْحُفَّاظِ الْمُكْثِرِينَ مَعَ عُلُوِّ الْإِسْنَادِ ; فَإِنَّهُ كَانَ يَطْلُبُ عَلَى التَّحْدِيثِ . فِي آخَرِينَ سِوَى هَؤُلَاءِ مِمَّنْ أَخَذَهُ ( تَرَخُّصًا ) أَيْ : سُلُوكًا لِلرُّخْصَةِ فِيهِ لِلْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ ، فَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16616عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=12180أَبَا نُعَيْمٍ الْفَضْلَ يَقُولُ : يَلُومُونَنِي عَلَى الْأَخْذِ ، وَفِي بَيْتِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ نَفْسًا ، وَمَا فِيهِ رَغِيفٌ .
[ ص: 97 ] وَرَآهُ
بِشْرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ فِي الْمَنَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَسَأَلَهُ : مَا فَعَلَ بِكَ رَبُّكَ فِي ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : نَظَرَ الْقَاضِي فِي أَمْرِي فَوَجَدَنِي ذَا عِيَالٍ فَعَفَا عَنِّي .
وَكَذَا كَانَ
الْبَغَوِيُّ يَعْتَذِرُ بِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ ، وَإِذَا عَاتَبُوهُ عَلَى الْأَخْذِ حِينَ يَقْرَأُ كُتُبَ
أَبِي عُبَيْدٍ عَلَى الْحَاجِّ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِ
مَكَّةَ يَقُولُ : يَا قَوْمُ ، أَنَا بَيْنَ الْأَخْشَبَيْنِ ، إِذَا خَرَجَ الْحَاجُّ نَادَى
أَبُو قُبَيْسٍ قُعَيْقِعَانُ : مَنْ بَقِيَ ؟ فَيَقُولُ : بَقِيَ الْمُجَاوِرُونَ ، فَيَقُولُ : أَطْبِقْ .
لَكِنْ قَدْ قَبَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ ثَلَاثًا ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ شَيْئًا ، لَا لِكَذِبِهِ ، بَلْ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ قَوْمٌ لِلْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ ، فَبَرُّوهُ بِمَا سَهُلَ عَلَيْهِمْ ، وَفِيهِمْ غَرِيبٌ فَقِيرٌ ، فَأَعْفَوْهُ لِذَلِكَ ، فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَدْفَعَ كَمَا دَفَعُوا ، أَوْ يَخْرُجَ عَنْهُمْ ، فَاعْتَذَرَ الْغَرِيبُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ إِلَّا قَصْعَةٌ ، فَأَمَرَهُ بِإِحْضَارِهَا ، فَلَمَّا أَحْضَرَهَا حَدَّثَهُمْ .
وَنَحْوُهُ أَنَّ
أَبَا بَكْرٍ الْأَنْصَارِيَّ الْمَعْرُوفَ بِقَاضِي
الْمَرِسْتَانِ شَمَّ مِنْ
أَبِي الْحَسَنِ سَعْدِ الْخَيْرِ الْأَنْصَارِيِّ رَائِحَةً طَيِّبَةً ، فَسَأَلَهُ عَنْهَا ، فَقَالَ : هِيَ عُودٌ ، فَقَالَ : ذَا عُودٌ طَيِّبٌ ، فَحَمَلَ إِلَيْهِ نَزْرًا قَلِيلًا ، وَدَفَعَهُ لِجَارِيَةِ الشَّيْخِ ، فَاسْتَحْيَتْ مِنْ إِعْلَامِهِ بِهِ لِقِلَّتِهِ .
وَجَاءَ
nindex.php?page=showalam&ids=15973سَعْدُ الْخَيْرِ عَلَى عَادَتِهِ ، فَاسْتَخْبَرَ مِنَ الشَّيْخِ عَنْ وُصُولِ الْعُودِ ، فَقَالَ لَهُ : لَا ، وَطَلَبَ الْجَارِيَةَ ، فَاعْتَذَرَتْ لِقِلَّتِهِ ، وَأَحْضَرَتْ ذَلِكَ ، فَأَخَذَ الشَّيْخُ بِيَدِهِ وَقَالَ
لِسَعْدِ الْخَيْرِ : أَهُوَ هَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَرَمَى بِهِ إِلَيْهِ وَقَالَ : لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ .
ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15973سَعْدُ الْخَيْرِ أَنْ يُسْمِعَ وَلَدَهُ جُزْءَ الْأَنْصَارِيِّ ، فَحَلَفَ أَنْ لَا يُسْمِعَهُ إِيَّاهُ إِلَّا أَنْ يَحْمِلَ إِلَيْهِ خَمْسَةَ أَمْنَاءِ عُودٍ ، فَامْتَنَعَ وَأَلَحَّ عَلَى الشَّيْخِ فِي تَكْفِيرِ يَمِينِهِ ،
[ ص: 98 ] فَمَا فَعَلَ وَلَا حَمَلَ هُوَ شَيْئًا ، وَمَاتَ الشَّيْخُ وَلَمْ يَسْمَعِ ابْنُهُ الْجُزْءَ . وَلَكِنَّهُ فِي الْمُتَأَخِّرِينَ أَكْثَرُ .
وَمِنْهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=27964مَنْ كَانَ يَمْتَنِعُ مِنَ الْأَخْذِ مِنَ الْغُرَبَاءِ خَاصَّةً ، فَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14508السِّلَفِيُّ فِي مُعْجَمِ السَّفَرِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=13772سَهْلِ بْنِ بِشْرٍ الْإِسْفَرَائِينِيِّ قَالَ : اجْتَمَعْنَا
بِمِصْرَ طَبَقَةً مِنْ طَلَبَةِ الْحَدِيثِ ، فَقَصَدْنَا
عَلِيَّ بْنَ مُنِيرٍ الْخَلَّالَ ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا فِي الدُّخُولِ ، فَجَعَلَ
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ النَّخْشَبِيُّ فَاهُ عَلَى كُوَّةِ بَابِهِ ، وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِقَوْلِهِ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ( مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمِ الْحَدِيثِ ) ) ، قَالَ : فَفَتَحَ الْبَابَ وَدَخَلْنَا ، فَقَالَ : لَا أُحَدِّثُ الْيَوْمَ إِلَّا مِنْ وَزْنِ الذَّهَبِ ، فَأَخَذَ مِنْ كُلِّ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْمِصْرِيِّينَ ، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنَ الْغُرَبَاءِ شَيْئًا ، وَكَانَ فَقِيرًا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ ، وَهُوَ مِنَ الثِّقَاتِ .
وَمِنْهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=27964مَنْ لَمْ يَكُنْ يَشْرِطُ شَيْئًا وَلَا يَذْكُرُهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ قَبُولِ مَا يُعْطَى بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ قَبْلَهُ .
وَمِنْهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=27964مَنْ كَانَ يَقْتَصِرُ فِي الْأَخْذِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ .
وَمِنْهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=27964مَنْ كَانَ يَمْتَنِعُ فِي الْحَدِيثِ وَنَحْوِهِ .
قَالَ
أَبُو أَحْمَدَ بْنُ سُكَيْنَةَ : قُلْتُ لِلْحَافِظِ
ابْنِ نَاصِرٍ : أُرِيدُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ شَرْحَ دِيوَانِ
nindex.php?page=showalam&ids=15155الْمُتَنَبِّي لِأَبِي زَكَرِيَّا ، وَكَانَ يَرْوِيهِ عَنْهُ ، فَقَالَ : إِنَّكَ دَائِمًا تَقْرَأُ عَلَيَّ
[ ص: 99 ] الْحَدِيثَ مَجَّانًا ، وَهَذَا شِعْرٌ ، وَنَحْنُ نَحْتَاجُ إِلَى دَفْعٍ شَيْءٍ مِنَ الْأَجْرِ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ .
قَالَ : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِوَالِدِي ، فَدَفَعَ إِلَيَّ كَاغِدًا فِيهِ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ ، فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهُ ، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ الْكِتَابَ - انْتَهَى . وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ فَقِيرًا .
وَنَحْوُهُ أَنَّ
أَبَا نَصْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ مَوْهُوبٍ الْبَغْدَادِيَّ الضَّرِيرَ الْفَرَضِيَّ كَانَ يَأْخُذُ الْأُجْرَةَ مِمَّنْ يُعَلِّمُهُ الْجَبْرَ وَالْمُقَابَلَةَ دُونَ الْفَرَائِضِ وَالْحِسَابِ ، وَيَقُولُ : الْفَرَائِضُ مُهِمَّةٌ ، وَهَذَا مِنَ الْفَضْلِ . حَكَاهُمَا
ابْنُ النَّجَّارِ .
وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا ، وَلَكِنْ يَقُولُ : إِنَّ لَنَا جِيرَانًا مُحْتَاجِينَ ، فَتَصَدَّقُوا عَلَيْهِمْ ، وَإِلَّا لَمْ أُحَدِّثْكُمْ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15945زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ شَيْخِهِ : إِنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ .
ثُمَّ إِنَّ مَا تَقَدَّمَ [ مِنْ كَوْنِ الْأَخْذِ خَارِمًا ، هُوَ حَيْثُ لَمْ يَقْتَرِنْ بِعُذْرٍ مِنْ فَقْرٍ مُرَخِّصٍ ، أَوْ تَعْطِيلٍ عَنْ كَسْبٍ ] ( فَإِنْ ) كَانَ ذَا كَسْبٍ ، وَلَكِنْ ( نَبَذْ ) بِنُونٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ ; أَيْ : أَلْقَى ( شُغْلًا بِهِ ) أَيْ : لِاشْتِغَالِهِ بِالتَّحْدِيثِ ( الْكَسْبَ ) لِعِيَالِهِ ( أَجِزْ ) أَيُّهَا الطَّالِبُ لَهُ الْأَخْذَ ( إِرْفَاقَا ) أَيْ : لِأَجْلِ الْإِرْفَاقِ بِهِ فِي مَعِيشَتِهِ عِوَضًا عَمَّا فَاتَهُ مِنَ الْكَسْبِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ ، فَقَدْ ( أَفْتَى بِهِ ) أَيْ : بِجَوَازِ الْأَخْذِ ( الشَّيْخُ ) الْوَلِيُّ (
nindex.php?page=showalam&ids=11815أَبُو إِسْحَاقَا ) الشِّيرَازِيُّ أَحَدُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ ، حِينَ سَأَلَهُ مُسْنِدُ
الْعِرَاقِ فِي وَقْتِهِ
أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُورِ ; لِكَوْنِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ كَانُوا يَمْنَعُونَهُ عَنِ الْكَسْبِ
[ ص: 100 ] لِعِيَالِهِ ، فَكَانَ يَأْخُذُ كِفَايَتَهُ ، وَعَلَى نُسْخَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=16244طَالُوتَ بْنِ عَبَّادٍ أَبِي عُثْمَانَ الصَّيْرَفِيِّ بِخُصُوصِهَا دِينَارًا .
وَاتَّفَقَ أَنَّهُ جَاءَ غَرِيبٌ فَقِيرٌ فَأَرَادَ أَنْ يَسْمَعَهَا مِنْهُ ، فَاحْتَالَ بِأَنِ [ اقْتَصَرَ عَلَى كُنْيَةِ
طَالُوتَ ; لِكَوْنِهِ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهُ بِهَا ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ : أَخْبَرَكَ
nindex.php?page=showalam&ids=13052أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ حُبَابَةَ ] قَالَ : حَدَّثَنَا
الْبَغَوِيُّ ، حَدَّثَنَا
أَبُو عُثْمَانَ الصَّيْرَفِيُّ ؟ وَسَاقَ النُّسْخَةَ إِلَى آخِرِهَا ، فَبَلَغَ مَقْصُودَهُ بِدُونِ دِينَارٍ .
وَسَبَقَ إِلَى الْإِفْتَاءِ بِالْجَوَازِ
nindex.php?page=showalam&ids=16991ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15797خَالِدُ بْنُ سَعْدٍ الْأَنْدَلُسِيُّ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=13423مُحَمَّدَ بْنَ فُطَيْسٍ وَغَيْرَهُ يَقُولُونَ : جَمَعْنَا
لِابْنِ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ ، يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، دَنَانِيرَ ، وَأَعْطَيْنَاهُ إِيَّاهُ ، وَقَرَأْنَا عَلَيْهِ مُوَطَّأَ عَمِّهِ وَجَامِعَهُ ، قَالَ
مُحَمَّدٌ : فَصَارَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16991ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ ، فَقُلْتُ : أَصْلَحَكَ اللَّهُ ، الْعَالِمُ يَأْخُذُ عَلَى قِرَاءَةِ الْعِلْمِ ؟ فَاسْتَشْعَرَ فِيمَا ظَهَرَ لِي أَنِّي إِنَّمَا أَسْأَلُهُ
[ ص: 101 ] عَنْ
أَحْمَدَ ، فَقَالَ لِي : جَائِزٌ ، عَافَاكَ اللَّهُ ، حَلَالٌ أَنْ لَا أَقْرَأَ لَكَ وَرَقَةً إِلَّا بِدِرْهَمٍ ، وَمَنْ أَخَذَنِي أَنْ أَقْعُدَ مَعَكَ طُولَ النَّهَارِ ، وَأَدَعَ مَا يَلْزَمُنِي مِنْ أَسْبَابِي وَنَفَقَةِ عِيالِي .
إِذَا عُلِمَ هَذَا فَالدَّلِيلُ لِمُطْلَقِ الْجَوَازِ كَمَا تَقَدَّمَ الْقِيَاسُ عَلَى الْقُرْآنِ ; فَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=27964جَوَّزَ أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِهِ الْجُمْهُورُ ; لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=929874أَحَقُّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ ) ) .
وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْوَعِيدِ عَلَى ذَلِكَ لَا تَنْهَضُ بِالْمُعَارَضَةِ ; إِذْ لَيْسَ فِيهَا مَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ ، خُصُوصًا وَلَيْسَ فِيهَا تَصْرِيحٌ بِالْمَنْعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، بَلْ هِيَ وَقَائِعُ أَحْوَالٍ مُحْتَمِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ لِتُوَافِقَ الصَّحِيحَ ، وَقَدْ حَمَلَهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْأَخْذِ فِيمَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ تَعْلِيمُهُ ، لَا سِيَّمَا عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ .
وَكَذَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي تَفْسِيرِ
أَبِي الْعَالِيَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41nindex.php?page=treesubj&link=27964_28976وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ; أَيْ : لَا تَأْخُذُوا عَلَيْهِ أَجْرًا ، وَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُمْ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ : يَا ابْنَ آدَمَ ، عَلِّمْ مَجَّانًا كَمَا عُلِّمْتَ مَجَّانًا .
وَلَيْسَ فِي قَوْلِ
عَازِبٍ لِأَبِي بَكْرٍ ، حِينَ سَأَلَهُ أَنْ يَأْمُرَ ابْنَهُ
الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِحَمْلِ مَا اشْتَرَاهُ مِنْهُ مَعَهُ : لَا حَتَّى يُحَدِّثَنَا بِكَذَا ، مُتَمَسَّكٌ لِلْجَوَازِ ; لِتَوَقُّفِهِ كَمَا قَالَ
[ ص: 102 ] شَيْخُنَا عَلَى أَنَّ
عَازِبًا لَوِ اسْتَمَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ إِرْسَالِ ابْنِهِ لَاسْتَمَرَّ
أَبُو بَكْرٍ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنَ التَّحْدِيثِ ، يَعْنِي : فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَوْ لَمْ يَجُزْ لَمَا امْتَنَعَ
أَبُو بَكْرٍ ، وَلَا أَقَرَّ
عَازِبًا عَلَيْهِ ، وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا بِلَازِمٍ ; لِاحْتِمَالٍ أَنْ يَكُونَ امْتِنَاعُهُ تَأْدِيبًا وَزَجْرًا ، وَتَقْرِيرُهُ
عَازِبًا فَلِكَوْنِهِ فَهِمَ عَنْهُ قَصْدَ الْمُبَادَرَةِ لِإِسْمَاعِ ابْنِهِ ، وَكَوْنِهِ حَاضِرًا مَعَهُ خَوْفًا مِنَ الْفَوَاتِ ، لَا خُصُوصَ هَذَا الْمَحْكِيِّ . وَعَلَى هَذَا ، فَمَا بَقِيَ فِيهِمَا مُتَمَسَّكٌ .
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ ، فَقَدْ سَبَقَ لِلْمَنْعِ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ
الْخَطَّابِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=11890وَابْنُ الْجَوْزِيِّ ، وَقَالَ : وَمِنِ الْمُهِمِّ هُنَا أَنْ نَقُولَ : قَدْ عُلِمَ أَنَّ حِرْصَ الطَّلَبَةِ لِلْعِلْمِ قَدْ فَتَرَ ، لَا بَلْ قَدْ بَطَلَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29089_29609_32095فَيَنْبَغِي لِلْعُلَمَاءِ أَنْ يُحَبِّبُوا لَهُمُ الْعِلْمَ ، وَإِلَّا فَإِذَا رَأَى طَالِبُ الْأَثَرِ أَنَّ الْإِسْنَادَ يُبَاعُ ، وَالْغَالِبُ عَلَى الطَّلَبَةِ الْفَقْرُ ، تَرَكَ الطَّلَبَ ، فَكَانَ هَذَا سَبَبًا لِمَوْتِ السُّنَّةِ ، وَيَدْخُلُ هَؤُلَاءِ فِي مَعْنَى الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ، وَقَدْ رَأَيْنَا
nindex.php?page=treesubj&link=29089_29607مَنْ كَانَ عَلَى مَأْثُورِ السَّلَفِ فِي نَشْرِ السُّنَّةِ بُورِكَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ عَلَى السِّيرَةِ الَّتِي ذَمَمْنَاهَا لَمْ يُبَارَكْ لَهُ عَلَى غَزَارَةِ عِلْمِهِ - انْتَهَى .
وَقَدْ حَكَى
ابْنُ الْأَنْمَاطِيِّ الْحَافِظُ قَالَ : رَغَّبْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=15773أَبَا عَلِيٍّ حَنْبَلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيَّ الرَّصَافِيَّ رَاوِيَ مُسْنَدِ
أَحْمَدَ فِي السَّفَرِ إِلَى
الشَّامِ ، وَكَانَ فَقِيرًا جِدًّا ،
[ ص: 103 ] فَقُلْتُ لَهُ : يَحْصُلُ لَكَ مِنَ الدُّنْيَا طَرَفٌ صَالِحٌ ، وَيُقْبِلُ عَلَيْكَ وُجُوهُ النَّاسِ وَرُؤَسَاؤُهُمْ ، فَقَالَ : دَعْنِي ، فَوَاللَّهِ مَا أُسَافِرُ لِأَجْلِهِمْ ، وَلَا لِمَا يَحْصُلُ مِنْهُمْ ، وَإِنَّمَا أُسَافِرُ خِدْمَةً لِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَرْوِي أَحَادِيثَهُ فِي بَلَدٍ لَا تُرْوَى فِيهِ .
قَالَ : وَلَمَّا عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُ هَذِهِ النِّيَّةَ الصَّالِحَةَ أَقْبَلَ بِوُجُوهِ النَّاسِ إِلَيْهِ ، وَحَرَّكَ الْهِمَمَ لِلسَّمَاعِ عَلَيْهِ ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ لَا نَعْلَمُهَا ، اجْتَمَعَتْ فِي مَجْلِسِ سَمَاعٍ قَبْلَ هَذَا
بِدِمَشْقَ ، بَلْ لَمْ يَجْتَمِعْ مِثْلُهَا قَطُّ لِأَحَدٍ مِمَّنْ رَوَى الْمُسْنَدَ ، نَسْأَلُ اللَّهَ الْإِخْلَاصَ قَوْلًا وَفِعْلًا .