424 - وينبغي للشيخ أن يجيز مع إسماعه جبرا لنقص إن وقع 425 - قال ابن عتاب ولا غنى عن
إجازة مع السماع تقرن 426 - وسئل ابن حنبل إن حرفا
أدغمه فقال : أرجو يعفى 427 - لكن منع أبو نعيم الفضل
في الحرف يستفهمه فلا يسع 428 - إلا بأن يروي تلك الشارده
عن مفهم ونحوه عن زائده 429 - قد قال : " نا وخلف بن سالم
إذ فاته حدث " من حدثنا 430 - من قول سفيان وسفيان اكتفى
بلفظ مستمل عن المملي اقتفى 431 - كذاك أفتى حماد بن زيد
استفهم الذي يليك حتى 432 - رووا عن كنا نقعد الأعمش
للنخعي فربما قد يبعد 433 - البعض لا يسمعه فيسأل
البعض عنه ثم كل ينقل 434 - وكل ذا تساهل وقولهم
يكفي من الحديث شمه فهم 435 - عنوا إذا أول شيء سئلا
عرفه وما عنوا تسهلا
وما أحسن قول [ ص: 207 ] فيما وجد بخطه لمن سمع منه صحيح ابن الصلاح : وأجزت له روايته عني مخصصا منه بالإجازة ما زل عن السمع لغفلة أو سقط عند السماع بسبب من الأسباب . وكذا كان البخاري ابن رافع يتلفظ بالإجازة بعد السماع قائلا : أجزت لكم روايته عني سماعا وإجازة لما خالف أصل السماع إن خالف ، بل ( قال ) مفتي قرطبة وعالمها ( ابن عتاب ) بمهملة ثم فوقانية مشددة ، هو أبو عبد الله محمد الجذامي المتوفى في صفر سنة اثنتين وستين وأربعمائة ( 462هـ ) فيما رويناه من طريق ولده أبي محمد عبد الرحمن عنه ما معناه : ( و ) الذي أقول : إنه ( لا غنى ) [ بالقصر للمناسبة ] ، لطالب العلم ، يعني : في زمنه فما بعده ( عن إجازة ) بذاك الديوان أو الحديث ( مع السماع ) له ( تقرن ) به ; لجواز السهو أو الغفلة أو الاشتباه على الطالب والشيخ معا أو على أحدهما . وكلامه إلى الوجوب أقرب ، وهو الظاهر من حاله ; فإنه كان كثير الاحتياط والورع ، حتى إنه لكون مدار الفتوى عليه كان يخاف عاقبتها ، ويظهر مهابتها ، حتى كان يقول : من يحسدني فيها جعله الله مفتيا ، وددت أني أنجو منها كفافا ، ثم على كاتب الطبقة استحبابا التنبيه على ما وقع من إجازة المسمع فيها ، ويقال : إن أول من كتبها في الطباق الحافظ المتقن وأبي علي الغساني تقي الدين أبو الطاهر إسماعيل بن عبد الله بن عبد [ ص: 208 ] المحسن بن الأنماطي المصري الشافعي المتوفى في سنة تسع عشر وستمائة ( 619هـ ) ، وكان دأبه النصح وكثرة الإفادة ، بحيث إنه استجاز لخلق ابتداء منه بدون مسألة من أكثرهم ، وتبعه في هذه السنة الحسنة ; أعني : ، في الطباق من بعده ، وحصل بذلك نفع كثير ، فلقد انقطعت بسبب إهمال ذلك وتركه ببعض البلاد رواية بعض الكتب لكون راويها كان قد فاته ذلك ، ولم يوجد في الطبقة إجازة المسمع للسامعين ، فما أمكن قراءة ذلك الفوت عليه بالإجازة لعدم تحققها ، كما اتفق في كتابة الإجازة أبي الحسن علي بن نصر الله بن الصواف الشاطبي في السنن الصغرى لم يأخذوا عنه سوى مسموعه منه على للنسائي الصفي أبي بكر بن باقا فقط ، هذا مع قرب سماعه من الوقت الذي ابتكر فيه ابن الأنماطي كتابتها ، ولكن لعله لم يكن اشتهر ، على أني قد وقفت على من سبق الأنماطي بذلك في كلام ، حيث قال : وقفت على تقييد سماع لبعض نبهاء الخراسانيين من القاضي عياض أهل المشرق بنحو ما أشار إليه ابن عتاب ، فقال : سمع هذا الجزء فلان وفلان على الشيخ أبي الفضل عبد العزيز بن إسماعيل البخاري ، وأجاز ما أغفل وصحف ولم يصغ إليه أن يروى عنه على الصحة .
قال القاضي : وهذا منزع نبيل في الباب جدا - انتهى .
وتغتفر الجهالة بالقدر الذي أجيز بسببه ، ولا يلزمه الإفصاح بذلك حين [ ص: 209 ] روايته إلا إن أكثر ; لأن المخبر حينئذ أنه سمع كاذب ; لعدم مطابقته للواقع ، ولا تجبر الإجازة مثل هذا . نعم ، إن أطلق الإخبار كان صادقا كما سيأتي في أواخر ثالث أقسام التحمل .
وإنما كره إطلاقه في الإجازة المحضة ; لمخالفته العادة ، أو لإيقاعه تهمة إذا علم أنه لم يسمع أصلا ، وذلك معدوم هنا لا سيما إذا كان السماع مثبتا بغير خطه ; لانتفاء الريبة عنه بكل وجه ، أشار إليه ابن دقيق العيد .
وإذا انتهت مسألة الإجازة التي كان تأخيرها أنسب لتعلق ما قبلها بما بعدها ، ولتكون فرعا مستقلا ، ولكن هكذا هي عند . ابن الصلاح
فاعلم أنه قد تقدم اغتفار الكلمة والكلمتين ، يعني : سواء أخلتا أو إحداهما بفهم الباقي أم لا ; لأن فهم المعنى لا يشترط ، وسواء كان يعرفهما أم لا . والظاهر أن هذا بالنسبة إلى الأزمان المتأخرة ، وإلا ففي غير موضع من كتاب يقول : وذكر كلمة معناها كذا وكذا ; لكونه فيما يظهر لم يسمعها جيدا وعلمها . النسائي
( وسئل ) الإمام أحمد ، هو ( ابن حنبل ) ، من ابنه صالح ; حيث قال له : إن أدمج الشيخ أو القارئ ( إن حرفا ) يعني : لفظا يسيرا ( أدغمه ) فلم يفهمه السامع ; أي : لم يسمعه مع معرفته أنه كذا وكذا ، أترى له أن يرويه عنه ؟ ( فقال : أرجو ) أنه ( يعفى ) عن ذلك ، ولا يضيق الحال عنه ، رواه البيهقي في مناقب أحمد ، فقيد [ ص: 210 ] العفو بكونه يعرفه ، وتمامه : قال صالح : فقلت له : الكتاب قد طال عهده عن الإنسان لا يعرف بعض حروفه ، فيخبره بعض أصحابه ؟ قال : إن كان يعلم أنه كما في الكتاب فلا بأس به .
قال البيهقي : يعني يوقفه على الصواب ، فينظر في الكتاب ويعلم أنه كما قال . ( لكن ) ( منع ) من سلوكه ( في الحرف ) يعني : في اللفظ اليسير مما يشرد عنه في حال سماعه من الحافظ ( أبو نعيم الفضل ) بن دكين سفيان الذي ( يستفهمه ) من بعض الحاضرين من أصحابه ( ف ) قال : ( لا يسع ) من وقع له مثله ( إلا بأن ) أي : أن . والأعمش
( يروي تلك ) الكلمة ( الشارده عن مفهم ) أفهمه إياها من صاحب ( ونحوه ) مروي ( عن زائده ) ، هو ابن قدامة . قال : سمعت من خلف بن تميم عشرة آلاف حديث أو نحوها ، فكنت أستفهم جليسي ، فقلت سفيان الثوري لزائدة ، فقال لي : لا تحدث منها إلا بما تحفظ بقلبك ، وتسمع بأذنك ، قال : فألقيتها . وحكي عن أبي حنيفة مثله .
وكل هذا إن لم يفرق بين من علم بنفسه ، أو استفهم ، أو بأن الأول في الحرف الحقيقي ، والثاني في الكلمة ، يخالف المحكي عن أحمد ( و ) أيضا فأحد الحفاظ المتقنين أبو محمد ( خلف بن سالم ) المخرمي بالتشديد ، نسبة لمحلة [ ص: 211 ] ببغداد ( قد قال : نا ) مقتصرا على النون والألف ; ( إذ فاته حدث من حدثنا من قول ) شيخه ( حين تحديثه عن سفيان ) بن عيينة بخصوصه ، فكان يقال له : قل : حدثنا ، فيمتنع ويقول : إنه لكثرة الزحام عند عمرو بن دينار سفيان لم أسمع شيئا من حروف " ح د ث " . فهذا مخالف لأحمد بلا شك .
هذا ( وسفيان ) شيخه ( اكتفى ب ) سماع ( لفظ مستمل عن ) لفظ ( المملي ) إذ المستملي ( اقتفى ) أي : اتبع لفظ المملي ، وذاك أن أبا مسلم المستملي قال له : إن الناس كثير لا يسمعون ، فقال : أتسمع أنت ؟ قال : نعم ، قال : فأسمعهم .
ولعل سماع خلف لم يكن في الإملاء ( كذاك ) ) من استفهمه في حال إملائه ، واستعاده بعض الألفاظ وقال له : كيف قلت ؟ فقال : ( استفهم الذي يليك ) ، وهذا هو الذي عليه العمل بين أكابر المحدثين الذين كان يعظم الجمع في مجالسهم جدا ، ويجتمع فيها الفئام من الناس بحيث يبلغ عددهم ألوفا مؤلفة ، ويصعد المستملون على الأماكن المرتفعة ، ويبلغون عن المشايخ ما يملون ، أن أبو إسماعيل ( حماد بن زيد أفتى جاز له أن يرويه عن المملي ، يعني بشرط أن يسمع المملي لفظ المستملي ، وإن أطلقه من سمع المستملي دون سماع لفظ المملي كالعرض سواء ; لأن المستملي في حكم القارئ على المملي ، [ ص: 212 ] وحينئذ فلا يقال في الأداء لذلك : سمعت فلانا ، كما تقدم في العرض ، بل الأحوط بيان الواقع كما فعله ابن الصلاح البخاري وغيرهما من الأئمة ممن كان يقول : وثبتني فيه بعض أصحابنا ، أو وأفهمني فلان بعضه ، حسبما يجيء مبسوطا في آخر الفصل السادس من صفة رواية الحديث وأدائه . ولقصد السلامة من إغفال لفظ المملي ، قال وابن خزيمة : ما كتبت قط من في المستملي ، ولا التفت إليه ، ولا أدري أي شيء يقول ، إنما كنت أكتب عن في المحدث ، وكذا تورع آخرون وشددوا في ذلك . محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي
قال ابن كثير : وهو القياس ، والأول أصلح للناس ( حتى ) إنهم ( رووا عن ) ) الحافظ الحجة ، أنه قال : ( كنا نقعد سليمان بن مهران ( الأعمش أحد فقهاء التابعين حين تحديثه ، والحلقة متسعة . للنخعي ) إبراهيم بن يزيد
( فربما قد يبعد البعض ) ممن يحضر ( ولا يسمعه فيسأل ) ذلك البعيد ( البعض ) القريب من الشيخ [ ( عنه ) عما قال الشيخ ] ( ثم كل ) ممن سمع من الشيخ أو رفيقه ( ينقل ) كل ذلك عن الشيخ بلا واسطة ( وكل ذا ) أي : رواية ما لم يسمعه إلا من رفيقه أو المستملي عن لفظ الشيخ ( تساهل ) ممن فعله ، ولذا كان وغيره كما تقدم لا يرون له التحديث بما استفهمه إلا عن المفهم ، ولا يعجب أبا نعيم - كما قاله [ ص: 213 ] أبو نعيم الفضل أبو زرعة عنه - صنيعهم هنا ، ولا يرضى به لنفسه .
( وقولهم ) كالحافظ أبي عبد الله بن منده تبعا للإمام : ( يكفي ) من سماع ( الحديث شمه ) الذي رويناه في الوصية عبد الرحمن بن مهدي من طريق لأبي القاسم بن منده عبد الله بن محمد بن سنان : سمعت بندارا يقول : سمعت يقول : أصحاب الحديث يكفيهم الشم . ابن مهدي
( فهم ) أي : القائلون ذلك - كما قال حمزة بن محمد الكناني الحافظ ، حسبما نقله الحافظ عنه - إنما ( عنوا ) به ( إذا أول شيء ) أي : طرف حديث ( سئلا ) عنه المحدث ( عرفه ) ، واكتفى بطرفه عن ذكر باقيه ، فقد كان السلف يكتبون أطراف الحديث ليذاكروا الشيوخ فيحدثوهم بها . عبد الغني بن سعيد
قال : كنت ألقى محمد بن سيرين بالأطراف . وقال عبيدة بن عمرو السلماني : لا بأس بكتابة الأطراف ( وما عنوا ) به ( تسهلا ) في التحمل ولا الأداء . وميل إبراهيم النخعي ابن دقيق العيد من هذا كله لما ذهب إليه الفضل وزائدة .