الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
العالي والنازل .


( 737 ) وطلب العلو سنة وقد فضل بعض النزول وهو رد      ( 738 ) وقسموه خمسة ، فالأول
قرب من الرسول وهو الأفضل      ( 739 ) إن صح الإسناد وقسم القرب
إلى إمام وعلو نسبي      ( 740 ) بنسبة للكتب الستة إذ
ينزل متن من طريقها أخذ

[ الإسناد خصيصة لهذه الأمة ] أقسام ( العالي ) من السند ( والنازل ) ، وبيان أفضلهما ، وما يلتحق بذلك من بيان الموافقة والبدل والمصافحة والمساواة .

أصل الإسناد أولا خصيصة فاضلة من خصائص هذه الأمة ، وسنة بالغة من السنن [ ص: 330 ] المؤكدة كما أشرت إليه قبيل مراتب التعديل .

وقد روينا من طريق أبي العباس الدغولي قال : سمعت محمد بن حاتم بن المظفر يقول : إن الله قد أكرم هذه الأمة وشرفها وفضلها بالإسناد ، وليس لأحد من الأمم كلها قديمها وحديثها إسناد ، إنما هو صحف في أيديهم ، وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم ، فليس عندهم تمييز بين ما نزل من التوراة والإنجيل وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي أخذوها عن غير الثقات .

وهذه الأمة إنما تنص الحديث عن الثقة المعروف في زمانه المشهور بالصدق والأمانة عن مثله ، حتى تتناهى أخبارهم ، ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ ، والأضبط فالأضبط ، والأطول مجالسة لمن فوقه ممن كان أقل مجالسة ، ثم يكتبون الحديث من عشرين وجها أو أكثر حتى يهذبوه من الغلط والزلل ، ويضبطوا حروفه ، ويعدوه عدا ، فهذا من أفضل نعم الله على هذه الأمة ، فنستوزع الله شكر هذه النعمة .

وقال أبو حاتم الرازي : لم يكن في أمة من الأمم منذ خلق الله آدم أمناء يحفظون آثار الرسول إلا في هذه الأمة .

وقال أبو بكر محمد بن أحمد : بلغني أن الله خص هذه الأمة بثلاثة أشياء لم يعطها من قبلها : الإسناد والأنساب والإعراب .

وعند الحاكم في ترجمة عبد الله بن طاهر من تاريخه بسنده إلى إسحاق بن [ ص: 331 ] إبراهيم الحنظلي قال : كان عبد الله بن طاهر إذا سألني عن حديث فذكرته له بلا إسناد سألني عن إسناده ، ويقول : رواية الحديث بلا إسناد من عمل الزمنى ; فإن إسناد الحديث كرامة من الله عز وجل لأمة محمد صلى الله عليه وسلم .

وكذا قال ابن المبارك : ( الإسناد من الدين ، لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ) .

وفي رواية : مثل الذي يطلب أمر دينه بلا إسناد كمثل الذي يرتقي السطح بلا سلم .

وفي رواية عنه كما في مقدمة مسلم : ( بيننا وبين القوم القوائم ) يعني الإسناد .

وقال أيضا لمن سأله عن حديث عن الحجاج بن دينار عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في المقدمة أيضا : ( إن بين الحجاج وبين النبي صلى الله عليه وسلم مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي ) .

وعن الشافعي قال : ( مثل الذي يطلب الحديث بلا إسناد كمثل حاطب ليل ) .

وعن الثوري قال : ( الإسناد سلاح المؤمن ، فإذا لم يكن معه سلاح فبأي شيء يقاتل ؟ ) .

وقال بقية : ( ذاكرت حماد بن زيد بأحاديث ، فقال : ما أجودها لو كان لها أجنحة ؟ يعني الأسانيد ) .

وقال مطر في قوله تعالى : أو أثارة من علم ، قال : ( إسناد الحديث ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية