الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( وإذا كان العبد بين ثلاثة نفر فدبره أحدهم وهو موسر ، ثم أعتقه الآخر ، وهو موسر فأرادوا الضمان فللساكت أن يضمن المدبر ثلث قيمته قنا ولا يضمن المعتق ، وللمدبر أن يضمن المعتق ثلث قيمته مدبرا ، ولا يضمنه الثلث الذي ضمن ، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله ، وقالا : العبد كله للذي دبره أول مرة ، ويضمن ثلثي قيمته لشريكيه موسرا كان أو معسرا ) .

                                                                                                        وأصل هذا أن التدبير يتجزأ عند أبي حنيفة رحمه الله خلافا لهما كالإعتاق ، لأنه شعبة من شعبه فيكون معتبرا به .

                                                                                                        ولما كان متجزئا عنده اقتصر على نصيبه ، وقد أفسد بالتدبير نصيب الآخرين ، فلكل واحد منهما أن يدبر نصيبه ، أو يعتق أو يكاتب ، أو يضمن المدبر أو يستسعي العبد أو يتركه على حاله ; لأن نصيبه باق على ملكه فاسدا بإفساد شريكه حيث سد عليه طرق الانتفاع به بيعا وهبة على ما مر ، فإذا اختار أحدهما العتق تعين حقه فيه وسقط اختيار غيره فتوجه للساكت سببا ضمان تدبير المدبر وإعتاق هذا المعتق غير أن له أن يضمن المدبر ليكون الضمان ضمان معاوضة ، إذ هو الأصل حتى جعل الغصب ضمان معاوضة على أصلنا ، وأمكن ذلك في التدبير ، لكونه قابلا للنقل من ملك إلى ملك وقت التدبير ، ولا يمكن ذلك في الإعتاق ; لأنه عند ذلك مكاتب أو حر على اختلاف الأصلين ، ولا بد من رضا المكاتب بفسخه حتى يقبل الانتقال ، فلهذا يضمن المدبر ، ثم للمدبر أن يضمن المعتق ثلث قيمته مدبرا ، لأنه أفسد عليه نصيبه مدبرا ، والضمان يتقدر بقيمة المتلف وقيمة المتدبر ثلثا قيمته قنا على ما قالوا ، ولا يضمنه قيمة ما ملكه بالضمان من جهة الساكت ; لأن ملكه يثبت مستندا ، وهذا ثابت من وجه دون وجه فلا يظهر في حق التضمين والولاء بين المعتق والمدبر أثلاثا ، ثلثاه : للمدبر والثلث : للمعتق ، لأن [ ص: 26 ] العبد عتق على ملكهما على هذا المقدار ، وإذا لم يكن التدبير متجزئا عندهما صار كله مدبرا للمدبر ، وقد أفسد نصيب شريكيه لما بينا فيضمنه .

                                                                                                        ولا يختلف باليسار والإعسار ; لأنه ضمان تملك فأشبه الاستيلاد بخلاف الإعتاق ; لأنه ضمان جناية والولاء كله للمدبر وهذا ظاهر .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية