الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 482 - 483 ] قال : ( ومن ملك مملوكين صغيرين أحدهما ذو رحم محرم من الآخر لم يفرق بينهما ، وكذلك إن كان أحدهما كبيرا ) والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام : " { من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة }" . [ ص: 484 - 485 ] { ووهب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي رضي الله عنه غلامين أخوين صغيرين ثم قال له : ما فعل الغلامان ؟ فقال بعت أحدهما فقال عليه الصلاة والسلام أدرك أدرك }" ويروى " اردد اردد " ولأن الصغير يستأنس بالكبير والكبير يتعاهده ، فكان في بيع أحدهما قطع الاستئناس والمنع من التعاهد . [ ص: 486 ] وفيه ترك المرحمة على الصغار وقد أوعد عليه . ثم المنع معلول بالقرابة المحرمة للنكاح حتى لا يدخل فيه محرم غير قريب ولا قريب غير محرم ، ولا يدخل فيه الزوجان حتى جاز التفريق بينهما لأن النص ورد بخلاف القياس [ ص: 487 ] فيقتصر على مورده ، ولا بد من اجتماعهما في ملكه لما ذكرنا حتى لو كان أحد الصغيرين له والآخر لغيره لا بأس ببيع واحد منهما ولو كان التفريق بحق مستحق لا بأس به كدفع أحدهما بالجناية وبيعه بالدين ورده بالعيب ، لأن المنظور إليه دفع الضرر عن غيره لا الإضرار به .

                                                                                                        قال : ( فإن فرق كره له ذلك وجاز العقد ) وعن أبي يوسف رحمه الله أنه لا يجوز في قرابة الولادة ويجوز في غيرها . وعنه أنه لا يجوز في جميع ذلك لما روينا فإن الأمر بالإدراك والرد لا يكون إلا في البيع الفاسد . ولهما أن ركن البيع صدر من أهله في محله وإنما الكراهة لمعنى مجاور فشابه كراهة الاستيام . [ ص: 488 - 489 ]

                                                                                                        ( وإن كانا كبيرين فلا بأس بالتفريق بينهما ) لأنه ليس في معنى ما ورد به النص وقد صح { أنه عليه الصلاة والسلام فرق بين مارية وسيرين وكانتا أمتين [ ص: 490 ] أختين }" والله أعلم .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثامن عشر :

                                                                                                        قال صلى الله عليه وسلم : " { من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة }" ; قلت : أخرجه الترمذي في " البيوع وفي السير " عن حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن أبي أيوب الأنصاري ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أخيه يوم القيامة }" انتهى .

                                                                                                        وقال : حديث حسن غريب ، انتهى . ورواه الحاكم في " المستدرك " ، وقال : صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، وفيما قاله نظر ، لأن حيي بن عبد الله لم يخرج له في " الصحيح " شيء ، بل تكلم فيه بعضهم ، قال ابن القطان في " كتابه " : قال البخاري : فيه نظر ، وقال أحمد : أحاديثه مناكير ، وقال ابن معين : ليس به بأس ، وقال النسائي : ليس بالقوي ، قال : ولأجل الاختلاف فيه لم يصححه الترمذي انتهى .

                                                                                                        ورواه أحمد في " مسنده " بقصة فيه ، ولفظه عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، قال : كنا في البحر ، وعلينا عبد الله بن قيس الفزاري ، ومعنا أبو أيوب الأنصاري ، فمر بصاحب المقاسم ، وقد أقام السبي ، فإذا امرأة تبكي ، فقال ; ما شأن هذه ؟ قالوا : فرقوا : بينها وبين ولدها ، فانطلق أبو أيوب ، فأتى بولدها حتى وضعه في يدها ، فأرسل إليه عبد الله بن قيس ، ما حملك على ما صنعت ؟ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من فرق ، الحديث . طريق آخر : رواه البيهقي في " شعب الإيمان " في آخر الباب الخامس والسبعين ، [ ص: 484 ] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ثنا أبو عتبة ثنا بقية ثنا خالد بن حميد عن العلاء بن كثير عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعا نحوه ، قال صاحب " التنقيح " : فيه انقطاع ، لأن العلاء بن كثير الإسكندراني لم يسمع من أبي أيوب ، وأبو عتبة هو أحمد بن الفرج الحمصي ، محله الصدق ، قاله ابن أبي حاتم ، وقد زال ما يخشى من تدليس بقية ، إذ صرح بالتحديث ، وخالد بن حميد الإسكندراني وثقه ابن حبان ، والعلاء الإسكندراني أيضا صدوق ، انتهى .

                                                                                                        طريق آخر : رواه الدارمي في " مسنده في السنن " أخبرنا القاسم بن كثير عن الليث بن سعد عن عبد الله بن جنادة عن أبي عبد الرحمن الحبلي به .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني في " سننه " من طريق الواقدي ثنا يحيى بن ميمون عن أبي سعيد البلوي { عن حريث بن سليم العذري عن أبيه ، قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن فرق في السبي بين الوالد والولد ، فقال : من فرق بينهم فرق الله بينه وبين الأحبة يوم القيامة }انتهى .

                                                                                                        والواقدي فيه مقال . أحاديث الباب :

                                                                                                        روى البيهقي في " المعرفة في كتاب السير " عن الحاكم بسنده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده { أن أبا أسد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بسبي من البحرين ، فنظر عليه السلام إلى امرأة منهن تبكي ، فقال : ما شأنك ؟ قالت : باع ابني ، فقال عليه السلام لأبي أسد : أبعت ابنها ؟ قال : نعم ، قال : فيمن ؟ قال : في بني عبس ، فقال عليه السلام : اركب أنت بنفسك ، فأت به }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } :

                                                                                                        روى الحاكم في " المستدرك " عن أبي بكر بن عياش عن سليمان التيمي عن طليق بن محمد عن عمران بن حصين ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ملعون من فرق بين والدة وولدها }" انتهى . وقال : إسناده صحيح ، ولم يخرجاه .

                                                                                                        { حديث آخر } :

                                                                                                        أخرجه الدارقطني في " سننه " عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن طليق بن عمران عن أبي بردة عن أبي موسى ، قال : { لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فرق بين [ ص: 485 ] الوالدة وولدها ، وبين الأخ وأخيه } ، وفي لفظ : { نهى أن يفرق } ، الحديث . وذكر الدارقطني فيه اختلافا على طليق ، فمنهم من يرويه عن طليق عن أبي بردة عن أبي موسى ، ومنهم من يرويه عن طليق عن عمران بن حصين ، ومنهم من يرويه عن طليق عن النبي مرسلا ، وهكذا ذكره عبد الحق في " أحكامه " من جهة الدارقطني ، ثم قال : وقد اختلف فيه على طليق ، فرواه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن طليق عن أبي بردة عن أبي موسى ; ورواه أبو بكر بن عياش عن التيمي عن طليق عن عمران بن حصين ، وغير ابن عياش يرويه عن سليمان التيمي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، وهو المحفوظ عن التيمي انتهى كلامه .

                                                                                                        قال ابن القطان : وبالجملة فالحديث لا يصح ، لأن طليقا لا يعرف حاله ، وهو خزاعي انتهى كلامه .

                                                                                                        { حديث آخر } :

                                                                                                        أخرجه أبو داود في " الجهاد " عن يزيد بن أبي خالد الدالاني عن الحكم بن عتيبة عن ميمون بن أبي شبيب { عن علي أنه فرق بين جارية وولدها ، فنهاه عليه السلام عن ذلك ورد البيع }انتهى وضعفه أبو داود بأن ميمون بن شبيب لم يدرك عليا ; ورواه الحاكم في " المستدرك في البيوع وفي الجهاد " ، وقال في الموضعين : صحيح على شرط الشيخين انتهى . الحديث التاسع عشر :

                                                                                                        روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم وهب لعلي غلامين أخوين صغيرين ، ثم قال له : ما فعل الغلامان ؟ فقال : بعت أحدهما ، فقال له : أدرك أدرك }.

                                                                                                        قال : ويروى اردد اردد ; قلت : أخرجه الترمذي ، وابن ماجه عن الحجاج بن أرطاة عن الحكم بن عتيبة عن ميمون بن أبي شبيب عن { علي قال : وهب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غلامين أخوين ، فبعت أحدهما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا علي ما فعل غلامك ؟ فأخبرته ، فقال : [ ص: 486 ] رده رده }انتهى . قال الترمذي : حديث حسن غريب انتهى .

                                                                                                        قال أبو داود في " سننه " : ميمون بن أبي شبيب لم يدرك عليا ، فإنه قتل بالجماجم سنة ثلاث وثمانين انتهى . طريق آخر :

                                                                                                        أخرجه الدارقطني في " سننه " ، والحاكم في " المستدرك " عن شعبة عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي ، قال : { قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سبي ، فأمرني ببيع أخوين ، فبعتهما ، وفرقت بينهما ، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فقال : أدركهما ، فارتجعهما ، وبعهما جميعا ، ولا تفرق بينهما }انتهى .

                                                                                                        قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، قال ابن القطان في " كتابه " : ورواية شعبة لا عيب بها ، وهي أولى ما اعتمد في هذا الباب انتهى .

                                                                                                        طريق آخر : أخرجه أحمد ، والبزار في " مسنديهما " عن سعيد بن أبي عروبة عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى { عن علي أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع غلامين أخوين ، فبعتهما ، ففرقتهما ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : أدركهما ، فارتجعهما ، ولا تبعهما إلا جميعا }انتهى .

                                                                                                        قال صاحب " التنقيح " : هذا إسناد رجاله رجال الصحيحين ، إلا أن سعيد بن أبي عروبة لم يسمع من الحكم شيئا ، قاله أحمد ، والنسائي ، والدارقطني ، وغيرهم انتهى .

                                                                                                        قلت : رواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " ، وبينهما رجل مجهول ، فقال : أخبرنا محمد بن سواء ثنا ابن أبي عروبة عن صاحب له عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن به .

                                                                                                        قوله : وفيه ترك للرحمة على الصغار ، وقد أوعد عليه ; قلت : في الباب حديث : { ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، ويوقر كبيرنا } ، روي من حديث عبد الله بن عمرو بن [ ص: 487 ] العاص ; ومن حديث ابن عباس ; ومن حديث أنس ; ومن حديث عبادة بن الصامت ; ومن حديث أبي أمامة ; ومن حديث أبي هريرة ; ومن حديث جابر ، ومن حديث واثلة ; ومن حديث ضميرة . فحديث عبد الله بن عمرو : رواه أبو داود في " الأدب " حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن ابن عامر عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { من لم يرحم صغيرنا ، ولم يعرف حق كبيرنا فليس منا }" انتهى .

                                                                                                        وكذلك رواه البخاري في كتابه " المفرد في الأدب " ، وسمى ابن عامر عبيد الله بن عامر . وله طريق آخر : أخرجه الترمذي في " البر والصلة " عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا نحوه . وقال : حديث حسن صحيح ; ورواه البخاري في " كتابه المفرد في الأدب " ، وقال فيه : عن جده عبد الله بن عمر ، ورواه الحاكم في " المستدرك في كتاب الإيمان " . وقال : على شرط مسلم . وأما حديث ابن عباس : فأخرجه الترمذي أيضا عن شريك عن ليث بن أبي سليم عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا نحوه ، وقال : حديث غريب ; ورواه ابن حبان في [ ص: 488 ] صحيحه " ، وضعفه ابن القطان ، وقال : إنه من رواية شريك عن ليث بن أبي سليم ، وكلاهما فيه مقال ، انتهى .

                                                                                                        وأما حديث أنس : فأخرجه الترمذي أيضا عن زربي عن أنس مرفوعا نحوه ; وقال : حديث غريب ، قال : وزربي له مناكير عن أنس ، وغيره انتهى .

                                                                                                        قلت : رواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " حدثنا أبو ياسر عمار ثنا يوسف بن عطية ثنا ثابت عن أنس مرفوعا : ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، ويوقر كبيرنا انتهى .

                                                                                                        ورواه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " حدثنا يعلى بن عباد ثنا عبد الحكم ثنا أنس ، فذكره . وأما حديث عبادة بن الصامت :

                                                                                                        فرواه الطحاوي في " المشكل " حدثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا ابن وهب أخبرني مالك بن الخير الزيادي عن أبي قبيل عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " { ليس منا من لم يجل كبيرنا ، ويرحم صغيرنا }" انتهى .

                                                                                                        ورواه الطبراني في " معجمه " ، ومن جهة الطحاوي ذكره عبد الحق في " أحكامه " ، قال ابن القطان في كتابه " : ومالك بن الخير الزيادي روى عنه جماعة : منهم ابن وهب ، وحيوة بن شريح ، وزيد بن الحباب ، وبهذا الاعتبار سكت عنه أبو محمد عبد الحق ، وهو ممن لم تثبت عدالته انتهى .

                                                                                                        ورواه الترمذي الحكيم في " نوادر الأصول " بلفظ : { ليس من أمتي }. وأما حديث أبي أمامة :

                                                                                                        فرواه البخاري في " كتابه المفرد في الأدب " حدثنا محمود [ ص: 489 ] نحو الأول ; ورواه الطبراني أيضا في " معجمه " . وأما حديث أبي هريرة :

                                                                                                        فرواه البخاري أيضا في " كتابه المفرد في الأدب " حدثنا أحمد بن عيسى ثنا عبد الله بن وهب عن أبي صخر عن ابن قسيط عن أبي هريرة مرفوعا باللفظ الأول ; ورواه الحاكم في " المستدرك في آخر البر والصلة " ، وصحح إسناده . وأما حديث جابر :

                                                                                                        فرواه الطبراني في " معجمه الأوسط " حدثنا محمد بن محمد التمار ثنا سهل بن تمام بن بزيع ثنا مبارك بن فضالة عن أبي الزبير عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ حديث أنس . وأما حديث واثلة : فأخرجه الطبراني في " معجمه " حدثنا جعفر بن سليمان النوفلي المديني ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ثنا مسعر بن عيسى ثنا عبد الله بن يحيى بن عطاء بن سليل عن الزهري عن واثلة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، ولم يجل كبيرنا }" . وأما حديث ضميرة : فأخرجه الطبراني في " معجمه " حدثنا أحمد بن سهيل بن أيوب الأهوازي ثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، ولم يعرف حق كبيرنا ، وليس منا من غشنا ، ولا يكون المؤمن مؤمنا حتى يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه }"

                                                                                                        الحديث العشرون : روي { أنه عليه السلام فرق بين مارية وسيرين }; قلت : رواه البزار [ ص: 490 ] في " مسنده " حدثنا محمد بن زياد ثنا سفيان بن عيينة ثنا بشير بن المهاجر عن عبد الله بن بريدة عن أبيه ، قال : { أهدى المقوقس القبطي لرسول الله صلى الله عليه وسلم جاريتين ، وبغلة كان يركبها ، فأما إحدى الجاريتين فتسراها ، فولدت له إبراهيم ، وهي مارية ، أم إبراهيم ، وأما الأخرى فوهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت ، وهي أم عبد الرحمن بن حسان }انتهى .

                                                                                                        قال البزار : هذا حديث وهم فيه محمد بن زياد ، فرواه عن ابن عيينة عن بشير بن المهاجر ، وابن عيينة ليس عنده عن بشير بن مهاجر ، ولكن روى هذا الحديث عن بشير بن مهاجر حاتم بن إسماعيل ، ودلهم بن دهثم انتهى .

                                                                                                        قلت : هكذا رواه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " حدثنا خالد بن خداش ثنا حاتم بن إسماعيل ثنا بشير بن المهاجر به سندا ومتنا ، وذكر أن هذا الحديث في " صحيح ابن خزيمة " ، وأخرجه البيهقي في " دلائل النبوة " بسند آخر مرسل من طريق ابن إسحاق حدثني الزهري عن عبد الرحمن بن عبد القاري { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية بكتاب ، فقبل الكتاب ، وأكرم حاطبا ، وأحسن نزله ، وسرحه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأهدى له مع حاطب كسوة ، وبغلة مسروجة ، وخادمتين : إحداهما أم إبراهيم ، وأما الأخرى : فوهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لجهم بن قيس العبدي } ، وهي أم زكريا بن جهم الذي كان خليفة عمرو بن العاص على مصر انتهى .

                                                                                                        وهذا مخالف لما رواه البزار أن الأخرى أهداها لحسان ، ويجمع بينهما بحديث آخر رواه البيهقي عقيب الحديث المذكور من حديث أبي بشر أحمد بن محمد الدولابي ثنا أبو الحارث أحمد بن سعيد [ ص: 491 ] الفهري ثنا هارون بن يحيى الحاطبي ثنا إبراهيم بن عبد الرحمن حدثني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه ثنا يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه عن جده { حاطب بن أبي بلتعة ، قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك الإسكندرية ، فجئته بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلني في منزله ، وأقمت عنده ، ثم بعث إلي ، وقد جمع بطارقته ، إلى أن قال : وهذه هدايا أبعث بها معك إلى محمد ، قال : فأهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث جوار منهن أم إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وواحدة وهبها عليه السلام لأبي جهيم بن حذيفة العدوي ، وواحدة وهبها لحسان بن ثابت الأنصاري } ، مختصر . أحاديث الباب :

                                                                                                        أخرج مسلم في " الجهاد " عن { سلمة بن الأكوع ، قال : خرجنا مع أبي بكر ، فغزونا فزارة ، إلى أن قال : فجئت بهم إلى أبي بكر ، وفيهم امرأة معها ابنة لها من أحسن العرب ، فنفلني أبو بكر ابنتها ، فقدمت المدينة ، فقال لي عليه السلام : يا سلمة هب لي المرأة ، قلت : هي لك ، ففدى بها أسارى بمكة } ، مختصر . والحديث فيه ثلاثة أحكام : التفريق بين الكبار ، وبه بوب عليه أبو داود باب " التفريق بين المدركات " ، وفيه التنفيل ، والفداء بالأسارى ، وبه بوب عليه مسلم .

                                                                                                        حديث آخر :

                                                                                                        رواه الحاكم في " المستدرك " ، والدارقطني ، في " سننه " من حديث عبد الله بن عمرو بن حسان ثنا سعيد بن عبد العزيز سمعت مكحولا يقول : حدثنا نافع بن محمود بن الربيع عن أبيه أنه سمع عبادة بن الصامت يقول : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفرق بين الأم وولدها فقيل : يا رسول الله إلى متى ؟ قال : حتى يبلغ الغلام ، وتحيض الجارية }انتهى .

                                                                                                        قال الحاكم : حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، انتهى . قال صاحب " التنقيح " : وهذا خطأ والأشبه أن يكون هذا الحديث موضوعا ، ولم يخرجه أحمد ، ولا أحد من أصحاب الكتب الستة ، وقال الدارقطني : عبد الله بن عمرو بن حسان هو الواقعي ، وهو ضعيف الحديث . رماه علي بن المديني بالكذب ، ولم يروه [ ص: 492 ] عن سعيد غيره ، انتهى .

                                                                                                        وقال شيخنا شمس الدين الذهبي في " مختصر المستدرك " : بل هو حديث موضوع ، فإن عبد الله بن حسان كذاب ، انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية