الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( ولا بأس بأن يصلي على بساط فيه تصاوير ) لأنه فيه استهانة بالصور ( ولا يسجد على التصاوير ) لأنه يشبه عبادة الصورة ، وأطلق الكراهة في الأصل لأن المصلى معظم . [ ص: 111 ]

                                                                                                        ( ويكره أن يكون فوق رأسه في السقف أو بين يديه أو بحذائه تصاوير أو صور معلقة ) لحديث جبريل : { إنا لا ندخل بيتا فيه كلب أو صورة }ولو كانت الصورة صغيرة بحيث لا تبدو للناظر لا يكره ; لأن الصغار جدا لا تعبد ( وإذا كان التمثال مقطوع الرأس ) أي ممحو الرأس ( فليس بتمثال ) لأنه لا يعبد بدون الرأس ، وصار كما إذا صلى إلى شمع أو سراج ، على ما قالوا ( ولو كانت الصورة على وسادة ملقاة أو على بساط مفروش لا يكره ) لأنها تداس وتوطأ ، بخلاف ما إذا كانت الوسادة منصوبة ، أو كانت على السترة ; لأنه تعظيم لها ، وأشدها كراهية أن تكون أمام المصلي ، ثم من فوق رأسه ، ثم على يمينه ، ثم على شماله ، ثم خلفه . ( ولو لبس ثوبا فيه تصاوير يكره ) لأنه يشبه حامل الصنم ، والصلاة جائزة في جميع ذلك لاستجماع شرائطها ، وتعاد على وجه غير مكروه ، وهذا الحكم في كل صلاة أديت [ ص: 112 ] مع الكراهة ( ولا يكره تمثال غير ذي الروح ) لأنه لا يعبد .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث السابع والتسعون : : حديث جبرائيل : { إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا [ ص: 112 ] صورة } ، قلت : روي من حديث ابن عمر ، ومن حديث ميمونة ، ومن حديث عائشة . فحديث ابن عمر أخرجه البخاري في " صحيحه " في كتاب بدء الخلق في باب إذا قال أحدكم آمين ، والملائكة في السماء ، فوافقت إحداهما الأخرى ، غفر له ما تقدم من ذنبه " عن عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله عن عم أبيه سالم بن عبد الله عن أبيه ، قال : { واعد النبي صلى الله عليه وسلم جبرائيل ، فراث عليه أي أبطأ ، حتى شق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم وخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه ، فقال : إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة } ، انتهى .

                                                                                                        وأما حديث ميمونة : فأخرجه مسلم في " اللباس " عن ابن عباس ، قال : أخبرتني ميمونة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح يوما واجما ، فقالت له ميمونة : قد استنكرت هيئتك منذ اليوم ، قال : إن جبرائيل كان وعدني أن يلقاني الليلة ، فلم يلقني ، ثم وقع في نفسه جرو كلب تحت فسطاط لنا ، فأمر به ، فأخرج ، ثم أخذ بيده ماء فنضح مكانه ، فلما لقيه جبرائيل ، قال : إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ، ولا صورة ، فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بقتل الكلاب ، حتى أنه ليأمر بقتل كلب الحائط الصغير ، ويترك كلب الحائط الكبير }. انتهى .

                                                                                                        وأما حديث عائشة : فأخرجه مسلم أيضا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنها ، قالت : { واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبرائيل في ساعة يأتيه فيها ، فجاءت تلك الساعة ، ولم يأته ، وفي يده عصا فألقاها من يده ، وقال : ما يخلف الله وعده ولا رسله ، ثم التفت ، فإذا جرو كلب تحت سريره ، فقال : ما هذا يا عائشة ؟ متى دخل هذا الكلب هاهنا ؟ فقالت : والله ما دريت فأمر به ، فأخرج ، فجاء جبرائيل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : واعدتني ، فجلست لك ، فلم تأت فقال : منعني الكلب الذي كان في بيتك إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة }انتهى .

                                                                                                        أحاديث الباب : أخرج الأئمة الستة في " كتبهم " عن أبي طلحة الأنصاري ، واسمه " زيد بن سهيل " أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : { لا يدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا [ ص: 113 ] صورة }. انتهى .

                                                                                                        لمسلم ، ولبعضهم فيه قصة ، وزاد فيه البخاري : يريد صورة التماثيل التي فيها الأرواح ، ذكره في " المغازي في باب شهود الملائكة بدرا " ، ولمسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا : { لا يدخل الملائكة بيتا فيه تماثيل أو تصاوير }. انتهى . ( حديث آخر ) : أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد في " مسنده " وابن حبان في " صحيحه " عن عبد الله بن نجي عن أبيه عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة ولا جنب } انتهى ، لم يذكر ابن ماجه فيه : الجنب ، وعبد الله بن نجي فيه مقال ، وزاد أحمد فيه { ولا صورة روح } ، ولشيخنا علاء الدين هاهنا وهمان ، قلد فيهما غيره : أحدهما : أنه لم يعز الحديث إلا لأبي داود والترمذي ، من حديث أبي هريرة ، وقد قدمنا أنه في " الصحيحين " . والثاني : أن حديث أبي هريرة عند أبي داود والترمذي ليس فيه ذكر الملائكة ، وهذا لفظهما عن مجاهد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أتاني جبرائيل ، فقال لي : أتيتك البارحة ، فلم يمنعني أن أدخل ، إلا أنه كان في باب البيت تمثال الرجال ، وكان في البيت قرام ستر ، فيه تماثيل ، وكان في البيت كلب ، فمر برأس التمثال ، فليقطع ، فيصير كهيئة الشجرة ، ومر بالستر ، فليقطع وليجعل فيه وسادتين منتبذتين توطآن ، ومر بالكلب فليخرج ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا الكلب للحسن . أو للحسين ، كان تحت نضد لهم ، فأمر به ، فأخرج }. انتهى .

                                                                                                        رواه أبو داود في " اللباس " والترمذي في " الاستئذان " والنسائي في " الزينة " ، ورواه ابن حبان في " صحيحه " ، وهذا ليس فيه ذكر الملائكة ، وإنما هو مخصوص بجبرائيل ، في واقعة مخصوصة ، فليس هذا حديث الكتاب لا لفظا ، ولا معنى ، ويا ليته ذكره من حديث أبي طلحة . واعلم أن المصنف رحمه الله استدل بهذا الحديث على شيء ، وهو غير مطابق لمقصوده ، فإنه قال : ويكره أن يكون فوق رأسه ، أو بين يديه ، أو بحذائه تصاوير ، أو [ ص: 114 ] كلب أو صورة " ، ثم قال : ولو صلى على بساط فيه تصاوير ، فلا بأس ، لأن فيه استهانة بالصورة ، فالحديث عام بالنسبة إلى كل صورة ، وكلام المصنف خاص بالصورة المعلقة ، وقد يستدل له بحديث أخرجه النسائي عن أبي هريرة ، قال : { استأذن جبرائيل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ادخل ، فقال : كيف أدخل ، وفي بيتك ستر فيه تصاوير ؟ إما أن تقطع رءوسها . أو يجعل بساطا يوطأ ، فإنا معشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه تصاوير }. انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في " صحيحه " ، ولفظه : { فإن كنت لا بد فاعلا فاقطع رءوسها ، أو اقطعها وسائد ، أو اجعلها بسطا }. انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه البخاري في " صحيحه " في كتاب المظالم " { عن عائشة أنها اتخذت على سهوة لها سترا ، فيه تماثيل ، فهتكه النبي صلى الله عليه وسلم قالت : فاتخذت منه نمرقتين ، فكانتا في البيت تجلس عليهما }. زاد أحمد في " مسنده " ، { فلقد رأيته متكئا على إحداهما ، وفيها صورة }. ( حديث آخر ) 8 : رواه الطبراني في " معجمه الوسط " حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا عبد الله بن عمر بن أبان ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن سليمان بن أرقم عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة ، يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم في { التماثيل ، أنه رخص فيما كان يوطأ ، وكره ما كان منصوبا }. انتهى . وقال : لم يروه عن ابن سيرين إلا سليمان بن أرقم . انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية