الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( ومن شك في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا وذلك أول ما عرض له استأنف ) لقوله عليه الصلاة والسلام { إذا شك أحدكم في صلاته أنه كم صلى فليستقبل الصلاة } [ ص: 202 - 203 ] ( وإن كان يعرض له كثيرا بنى على أكبر رأيه ) لقوله عليه الصلاة والسلام { من شك في صلاته فليتحر الصواب }( وإن لم يكن له رأي بنى على اليقين ) لقوله عليه الصلاة والسلام { من شك في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا بنى على الأقل }والاستقبال [ ص: 204 ] بالسلام أولى ; لأنه عرف محللا دون الكلام ، ومجرد النية يلغو ، وعند البناء على الأقل يقعد في كل موضع يتوهم آخر صلاته كي لا يصير تاركا فرض القعدة ، والله أعلم .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثالث والثلاثون بعد المائة : قال عليه السلام : { إذا شك أحدكم في صلاته ، أنه كم صلى ، فليستقبل الصلاة } ، قلت : حديث غريب ، وأخرج ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن ابن عمر ، قال في الذي لا يدري كم صلى ، أثلاثا أو أربعا ، قال : يعيد حتى يحفظ ، انتهى وفي لفظ : قال : أما أنا إذا لم أدر كم صليت . فإني [ ص: 203 ] أعيد . انتهى . وأخرج نحوه عن سعيد بن جبير وابن الحنفية وشريح .

                                                                                                        الحديث الرابع والثلاثون بعد المائة : وقال عليه السلام : { من شك في صلاته }. فليتحر الصواب ، قلت : أخرجه البخاري ومسلم عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود مرفوعا : { وإذا شك أحدكم ، فليتحر الصواب ، فليتم عليه }وفيه قصة ، وقد تقدم أول الباب .

                                                                                                        ومذهب الشافعي أنه يبني على اليقين مطلقا ، في الصور كلها ، ويأخذ بحديث الخدري وبحديث عبد الرحمن بن عوف الآتيين ، وعندنا : إن كان له ظن بنى على غالب ظنه ، وإلا فبنى على اليقين ، وحجتنا حديث ابن مسعود هذا ، قال البيهقي في " المعرفة " : وحديث ابن مسعود هذا رواه الحكم بن عتيبة والأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ، دون لفظ : التحري ، ورواها إبراهيم بن سويد عن عبد الله ، دون لفظ : التحري ، فيشبه أن يكون من جهة ابن مسعود ، أو من دونه ، فأخرج في الحديث ، قال قائل منهم : إن منصور بن المعتمر من حفاظ الحديث وثقاتهم ، وقد روى القصة بتمامها ، وفيها لفظ : التحري ، مضافا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم وقد رواها عنه جماعة من الحفاظ ، كمسعر والثوري وشعبة ووهيب بن خالد وفضيل بن عياض وجرير وغيرهم .

                                                                                                        والزيادة من الثقة مقبولة ، إذا لم يكن فيها خلاف الجماعة ، قلنا : عن ذلك جوابان . أحدهما : أن التحري يكون بمعنى اليقين ، قال الله تعالى : { فأولئك تحروا رشدا } ، ذكر ذلك أبو سليمان الخطابي . الثاني : قال الشافعي : وهو أن قوله : فليتحر الصواب ، معناه ، فليتحر الذي يظن أنه نقصه ، فيتمه ، فيكون التحري أن يعيد ما شك فيه ، ويبني على حال يستيقن فيها ، قال : وهو عندي مطابق لحديث الخدري ، إلا أن الألفاظ قد تختلف ، لسعة الكلام في الأمر الذي معناه واحد . انتهى كلامه .

                                                                                                        الحديث الخامس والثلاثون بعد المائة : وقال عليه السلام : { من شك في صلاته ، [ ص: 204 ] فلم يدر ، أثلاثا صلى ، أم أربعا ، بنى على الأقل } ، قلت : أخرجه الترمذي وابن ماجه عن محمد بن إسحاق عن مكحول عن كريب عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم . يقول : " { إذا سها أحدكم في صلاته ، فلم يدر ، واحدة صلى ، أم ثنتين فليبن على واحدة ، فإن لم يدر ، أثلاثا صلى ، أم أربعا ، فليبن على ثلاث ، وليسجد سجدتين قبل أن يسلم }. انتهى . قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، ولفظ ابن ماجه : { إذا سها أحدكم في صلاته ، فلم يدر ، واحدة صلى ، أم ثنتين ، فليجعلها واحدة ، وإذا شك في الثنتين والثلاث ، فليجعلها ثنتين وإذا شك في الثلاث والأربع ، فليجعلها ثلاثا ، ثم ليتم ما بقي من صلاته ، حتى يكون الوهم في الزيادة ، ثم يسجد سجدتين ، وهو جالس قبل أن يسلم } ، انتهى .

                                                                                                        وأخرجه الحاكم في " المستدرك " ، ولفظه : فلم يدر ، أثلاثا صلى ، أم أربعا ، فليتم ، فإن الزيادة خير من النقصان . انتهى .

                                                                                                        وقال : حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه . انتهى وتعقبه الذهبي في " مختصره " ، فإن فيه عمار بن مطر الرهاوي ، وقد تركوه . انتهى . وعمار ليس في السنن .

                                                                                                        أحاديث الباب : أخرج مسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي : { إذا شك أحدكم في صلاته ، فلم يدر ، كم صلى ، فليبن على اليقين ، حتى إذا استيقن أن قد أتم ، فليسجد سجدتين قبل أن يسلم ، فإنه إن كانت صلاته وترا ، شفعها ، [ ص: 205 ] وإن كانت شفعا ، كان ذلك ترغيما للشيطان }. انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الحاكم في " أواخر الصلاة " عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا صلى أحدكم ، فلم يدر ، كم صلى ، ثلاثا أو أربعا ، فليركع ركعة يحسن ركوعها ، وليسجد سجدتين }. انتهى . قال : حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه بهذه الزيادة ، من ذكر الركعة . انتهى كلامه




                                                                                                        الخدمات العلمية