الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( فإن ) ( لم يستطع الركوع والسجود ) ( أومأ إيماء ) يعني قاعدا ; لأنه وسع مثله ( وجعل سجوده أخفض من ركوعه ) ; لأنه قائم مقامهما ، فأخذ [ ص: 206 ] حكمهما ( ولا يرفع إلى وجهه شيئا يسجد عليه ) لقوله عليه الصلاة والسلام " { إن قدرت أن تسجد على الأرض فاسجد ، وإلا فأومئ برأسك }فإن فعل ذلك وهو يخفض رأسه أجزأه لوجود الإيماء ، وإن وضع ذلك على جبهته لا يجزئه لانعدامه . [ ص: 207 ] ( فإن لم يستطع القعود استلقى على ظهره ، وجعل رجليه إلى القبلة ، وأومأ بالركوع والسجود ) ; لقوله عليه الصلاة والسلام { يصلي المريض قائما ، فإن لم يستطع فقاعدا ، فإن لم يستطع فعلى قفاه يومئ إيماء ، فإن لم يستطع فالله تعالى أحق بقبول العذر منه }

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث السابع والثلاثون بعد المائة : قال عليه السلام : { إن قدرت أن تسجد [ ص: 206 ] على الأرض ، وإلا أومئ برأسك } ، قلت : روي من حديث جابر ، ومن حديث ابن عمر أما حديث جابر ، فأخرجه البزار في " مسنده " . والبيهقي في " المعرفة " عن أبي بكر الحنفي ثنا سفيان الثوري ثنا أبو الزبير عن جابر ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد مريضا ، فرآه يصلي على وسادة ، فأخذها ، فرمى بها ، فأخذ عودا ليصلي عليه ، فأخذه ، فرمى به . وقال : صل على الأرض إن استطعت ، وإلا فأومئ إيماء ، واجعل سجودك أخفض من ركوعك }. انتهى قال البزار : لا نعلم أحدا رواه عن الثوري إلا أبو بكر الحنفي .

                                                                                                        وقال البيهقي : هو يعد في أفراد أبي بكر الحنفي ، وقد تابعه عبد الوهاب بن عطاء عن الثوري ، وهذا يحتمل أن يكون في وسادة مرفوعة إلى جبهته ، ويحتمل أن تكون موضوعة على الأرض ، والله أعلم . انتهى .

                                                                                                        وقال عبد الحق في " أحكامه " : رواه أبو بكر الحنفي ، وكان ثقة عن الثوري عن أبي الزبير عن جابر ، ولا يصح من حديثه إلا ما ذكر فيه السماع ، أو كان من رواية الليث عن أبي الزبير انتهى .

                                                                                                        طريق آخر : رواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " حدثنا أبو الربيع حدثنا حفص بن أبي داود عن محمد بن عبد الرحمن عن عطاء عن جابر بن عبد الله ، قال : عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث .

                                                                                                        وأما حديث ابن عمر ، فرواه الطبراني في " معجمه " حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني شباب العصفري ، ثنا سهل أبو غياث حدثنا حفص بن سليمان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن ابن عمر ، قال : عاد النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من [ ص: 207 ] أصحابه مريضا ، فذكره . طريق آخر : رواه في " معجمه الوسيط " حدثنا عبد الله بن بكر السراج ثنا شريح بن يونس ثنا قران بن تمام عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { : من استطاع منكم أن يسجد فليسجد ، ومن لم يستطع ، فلا يرفع إلى جبهته شيئا يسجد عليه وليكن ركوعه وسجوده ، يومئ برأسه } ، انتهى

                                                                                                        الحديث الثامن والثلاثون بعد المائة : قال عليه السلام : { يصلي المريض قائما ، فإن [ ص: 208 ] لم يستطع فقاعدا ، فإن لم يستطع ، فعلى قفاه ، يومئ إيماء ، فإن لم يستطع ، فالله أحق بقبول العذر منه } ، قلت : حديث غريب ، وأخرج الدارقطني في " سننه " عن الحسن بن الحسين العرني ثنا حسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن حسين عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { يصلي المريض قائما ، فإن لم يستطع ، صلى قاعدا ، فإن لم يستطع أن يسجد ، أومأ ، وجعل سجوده أخفض من ركوعه ، فإن لم يستطع أن يصلي قاعدا ، صلى على جنبه الأيمن ، مستقبل القبلة ، فإن لم يستطع صلى مستلقيا ، رجلاه مما يلي القبلة }. انتهى وأعله عبد الحق في [ ص: 209 ] أحكامه " بالحسن العرني ، وقال : كان من رؤساء الشيعة ، ولم يكن عندهم بصدوق ، ووافقه ابن القطان ، قال : وحسين بن زيد لا يعرف له حال انتهى .

                                                                                                        وقال ابن عدي : روى أحاديث مناكير ، ولا يشبه حديثه حديث الثقات .

                                                                                                        وقال ابن حبان : يروي المقلوبات ، ويأتي عن الأثبات بالمرويات . انتهى . وحسين بن زيد ، هو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، قال عبد الرحمن بن أبي حاتم : قلت لأبي : ما تقول فيه ؟ فحرك يده وقلبها " يعني تعرف ، وتنكر ؟ " ، وقال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به ، إلا أني وجدت في حديثه بعض النكرة . انتهى .

                                                                                                        واعلم أن المصنف احتج بهذا الحديث على أن المريض إذا عجز عن القعود استلقى على ظهره ، مادا رجليه إلى القبلة ، والشافعي يخالف ، ويقول : يصلي على جنبه مستقبلا بوجهه ، وحجته حديث عمران بن حصين المتقدم ، وحديث علي ليس بحجة لنا .




                                                                                                        الخدمات العلمية