الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 241 ] ( ومن أدرك الإمام يوم الجمعة صلى معه ما أدركه ، وبنى عليها الجمعة ) لقوله عليه الصلاة والسلام { ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا }( وإن كان أدركه في التشهد أو في سجود السهو بنى عليها الجمعة عندهما ، وقال محمد رحمه الله : إن أدرك معه أكثر الركعة الثانية بنى عليها الجمعة ، وإن أدرك أقلها بنى عليها الظهر ) ; لأنه جمعة من وجه ظهر من وجه لفوات بعض [ ص: 242 ] الشرائط في حقه ، فيصلي أربعا اعتبارا للظهر ، ويقعد لا محالة على رأس الركعتين اعتبارا للجمعة ، ويقرأ في الأخريين لاحتمال النفلية ، ولهما أنه مدرك للجمعة في هذه الحالة ، حتى يشترط نية الجمعة ، وهي ركعتان ، ولا وجه لما ذكر لأنهما مختلفان فلا يبنى أحدهما على تحريمة الآخر .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الرابع : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " { ما أدركتم ، فصلوا ، وما فاتكم فاقضوا } ، قلت : [ ص: 242 ] أخرجه الأئمة الستة في " كتبهم " عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا أقيمت الصلاة ، فلا تأتوها تسعون ، وأتوها تمشون ، وعليكم السكينة ، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا }انتهى أخرجه البخاري في " الأذان والجمعة " . ومسلم في " أثناء الصلاة " وأبو داود والترمذي وابن ماجه في " المساجد " والنسائي في " سننه " ، ولفظهم الجميع فيه : وأتموا وأخرجه أحمد في " مسنده " . وابن حبان في " صحيحه " في النوع الثامن والتسعين ، من القسم الأول ، عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ، مرفوعا : { وما فاتكم فاقضوا } ، قال مسلم : أخطأ ابن عيينة في هذه اللفظة ، ولا أعلم رواها عن الزهري غيره .

                                                                                                        وقال أبو داود : قال فيه ابن عيينة وحده : فاقضوا ، وقال البيهقي : لا أعلم روى عن الزهري : واقضوا إلا ابن عيينة وحده وأخطأ . انتهى . وفيما قالوه نظر ، فقد رواها أحمد في " مسنده " عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري به ، وقال : فاقضوا . رواه البخاري في " كتابه المفرد في الأدب " من حديث الليث عن الزهري ، وقال : فاقضوا ، ومن حديث سليمان عن الزهري به ، نحوه ، ومن حديث الليث ، حدثنا يونس عن الزهري عن أبي سلمة ، وسعيد عن أبي هريرة به كذلك . ورواه أبو نعيم في " المستخرج " عن أبي داود الطيالسي عن ابن أبي ذئب عن الزهري به نحوه ، فقد [ ص: 243 ] تابع ابن عيينة جماعة ، وبين اللفظين بون ، من جهة الاستدلال ، فاستدل بقوله : فأتموا ، من قال : إن ما يدركه المأموم هو أول صلاته ، واستدل بقوله : فاقضوا ، من قال : إنما يدركه ، هو آخر صلاته ، قال صاحب " تنقيح التحقيق " : والصواب أنه ليس بين اللفظين فرق ، أن القضاء هو الإتمام في عرف الشارع ، قال الله تعالى : { فإذا قضيتم مناسككم } ، وقال تعالى : { فإذا قضيت الصلاة } ، انتهى .

                                                                                                        وفي لفظ لمسلم : { صل ما أدركت ، واقض ما سبقك }وأخرج أبو داود عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة ، قال : ائتوا الصلاة ، وعليكم السكينة ، فصلوا ما أدركتم ، واقضوا ما سبقكم . انتهى . قال أبو رافع : عن أبي هريرة ، وأما أبو ذر فاختلف عنه ، فروي عنه ، فأتموا ، وروي عنه ، فاقضوا . انتهى كلامه .




                                                                                                        الخدمات العلمية