[ ص: 533 - 535 ] ( ) لقوله صلى الله عليه وسلم { ولا يصومون يوم الشك إلا تطوعا }وهذه المسألة على وجوه : أحدها : أن ينوي صوم رمضان ، وهو مكرره لما روينا ; ولأنه تشبه بأهل الكتاب ; لأنهم زادوا في مدة صومهم ، ثم إن ظهر أن اليوم من رمضان يجزئه ; لأنه شهد الشهر وصامه ، وإن ظهر أنه من شعبان كان تطوعا ، وإن أفطر لم يقضه ; لأنه في معنى المظنون . والثاني : أن ينوي عن واجب آخر ، وهو مكروه أيضا لما روينا ، إلا أن هذا دون الأول في الكراهة ، ثم إن ظهر أنه من رمضان يجزئه ; لوجود أصل النية ، وإن ظهر أنه من شعبان فقد قيل : يكون تطوعا ; لأنه منهي عنه ، فلا يتأدى به الواجب ، وقيل : يجزئه عن الذي نواه ، وهو الأصح ; لأن المنهي عنه وهو التقدم على رمضان بصوم رمضان لا يقوم بكل صوم ، بخلاف يوم العيد ; لأن المنهي عنه وهو ترك الإجابة يلازم كل صوم ، والكراهة ها هنا لصورة النهي . لا يصام اليوم الذي يشك فيه أنه من رمضان إلا تطوعا
والثالث : أن ينوي التطوع ، وهو غير مكروه ، لما روينا ، وهو حجة على رحمه الله في قوله : يكره على سبيل الابتداء ، والمراد بقوله صلى الله عليه وسلم { الشافعي }الحديث ، التقدم بصوم رمضان ; لأنه يؤديه قبل أوانه ، ثم إن وافق صوما كان يصومه فالصوم أفضل بالإجماع ، وكذا إذا صام ثلاثة أيام من آخر الشهر فصاعدا ، وإن أفرده فقد قيل : الفطر [ ص: 536 ] أفضل ، احترازا عن ظاهر النهي ، وقد قيل : الصوم أفضل . [ ص: 537 ] اقتداء لا تتقدموا رمضان بصوم يوم ولا بصوم يومين بعلي وعائشة رضي الله عنهما ، فإنهما كانا يصومانه .
والمختار أن يصوم المفتي بنفسه ، أخذا بالاحتياط ، ويفتي العامة بالتلوم إلى وقت الزوال ، ثم بالإفطار نفيا للتهمة . والرابع : أن يضجع في أصل النية بأن ينوي أن يصوم غدا إن كان من رمضان ، ولا يصومه إن كان من شعبان وفي هذا الوجه لا يصير صائما ; لأنه لم يقطع عزيمته ، فصار كما إذا نوى أنه إن وجد غدا غذاء يفطر ، وإن لم يجد يصوم .
والخامس : أن يضجع في وصف النية بأن ينوي إن كان غدا من رمضان يصوم عنه ، وإن كان من شعبان فعن واجب آخر وهذا مكروه ، لتردده بين أمرين مكروهين ثم إن ظهر أنه من رمضان أجزأه ; لعدم التردد في أصل النية ، وإن ظهر أنه من شعبان لا يجزيه عن واجب آخر ; لأن الجهة لم تثبت للتردد فيها ، وأصل النية لا يكفيه ، لكنه يكون تطوعا غير مضمون بالقضاء لشروعه فيه مسقطا . وإن ، يكره ; لأنه ناو للفرض من وجه ، ثم إن ظهر أنه من رمضان أجزأه عنه لما مر ، وإن ظهر أنه من شعبان جاز عن نفله ; لأنه يتأدى بأصل النية ، ولو أفسده يجب أن لا يقضيه ; لدخول الإسقاط في عزيمته من وجه . نوى عن رمضان إن كان غدا منه وعن التطوع إن كان من شعبان
[ ص: 535 ]