مسألة : اليقين يزول بالشك
قال الشافعي رضي الله عنه : " ومن أو استيقن الطهارة ثم شك في الحدث فلا يزول اليقين بالشك " . استيقن الحدث ثم شك في الطهارة
قال الماوردي : وهذا صحيح ، أما إذا تيقن الحدث وشك بعده في الوضوء فإنه يبني على اليقين ويتوضأ ولا يأخذ بالشك إجماعا ، فأما إذا تيقن الوضوء ثم شك هل أحدث بعده أم لا فمذهب الشافعي ، وأبي حنيفة وجمهور الفقهاء أنه يبني على اليقين ولا يلزمه الوضوء ، وقال مالك يبني على الشك ويلزمه الوضوء ما لم يكثر ذلك عليه . وقال الحسن البصري : وإذ بنى على اليقين وإن كان في غير الصلاة بنى على الشك استدلالا بأن فرض الصلاة لا يسقط إلا بطهر لا شك فيه ألا تراه لو طرأ الشك عليه وهو في الصلاة لم يكن له أن يمسح عليهما تغليبا لحكم الشك لتكون الطهارة مؤداة بيقين كذلك إذا شك في الحدث ، والدليل على صحة ما ذهبنا إليه ما رواه شك في بعض زمان المسح على الخفين الشافعي عن سفيان عن الزهري عن عبد الله بن زيد قال : وروى شكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه الشيء في الصلاة فقال : لا ينتقل حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا الضحاك عن عثمان عن سعد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ولأن طروء الشك على اليقين يوجب البقاء على اليقين كما لو طرأ شك الطهر على الحدث بيقين . إن أحدكم إذا دخل في الصلاة جاء الشيطان فأنشر كما ينشر الرجال بدابته فإذا سكن له جاء الشيطان فأضرط بين أليتيه يفتنه عن صلاته فإذا وجد أحدكم مثل ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا
فأما استشهادهم بالمسح على الخفين في تغليب الشك ليقضي زمان المسح فالجواب عنه أنه لم يغلب الشك فيه وإنما غلب حكم الظاهر لأن الظاهر يقتضي المنع من المسح إلا على صفة فما لم ينقض الصفة وهو بقاء الزمان كان الظاهر مانعا من زوال المسح ، وليس يمنع أن نغلب حكم الظاهر ، وإنما الممتنع أن نغلب حكم الشك ، وكذلك كان الشك في الصلاة وفي الطلاق ملغى وفي اليقين معتبرا - والله أعلم - .