الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ويتفرع على هذا الأصل واختلاف الأوجه الثلاثة فيه فروع خمسة :

                                                                                                                                            فالفرع الأول منها : صورته في جنب غسل بعض بدنه للجنابة ثم أحدث قبل تمام الغسل فلا يخلو أعضاء الوضوء من ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن تكون أعضاء وضوئه من جملة الباقي من بدنه الذي لم يغسله من جنابته ، فهذا يتمم غسل الباقي من بدنه ، ويجزيه عن جنابته وحدثه ، ولا يلزمه ترتيب أعضاء الوضوء في باقي غسله ، لأن الحدث طرأ عليها ، وحكم الجنابة لم يزل عنها فلم يكن للحدث تأثير ، ولم يستحق لأجله ترتيب .

                                                                                                                                            والحالة الثانية : أن تكون أعضاء وضوئه قد غسلها قبل حدثه فهذا بالخيار بين أن يتمم باقي غسله ثم يتوضأ مرتبا من بعده ، فيكون غسل باقي البدن لتمام الغسل من جنابته ، واستئناف الوضوء لما طرأ من حدثه ، وبين أن يستأنف غسل جميع جسده فيجزئه عن جنابته وعن حدثه : لأنه لو فعل ذلك قبل أن يتقدم غسل بعض الأعضاء أجزأ فإذا فعله بعد غسل بعضها أولى ، لكن هل يلزمه إذا استأنف غسل جميع جسده أن يرتب أعضاء وضوئه في غسله أم لا ؟ على وجهين من المحدث إذا اغتسل بدلا من وضوئه هل يسقط حكم الترتيب أم لا ؟ على وجهين مضيا .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يكون قد غسل بعض أعضاء وضوئه وبقي بعضها كأن أحدث بعد غسل وجهه وذراعيه وبقي رأسه ورجلاه ، فهو بالخيار بين أن يتمم غسله ثم يغسل وجهه وذراعيه مرتبا دون رأسه ورجليه ، لأن طروء الحدث كان بعد بقاء حكم الجنابة في رأسه [ ص: 223 ] ورجليه ، فلم يكن للحدث تأثير فيهما ، وأثر في الوجه والذراعين لزوال حكم الجنابة عنهما قبل طروء الحدث عليهما ، وبين أن يستأنف الغسل من أوله لا يلزمه فيه ترتيب الرأس والرجلين ، لبقاء حكم الجنابة فيهما ، وهل يلزمه ترتيب الوجه والذراعين أم لا ؟ على وجهين فمن اغتسل بدلا من الوضوء لأن الوجه والذراعين قد نزل عنهما حكم الجنابة فلحقهما حكم الحدث .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية