الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وعلى الجنائز ويقرأ في المصحف ويسجد سجود القرآن " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا أراد أن يصلي على الجنازة بعد الفريضة بتيمم الفريضة لم يخل حالها من أحد أمرين : إما أنه يتعين عليه فرضها أو لا يتعين عليه ، فإن لم يتعين عليه فرضها لوجود غيره ممن يصلي عليها جاز أن يصلي عليها بتيمم الفريضة : لأنها سنة لها كالنوافل ، وإن تعين عليه فرضها لعدم غيره فعلى وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يجوز أن يصليها بتيمم الفريضة حتى يستأنف لها تيمما لكونها فرضا وهو قول أبي سعيد ، وأبي علي بن أبي هريرة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يجوز لأن الغالب من حالها أن فرضها غير متعين فكان حكم النادر ملحقا بالأغلب وهو قول أبي العباس ، وأبي إسحاق فعلى هذين الوجهين لو تعين عليه الفرض في الصلاة على جنازتين فعلى الوجه الأول يتيمم لكل واحدة منهما ، وعلى الوجه الثاني يصلي عليهما بتيمم واحد ، فأما سجود الشكر والسهو والقرآن وحمل المصحف فكل ذلك يجوز أن يفعل بتيمم الفريضة إذ ليس بشيء منه يتعين عليه فرضه فإذا كانت عليه صلاة نذر فالصحيح أنه لا يجوز أن يصليها بتيمم الفريضة حتى يستأنف لها تيمما : لأنها فرض [ ص: 261 ] عليه معين في الابتداء ، وفيه وجه آخر أنه يجوز أن يصليها بتيمم الفريضة : لأن فرضها الختم عليه باختياره ، وأنها قد تكثر وليست كالفرائض المحصورة ، وأما ركعتا الطواف فيجوز أن يصليهما بتيمم الطواف سواء قلنا بوجوبها أم لا : لأنها تبع للطواف وجبت أو استحبت ولكن لو أراد أن يصليها بتيمم فريضة صلاتها ، فإن قيل إنها سنة جاز كسائر النوافل وإن قيل إنها واجبة لم يجز بخلاف النذر : لأن وجوبها راتب بأصل الشرع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية