قال الماوردي : وأصل هذا ما رواه الشافعي عن مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة .
وروى الشافعي ، عن ابن عيينة ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد ، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأما نهى عن بيعتين وعن لبستين ، أما البيعتان فالملامسة والمنابذة ، وأما اللبستان فاشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء فهو ما فسره بيع الملامسة الشافعي من أن يأتي الرجل بثوبه مطويا ، أو في سفط ، أو تكون ظلمة ، فيقول : أبيعك هذا الثوب على أن تلمسه بيدك ، ولا خيار لك إذا أبصرته ، وعرفت طوله وعرضه ، فهذا بيع باطل للنهي عنه ، ولما فيه من الغرر لعدم النظر ، ولما تضمنه الشرط من إسقاط الخيار المستحق بالعقد .
( فأما ) : والنبذ في كلامهم الإلقاء . قال الله تعالى : بيع المنابذة فانبذ إليهم على سواء [ الأنفال : 58 ] وقال تعالى : فنبذوه وراء ظهورهم [ آل عمران : 187 ] أي : ألقوه . : أن يقول الرجل لصاحبه هو ذا أنبذ إليك ثوبي ، أو ما في كمي على أن تنبذ إلي ثوبك أو ما في كمك على أن كل واحد منهما بالآخر ، ولا خيار لواحد منا بعد [ ص: 338 ] النظر فهنا بيع باطل ، وكذا لو قال : هو ذا أنبذ إليك ما في كمي بدينار ولا خيار لك بعد نظرك إليه ، وهذا بيع باطل ، وإنما بطل بيع المنابذة للنهي عنه ، ولأن الغرر كثير فيه ، ولأن الخيار مسلوب منه . وصورة المنابذة
فصل : وروى عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيع العربان ، وروي عن نهى عن بيع الأربون ، وروي أنه نهى عن بيع المسكان .
وهو بيع قال مالك : وهو أن يشتري الرجل العبد ، أو يتكارى الدابة ، ثم يقول : أعطيتك دينارا على أني إن رجعت عن البيع والكراء فما أعطيتك .
وهذا بيع باطل : للنهي عنه ، ولحدوث الشرط فيه ، ولأن معنى القمار قد تضمنه . والله أعلم .
فصل : وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع العينة .
وروى عطاء الخرساني ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا تبايعتم العينة ، وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد ، سلط الله عليكم ذلا لا ينتزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " .
هو : أخذ العين بالربح ، يشتق الاسم من المعنى . وصورة بيع العينة
وقال الشاعر : وأنشدنيه أبو حامد الإسفراييني :
أيدان أم يعتان أم ينبري لنا فتى مثل نصل السيف هزت مضاربه
قوله : يدان : من الدين ، ويعتان : من العينة . والله أعلم .