فصل : الجواب عن استدلال المالكية
فأما الجواب عما استدل به مالك من قوله : " خلق الماء طهورا " فهو أنه محمول على الماء الكثير : لأنه سببه بئر بضاعة ولو كان عاما لخصصناه بما ذكرنا ، وأما الجواب عن قياسه على القلتين فهو أن المعنى في الكثير تعذر صونه عن النجاسة ، وقلة التحرز من حلولها فيه ، وأما الجواب عن جمعه بين ورود الماء على النجاسة وبين ورود النجاسة على الماء ففرق من وجهين : شرع ومعنى .
وأما الشرع فأمره صلى الله عليه وسلم بإراقة ولوغ الكلب ، وقد يطهر بدون ما فيه ، وأما المعنى فهو أن تنجيس الماء بوروده على النجاسة مؤد إلى أن لا تزول نجاسته عن محل إلا بقلتين ، وهذا شاق فسقط ، وتخمير ما دون القلتين من الماء من حلول النجاسة فيه غير شاق فلزم ، وصار ما دون القلتين ينجس بورود النجاسة عليه ، لأن حفظه منها بتخمير الإناء ممكن ، وصار وروده على الماء اضطرارا فلم ينجس .