الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من حكم النفاس ، وقدره ، فلا يخلو حال المرأة في ولادتها من أحد أمرين : إما أن تضع ما فيه خلق مصور أم لا ، فإن لم يكن فيما وضعته خلق مصور لا جلي ولا خفي ، كالعلقة والمضغة التي لا تصير بها أم ولد ، ولا تجب فيها عدة لم يكن الدم الخارج معه نفاسا ، وكان دم استحاضة أو حيض على حسب حاله : لأنه لما لم يحكم لما [ ص: 438 ] وضعته حكم الولد فيما سوى النفاس ، فكذلك في النفاس وإن كان فيه خلق مصور تقضي به العدة وتصير به أم ولد ، فلا يخلو من أن ترى معه دما أم لا ، فإن لم تر معه دما ، وقد يوجد هذا كثيرا في نساء الأكراد فقد اختلف أصحابنا في وجوب الغسل عليها على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو محكي عن أبي علي بن أبي هريرة أنه لا غسل عليها ، وبه قال أبو حنيفة ، لأن وجوب الغسل متعلق بانقطاع الدم ، فإذا عدم الدم لم يجب الغسل .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أبي العباس بن سريج ، أن الغسل عليها واجب به ، وبه قال مالك : لأن الولد مخلوق من مائها وماء الزوج ، فإذا ولدت فكأنما قد أنزلت ، فعلى هذا هل تغتسل في حال وضعها أو بعد مضي ساعة منه ؟ على وجهين من اختلافهم في أقل النفاس هل هو محدود بساعة أم لا ؟ على هذا لو كانت ولادتها في نهار رمضان فبطلان صومها على الوجهين ، إن قيل لا غسل عليها ، فهي على صومها وإن قيل بوجوب الغسل عليها بطل صومها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية