الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 99 ] [ القول في مصادر السنة ] :

                                                                                                                                            فأما القسم الأول فما تؤخذ منه السنة فهو مأخوذ عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - من ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            من قوله وفعله وإقراره .

                                                                                                                                            [ أقوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ] :

                                                                                                                                            فأما أقواله : فمطاع فيها ، قال الله تعالى : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم [ النساء : 59 ] .

                                                                                                                                            وهي على أربعة أضرب :

                                                                                                                                            أمر ، ونهي ، وخبر ، واستخبار ، فيطاع في أوامره ، ويتبع في نواهيه ، ويصدق في خبره ، ويجاب على استخباره .

                                                                                                                                            ثم تنقسم قسمين :

                                                                                                                                            أحدهما : ما ابتدأه .

                                                                                                                                            والثاني : ما كان جوابا عن سؤال .

                                                                                                                                            فأما المبتدأ من أقواله فيشتمل على خمسة أقسام : عبادات ، ومعاملات ، وترغيب ، وترهيب ، وتأديب .

                                                                                                                                            فأما العبادات فتتردد بين وجوب وندب .

                                                                                                                                            وأما المعاملات فتتردد بين إباحة وحظر .

                                                                                                                                            وأما الترغيب بالثواب فداع إلى الطاعة .

                                                                                                                                            وأما الترهيب بالعقاب فزاجر عن المعصية .

                                                                                                                                            وأما التأديب فباعث على الجملة والألفة . وبهذا تتم مصالح الدين والدنيا .

                                                                                                                                            وأما ما كان جوابا عن سؤال : فينقسم ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : ما قابل السؤال فلم يزد عليه ولم ينقص منه كما سئل عن الاستطاعة في الحج فقال : " زاد وراحلة " وهذا حد الجواب أن يكون مطابقا للسؤال .

                                                                                                                                            والثاني : أن يكون الجواب أزيد من السؤال كما سئل عن ماء البحر فقال هو الطهور ماؤه الحل ميتته " . فتكون الزيادة على السؤال بيان شرع مبتدأ .

                                                                                                                                            والثالث : أن يكون الجواب أنقص من السؤال فله أربعة أحوال :

                                                                                                                                            إحداها : أن يكون نقصان الجواب لخطأ السائل في السؤال كما سئل عما يلبس المحرم فقال : لا يلبس قميصا ولا عمامة .

                                                                                                                                            [ ص: 100 ] والحال الثانية : أن يكون في كتاب الله بيان لبقية السؤال كما يسأله عمر عن الكلالة فقال : " تكفيك آية الصيف " .

                                                                                                                                            والثالثة : أن يكون في بعض الجواب تنبيه على بقية الجواب كما سأله . عمر عن قبلة الصائم فقال " أرأيت لو تمضمضت ؟ " .

                                                                                                                                            والحال الرابعة : أن يكون لتوقف عنه ، فإن لم يكن له تعلق بالديانات لم يلزمه إتمام الجواب ، وإن تعلق بالديانات لزمه إتمام الجواب لما فيه من إظهار دين الله فيه ، وليس يتوقف إلا ليتوقع أمر الله وبيانه كما سأله أسيد بن حضير عن الحيض فتوقف حتى نزل قوله تعالى ويسألونك عن المحيض قل هو أذى [ البقرة 222 ] .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية