الفصل الأول .
في الرباع .
فأما
nindex.php?page=treesubj&link=15798الرباع والأصول : فيجوز أن تقسم بالتراضي وبالسهمة إذا عدلت بالقيمة ، اتفق أهل العلم على ذلك اتفاقا مجملا ، وإن كانوا اختلفوا في محل ذلك وشروطه . والقسمة لا تخلو أن تكون في محل واحد أو في محال كثيرة :
فإذا كانت في محل واحد : فلا خلاف في جوازها إذا انقسمت إلى أجزاء متساوية بالصفة ، ولم تنقص منفعة الأجزاء بالانقسام ، ويجبر الشركاء على ذلك .
وأما إذا انقسمت إلى ما لا منفعة فيه : فاختلف في ذلك
مالك وأصحابه ، فقال
مالك : إنها تقسم بينهم إذا دعا أحدهم إلى ذلك ولو لم يصر لواحد منهم إلا ما لا منفعة فيه ، مثل قدر القدم ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13469ابن كنانة من أصحابه فقط ، وهو قول
أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وعمدتهم في ذلك قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=7مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا ) .
وقال
ابن القاسم : لا يقسم إلا أن يصير لكل واحد في حظه ما ينتفع به من غير مضرة داخلة عليه في الانتفاع من قبل القسمة ، وإن كان لا يراعي في ذلك نقصان الثمن .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون : يقسم إذا صار لكل واحد منهم ما ينتفع به ، وإن كان من غير جنس المنفعة التي كانت في الاشتراك أو كانت أقل .
وقال
مطرف من أصحابه : إن لم يصر في حظ كل واحد ما ينتفع به لم يقسم ، وإن صار في حظ بعضهم ما ينتفع به ، وفي حظ بعضهم ما لا ينتفع به ، قسم وجبروا على ذلك ، سواء دعا إلى ذلك صاحب النصيب القليل أو الكثير ، وقيل يجبر إن دعا صاحب النصيب القليل ، ولا يجبر إن دعا صاحب النصيب الكثير ، وقيل بعكس هذا وهو ضعيف .
[ ص: 613 ] واختلفوا من هذا الباب فيما إذا قسم انتقلت منفعته إلى منفعة أخرى مثل الحمام : فقال
مالك : يقسم إذا طلب ذلك أحد الشريكين ، وبه قال
أشهب .
وقال
ابن القاسم : لا يقسم ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
فعمدة من منع القسمة : قوله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006691لا ضرر ولا ضرار " .
وعمدة من رأى القسمة قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=7مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا ) .
ومن الحجة لمن لم ير القسمة حديث
جابر ، عن أبيه : " لا تعضية على أهل الميراث إلا ما حمل القسم " . والتعضية : التفرقة ، يقول : لا قسمة بينهم .
وأما إذا كانت الرباع أكثر من واحد : فإنها لا تخلو أيضا أن تكون من نوع واحد أو مختلفة الأنواع :
فإذا كانت متفقة الأنواع : فإن فقهاء الأمصار في ذلك مختلفون : فقال
مالك : إذا كانت متفقة الأنواع قسمت بالتقويم والتعديل والسهمة . وقال
أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : بل يقسم كل عقار على حدته .
فعمدة
مالك : أنه أقل للضرر الداخل على الشركاء من القسمة .
وعمدة الفريق الثاني : أن كل عقار تعينه بنفسه; لأنه تتعلق به الشفعة .
واختلف أصحاب
مالك إذا اختلفت الأنواع المتفقة في النفاق ، وإن تباعدت مواضعها على ثلاثة أقوال .
وأما إذا كانت الرباع مختلفة ، مثل أن يكون منها دور ، ومنها حوائط ، ومنها أرض ، فلا خلاف أنه لا يجمع في القسمة بالسهمة . ومن شرط قسمة الحوائط المثمرة أن لا تقسم مع الثمرة إذا بدا صلاحها باتفاق في المذهب; لأنه يكون بيع الطعام بالطعام على رءوس الثمر وذلك مزابنة .
وأما قسمتها قبل بدو الصلاح : ففيه اختلاف بين أصحاب
مالك : أما
ابن القاسم فلا يجيز ذلك قبل الإبار بحال من الأحوال ، ويعتل لذلك; لأنه يؤدي إلى بيع طعام بطعام متفاضلا ، ولذلك زعم أنه لم يجز
مالك شراء الثمر الذي لم يطب بالطعام ، لا نسيئة ولا نقدا; وأما إن كان بعد الإبار ، فإنه لا يجوز عنده إلا بشرط أن يشترط أحدهما على الآخر أن ما وقع من الثمر في نصيبه فهو داخل في القسمة ، وما لم يدخل في نصيبه فهم فيه على الشركة ، والعلة في ذلك عنده أنه يجوز اشتراط المشتري الثمر بعد الإبار ولا يجوز قبل الإبار ، فكأن أحدهما اشترى حظ صاحبه من جميع الثمرات التي وقعت له في القسمة بحظه من الثمرات التي وقعت لشريكه واشترط الثمر .
nindex.php?page=treesubj&link=15796وصفة القسم بالقرعة : أن تقسم الفريضة ، وتحقق ، وتضرب إن كان في سهامها كسر إلى أن تصح السهام ، ثم يقوم كل موضع منها وكل نوع من غراساتها ، ثم يعدل على أقل السهام بالقيمة ، فربما عدل جزء من موضع ثلاثة أجزاء من موضع آخر على قيم الأرضين ومواضعها ، فإذا قسمت على هذه الصفات ، وعدلت كتبت في بطائق أسماء الأشراك ، وأسماء الجهات ، فمن خرج اسمه في جهة أخذ منها ، وقيل : يرمى بالأسماء في الجهات ، فمن خرج اسمه في جهة أخذ منها ، فإن كان أكثر من ذلك السهم ضوعف له حتى يتم حظه ، فهذه هي حال قرعة السهم في الرقاب .
والسهمة إنما جعلها الفقهاء في القسمة تطييبا لنفوس المتقاسمين ، وهي موجودة في الشرع في مواضع :
منها : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فساهم فكان من المدحضين ) ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم ) .
[ ص: 614 ] ومن ذلك الأثر الثابت الذي جاء فيه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006692أن رجلا أعتق ستة أعبد عند موته ، فأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم ، فأعتق ثلث ذلك الرقيق " .
وأما القسمة بالتراضي سواء كانت بعد تعديل وتقويم ، أو بغير تقويم وتعديل; فتجوز في الرقاب المتفقة والمختلفة; لأنها بيع من البيوع ، وإنما يحرم فيها ما يحرم في البيوع .
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ .
فِي الرِّبَاعِ .
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=15798الرِّبَاعُ وَالْأُصُولُ : فَيَجُوزُ أَنْ تُقَسَّمَ بِالتَّرَاضِي وَبِالسُّهْمَةِ إِذَا عَدَلَتْ بِالْقِيمَةِ ، اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ اتِّفَاقًا مُجْمَلًا ، وَإِنْ كَانُوا اخْتَلَفُوا فِي مَحِلِّ ذَلِكَ وَشُرُوطِهِ . وَالْقِسْمَةُ لَا تَخْلُو أَنْ تَكُونَ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ أَوْ فِي مَحَالَّ كَثِيرَةٍ :
فَإِذَا كَانَتْ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ : فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهَا إِذَا انْقَسَمَتْ إِلَى أَجْزَاءٍ مُتَسَاوِيَةٍ بِالصِّفَةِ ، وَلَمْ تَنْقُصْ مَنْفَعَةُ الْأَجْزَاءِ بِالِانْقِسَامِ ، وَيُجْبَرُ الشُّرَكَاءُ عَلَى ذَلِكَ .
وَأَمَّا إِذَا انْقَسَمَتْ إِلَى مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ : فَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ
مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ ، فَقَالَ
مَالِكٌ : إِنَّهَا تُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ إِذَا دَعَا أَحَدُهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَصِرْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَّا مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ ، مِثْلُ قَدْرِ الْقَدَمِ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13469ابْنُ كِنَانَةَ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَطْ ، وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ ، وَعُمْدَتُهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=7مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ) .
وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : لَا يُقَسَّمُ إِلَّا أَنْ يَصِيرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِي حَظِّهِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ مَضَرَّةٍ دَاخِلَةٍ عَلَيْهِ فِي الِانْتِفَاعِ مِنْ قِبَلِ الْقِسْمَةِ ، وَإِنْ كَانَ لَا يُرَاعِي فِي ذَلِكَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابْنُ الْمَاجِشُونِ : يُقْسَمُ إِذَا صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الِاشْتِرَاكِ أَوْ كَانَتْ أَقَلَّ .
وَقَالَ
مُطَرِّفٌ مِنْ أَصْحَابِهِ : إِنْ لَمْ يَصِرْ فِي حَظِّ كُلِّ وَاحِدٍ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ لَمْ يُقْسَمْ ، وَإِنْ صَارَ فِي حَظِّ بَعْضِهِمْ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ ، وَفِي حَظِّ بَعْضِهِمْ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ ، قُسِمَ وَجُبِرُوا عَلَى ذَلِكَ ، سَوَاءٌ دَعَا إِلَى ذَلِكَ صَاحِبُ النَّصِيبِ الْقَلِيلِ أَوِ الْكَثِيرِ ، وَقِيلَ يُجْبَرُ إِنْ دَعَا صَاحِبُ النَّصِيبِ الْقَلِيلِ ، وَلَا يُجْبَرُ إِنْ دَعَا صَاحِبُ النَّصِيبِ الْكَثِيرِ ، وَقِيلَ بِعَكْسِ هَذَا وَهُوَ ضَعِيفٌ .
[ ص: 613 ] وَاخْتَلَفُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ فِيمَا إِذَا قُسِمَ انْتَقَلَتْ مَنْفَعَتُهُ إِلَى مَنْفَعَةٍ أُخْرَى مِثْلِ الْحَمَّامِ : فَقَالَ
مَالِكٌ : يُقْسَمُ إِذَا طَلَبَ ذَلِكَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ ، وَبِهِ قَالَ
أَشْهَبُ .
وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : لَا يُقْسَمُ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ .
فَعُمْدَةُ مَنْ مَنَعَ الْقِسْمَةَ : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006691لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ " .
وَعُمْدَةُ مَنْ رَأَى الْقِسْمَةَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=7مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ) .
وَمِنَ الْحُجَّةِ لِمَنْ لَمْ يَرَ الْقِسْمَةَ حَدِيثُ
جَابِرٍ ، عَنْ أَبِيهِ : " لَا تَعْضِيَةَ عَلَى أَهْلِ الْمِيرَاثِ إِلَّا مَا حَمَلَ الْقَسْمُ " . وَالتَّعْضِيَةُ : التَّفْرِقَةُ ، يَقُولُ : لَا قِسْمَةَ بَيْنَهُمْ .
وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الرِّبَاعُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ : فَإِنَّهَا لَا تَخْلُو أَيْضًا أَنْ تَكُونَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ أَوْ مُخْتَلِفَةَ الْأَنْوَاعِ :
فَإِذَا كَانَتْ مُتَّفِقَةَ الْأَنْوَاعِ : فَإِنَّ فُقَهَاءَ الْأَمْصَارِ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفُونَ : فَقَالَ
مَالِكٌ : إِذَا كَانَتْ مُتَّفِقَةَ الْأَنْوَاعِ قُسِمَتْ بِالتَّقْوِيمِ وَالتَّعْدِيلِ وَالسُّهْمَةِ . وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ : بَلْ يُقْسَمُ كُلُّ عَقَارٍ عَلَى حِدَتِهِ .
فَعُمْدَةُ
مَالِكٍ : أَنَّهُ أَقَلُّ لِلضَّرَرِ الدَّاخِلِ عَلَى الشُّرَكَاءِ مِنَ الْقِسْمَةِ .
وَعُمْدَةُ الْفَرِيقِ الثَّانِي : أَنَّ كُلَّ عَقَارٍ تُعَيِّنُهُ بِنَفْسِهِ; لِأَنَّهُ تَتَعَلَّقُ بِهِ الشُّفْعَةُ .
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ
مَالِكٍ إِذَا اخْتَلَفَتِ الْأَنْوَاعُ الْمُتَّفِقَةُ فِي النَّفَاقِ ، وَإِنْ تَبَاعَدَتْ مَوَاضِعُهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ .
وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الرِّبَاعُ مُخْتَلِفَةً ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا دُورٌ ، وَمِنْهَا حَوَائِطُ ، وَمِنْهَا أَرْضٌ ، فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ فِي الْقِسْمَةِ بِالسُّهْمَةِ . وَمِنْ شَرْطِ قِسْمَةِ الْحَوَائِطِ الْمُثْمِرَةِ أَنْ لَا تُقْسَمَ مَعَ الثَّمَرَةِ إِذَا بَدَا صَلَاحُهَا بِاتِّفَاقٍ فِي الْمَذْهَبِ; لِأَنَّهُ يَكُونُ بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ عَلَى رُءُوسِ الثَّمَرِ وَذَلِكَ مُزَابَنَةٌ .
وَأَمَّا قِسْمَتُهَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ : فَفِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَصْحَابِ
مَالِكٍ : أَمَّا
ابْنُ الْقَاسِمِ فَلَا يُجِيزُ ذَلِكَ قَبْلَ الْإِبَارِ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ ، وَيَعْتَلُّ لِذَلِكَ; لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى بَيْعِ طَعَامٍ بِطَعَامٍ مُتَفَاضِلًا ، وَلِذَلِكَ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُجِزْ
مَالِكٌ شِرَاءَ الثَّمَرِ الَّذِي لَمْ يَطِبْ بِالطَّعَامِ ، لَا نَسِيئَةً وَلَا نَقْدًا; وَأَمَّا إِنْ كَانَ بَعْدَ الْإِبَارِ ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ إِلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنَ الثَّمَرِ فِي نَصِيبِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْقِسْمَةِ ، وَمَا لَمْ يَدْخُلْ فِي نَصِيبِهِ فَهُمْ فِيهِ عَلَى الشَّرِكَةِ ، وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَ بَعْدَ الْإِبَارِ وَلَا يَجُوزُ قَبْلَ الْإِبَارِ ، فَكَأَنَّ أَحَدَهُمَا اشْتَرَى حَظَّ صَاحِبِهِ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَرَاتِ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ فِي الْقِسْمَةِ بِحَظِّهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ الَّتِي وَقَعَتْ لِشَرِيكِهِ وَاشْتَرَطَ الثَّمَرَ .
nindex.php?page=treesubj&link=15796وَصِفَةُ الْقَسْمِ بِالْقُرْعَةِ : أَنْ تُقْسَمَ الْفَرِيضَةُ ، وَتُحَقَّقَ ، وَتُضْرَبَ إِنْ كَانَ فِي سِهَامِهَا كَسْرٌ إِلَى أَنْ تَصِحَّ السِّهَامُ ، ثُمَّ يُقَوَّمَ كُلُّ مَوْضِعٍ مِنْهَا وَكُلُّ نَوْعٍ مِنْ غِرَاسَاتِهَا ، ثُمَّ يَعْدِلَ عَلَى أَقَلِّ السِّهَامِ بِالْقِيمَةِ ، فَرُبَّمَا عَدَلَ جُزْءٌ مِنْ مَوْضِعِ ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ عَلَى قِيَمِ الْأَرَضِينَ وَمَوَاضِعِهَا ، فَإِذَا قُسِمَتْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَاتِ ، وَعُدِّلَتْ كُتِبَتْ فِي بَطَائِقَ أَسْمَاءِ الْأَشْرَاكِ ، وَأَسْمَاءِ الْجِهَاتِ ، فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ فِي جِهَةٍ أَخَذَ مِنْهَا ، وَقِيلَ : يُرْمَى بِالْأَسْمَاءِ فِي الْجِهَاتِ ، فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ فِي جِهَةٍ أَخَذَ مِنْهَا ، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ السَّهْمِ ضُوعِفَ لَهُ حَتَّى يَتِمَّ حَظُّهُ ، فَهَذِهِ هِيَ حَالُ قُرْعَةِ السَّهْمِ فِي الرِّقَابِ .
وَالسُّهْمَةُ إِنَّمَا جَعَلَهَا الْفُقَهَاءُ فِي الْقِسْمَةِ تَطْيِيبًا لِنُفُوسِ الْمُتَقَاسِمِينَ ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الشَّرْعِ فِي مَوَاضِعَ :
مِنْهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ) ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=44وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ ) .
[ ص: 614 ] وَمِنْ ذَلِكَ الْأَثَرُ الثَّابِتُ الَّذِي جَاءَ فِيهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006692أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ عِنْدَ مَوْتِهِ ، فَأَسْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ ، فَأَعْتَقَ ثُلُثَ ذَلِكَ الرَّقِيقِ " .
وَأَمَّا الْقِسْمَةُ بِالتَّرَاضِي سَوَاءٌ كَانَتْ بَعْدَ تَعْدِيلٍ وَتَقْوِيٍم ، أَوْ بِغَيْرِ تَقْوِيمٍ وَتَعْدِيلٍ; فَتَجُوزُ فِي الرِّقَابِ الْمُتَّفِقَةِ وَالْمُخْتَلِفَةِ; لِأَنَّهَا بَيْعٌ مِنَ الْبُيُوعِ ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ فِيهَا مَا يَحْرُمُ فِي الْبُيُوعِ .