[ الباب الثاني ] .
القول في الأحكام .
nindex.php?page=treesubj&link=15862_15863والقسمة من العقود اللازمة لا يجوز للمتقاسمين نقضها ، ولا الرجوع فيها إلا بالطوارئ عليها .
والطوارئ ثلاثة : غبن; أو وجود عيب ، أو استحقاق .
فأما الغبن : فلا يوجب الفسخ إلا في قسمة القرعة باتفاق في المذهب إلا على قياس من يرى له تأثير في البيع ، فيلزم على مذهبه أن يؤثر في القسمة .
وأما الرد بالعيب : فإنه لا يخلو عن مذهب
ابن القاسم أن يجد العيب في جل نصيبه أو في أقله .
فإن وجده في جل نصيبه; فإنه لا يخلو أن يكون النصيب الذي حصل لشريكه قد فات أو لم يفت : فإن كان قد فات رد الواجد للعيب نصيبه على الشركة ، وأخذ من شريكه نصف قيمة نصيبه يوم قبضه ، وإن كان لم يفت انفسخت القسمة ، وعادت الشركة إلى أصلها .
وإن كان العيب في أقل من ذلك : رد ذلك الأقل على أصل الشركة فقط ، سواء فات نصيب صاحبه أو لم يفت ، ورجع على شريكه بنصف قيمة الزيادة ، ولا يرجع في شيء مما في يده ، وإن كان قائما بالعيب . وقال
أشهب : والذي يفيت الرد قد تقدم في كتاب البيوع . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15136عبد العزيز بن الماجشون :
nindex.php?page=treesubj&link=15867_15791_15798وجود العيب يفسخ القسمة التي بالقرعة ولا يفسخ التي بالتراضي ; لأن التي بالتراضي هي بيع ، وأما التي بالقرعة فهي تمييز حق ، وإذا فسخت بالغبن وجب أن تفسخ بالرد بالعيب .
وحكم الاستحقاق عند
ابن القاسم حكم وجود العيب : إن كان المستحق كثيرا وحظ الشريك لم يفت رجع معه شريكا فيما في يديه ، وإن كان قد فات رجع عليه بنصف قيمة ما في يديه ، وإن كان يسيرا رجع عليه بنصف قيمة ذلك الشيء .
وقال
محمد : إذا استحق ما في يد أحدهما بطلت القسمة في قسمة القرعة; لأنه قد تبين أن القسمة لم تقع على عدل كقول
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون في العيب .
وأما إذا طرأ على المال حق فيه مثل طوارئ الدين على التركة بعد القسمة ، أو طرو الوصية أو طرو وارث ، فإن أصحاب
مالك اختلفوا في ذلك .
فأما إن طرأ الدين : قيل في المشهور في المذهب ، وهو قول
ابن القاسم : إن القسمة تنتقض إلا أن يتفق الورثة على أن يعطوا الدين من عندهم ، وسواء كانت حظوظهم باقية بأيديهم أو لم تكن ، هلكت بأمر من السماء أو لم تهلك . وقد قيل : إن القسمة أيضا إنما تنتقض بيد من بقي في يده حظه ، ولم تهلك بأمر من السماء ، وأما من هلك حظه بأمر من السماء فلا يرجع عليه بشيء من الدين ، ولا يرجع هو على الورثة بما
[ ص: 617 ] بقي بأيديهم بعد أداء الدين . وقيل : بل تنتقض القسمة ولا بد ، لحق الله تعالى لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12من بعد وصية يوصى بها أو دين ) . وقيل : بل تنتقض إلا في حق من أعطى منه ما ينوي به من الدين .
وهكذا الحكم في طرو الموصى له على الورثة .
وأما طرو الوارث على الشركة بعد القسمة ، وقبل أن يفوت حظ كل واحد منهم : فلا تنتقض القسمة ، وأخذ من كل واحد حظه إن كان ذلك مكيلا ، أو موزونا ، وإن كان حيوانا ، أو عروضا انتقضت القسمة . وهل يضمن كل واحد منهم ما تلف في يده بغير سبب منه ؟ فقيل : يضمن ، وقيل : لا يضمن .
[ الْبَابُ الثَّانِي ] .
الْقَوْلُ فِي الْأَحْكَامِ .
nindex.php?page=treesubj&link=15862_15863وَالْقِسْمَةُ مِنَ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ لَا يَجُوزُ لِلْمُتَقَاسِمَيْنِ نَقْضُهَا ، وَلَا الرُّجُوعُ فِيهَا إِلَّا بِالطَّوَارِئِ عَلَيْهَا .
وَالطَّوَارِئُ ثَلَاثَةٌ : غَبْنٌ; أَوْ وُجُودُ عَيْبٍ ، أَوِ اسْتِحْقَاقٌ .
فَأَمَّا الْغَبْنُ : فَلَا يُوجِبُ الْفَسْخَ إِلَّا فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ بِاتِّفَاقٍ فِي الْمَذْهَبِ إِلَّا عَلَى قِيَاسِ مَنْ يَرَى لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الْبَيْعِ ، فَيَلْزَمُ عَلَى مَذْهَبِهِ أَنْ يُؤَثِّرَ فِي الْقِسْمَةِ .
وَأَمَّا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ : فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ مَذْهَبِ
ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يَجِدَ الْعَيْبَ فِي جُلِّ نَصِيبِهِ أَوْ فِي أَقَلِّهِ .
فَإِنْ وَجَدَهُ فِي جُلِّ نَصِيبِهِ; فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ النَّصِيبُ الَّذِي حَصَلَ لِشَرِيكِهِ قَدْ فَاتَ أَوْ لَمْ يَفُتْ : فَإِنْ كَانَ قَدْ فَاتَ رَدَّ الْوَاجِدُ لِلْعَيْبِ نَصِيبَهُ عَلَى الشَّرِكَةِ ، وَأَخَذَ مِنْ شَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَةِ نَصِيبِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَفُتِ انْفَسَخَتِ الْقِسْمَةُ ، وَعَادَتِ الشَّرِكَةُ إِلَى أَصْلِهَا .
وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ : رَدَّ ذَلِكَ الْأَقَلَّ عَلَى أَصْلِ الشَّرِكَةِ فَقَطْ ، سَوَاءٌ فَاتَ نَصِيبُ صَاحِبِهِ أَوْ لَمْ يَفُتْ ، وَرَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الزِّيَادَةِ ، وَلَا يَرْجِعُ فِي شَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِهِ ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِالْعَيْبِ . وَقَالَ
أَشْهَبُ : وَالَّذِي يُفِيتُ الرَّدَّ قَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15136عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ :
nindex.php?page=treesubj&link=15867_15791_15798وُجُودُ الْعَيْبِ يَفْسَخُ الْقِسْمَةَ الَّتِي بِالْقُرْعَةِ وَلَا يَفْسَخُ الَّتِي بِالتَّرَاضِي ; لِأَنَّ الَّتِي بِالتَّرَاضِي هِيَ بَيْعٌ ، وَأَمَّا الَّتِي بِالْقُرْعَةِ فَهِيَ تَمْيِيزُ حَقٍّ ، وَإِذَا فُسِخَتْ بِالْغَبْنِ وَجَبَ أَنْ تُفْسَخَ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ .
وَحُكْمُ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ
ابْنِ الْقَاسِمِ حُكْمُ وُجُودِ الْعَيْبِ : إِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ كَثِيرًا وَحَظُّ الشَّرِيكِ لَمْ يَفُتْ رَجَعَ مَعَهُ شَرِيكًا فِيمَا فِي يَدَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَاتَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ مَا فِي يَدَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا رَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ .
وَقَالَ
مُحَمَّدٌ : إِذَا اسْتُحِقَّ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا بَطَلَتِ الْقِسْمَةُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ; لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْقِسْمَةَ لَمْ تَقَعْ عَلَى عَدْلٍ كَقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْعَيْبِ .
وَأَمَّا إِذَا طَرَأَ عَلَى الْمَالِ حَقٌّ فِيهِ مِثْلُ طَوَارِئِ الدَّيْنِ عَلَى التَّرِكَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ ، أَوْ طُرُوِّ الْوَصِيَّةِ أَوْ طُرُوِّ وَارِثٍ ، فَإِنَّ أَصْحَابَ
مَالِكٍ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ .
فَأَمَّا إِنْ طَرَأَ الدَّيْنُ : قِيلَ فِي الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ ، وَهُوَ قَوْلُ
ابْنِ الْقَاسِمِ : إِنَّ الْقِسْمَةَ تَنْتَقِضُ إِلَّا أَنْ يَتَّفِقَ الْوَرَثَةُ عَلَى أَنْ يُعْطُوا الدَّيْنَ مِنْ عِنْدِهِمْ ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ حُظُوظُهُمْ بَاقِيَةً بِأَيْدِيهِمْ أَوْ لَمْ تَكُنْ ، هَلَكَتْ بِأَمْرٍ مِنَ السَّمَاءِ أَوْ لَمْ تَهْلِكْ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الْقِسْمَةَ أَيْضًا إِنَّمَا تَنْتَقِضُ بِيَدِ مَنْ بَقِيَ فِي يَدِهِ حَظُّهُ ، وَلَمْ تَهْلِكْ بِأَمْرٍ مِنَ السَّمَاءِ ، وَأَمَّا مَنْ هَلَكَ حَظُّهُ بِأَمْرٍ مِنَ السَّمَاءِ فَلَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنَ الدَّيْنِ ، وَلَا يَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا
[ ص: 617 ] بَقِيَ بِأَيْدِيهِمْ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ . وَقِيلَ : بَلْ تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ وَلَا بُدَّ ، لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) . وَقِيلَ : بَلْ تَنْتَقِضُ إِلَّا فِي حَقِّ مَنْ أَعْطَى مِنْهُ مَا يَنْوِي بِهِ مِنَ الدَّيْنِ .
وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي طُرُوِّ الْمُوصَى لَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ .
وَأَمَّا طُرُوُّ الْوَارِثِ عَلَى الشَّرِكَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ ، وَقَبْلَ أَنْ يَفُوتَ حَظُّ كَلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ : فَلَا تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ ، وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ حَظَّهُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مَكِيلًا ، أَوْ مَوْزُونًا ، وَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا ، أَوْ عُرُوضًا انْتَقَضَتِ الْقِسْمَةُ . وَهَلْ يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا تَلَفَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ سَبَبٍ مِنْهُ ؟ فَقِيلَ : يَضْمَنُ ، وَقِيلَ : لَا يَضْمَنُ .