بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا
محمد وآله وصحبه وسلم تسليما
كتاب الكتابة
والنظر الكلي في الكتابة ينحصر في أركانها وشروطها وأحكامها . [
nindex.php?page=treesubj&link=7450أركان الكتابة ]
أما الأركان فثلاثة : العقد وشروطه وصفته ، والعاقد ، والمعقود عليه وصفاتهما ، ونحن نذكر المسائل المشهورة لأهل الأمصار في جنس جنس من هذه الأجناس .
1 - القول في مسائل العقد
فمن مسائل هذا الجنس المشهورة ، اختلافهم في
nindex.php?page=treesubj&link=7470عقد الكتابة : هل هو واجب أو مندوب إليه ؟ فقال فقهاء الأمصار : إنه مندوب ، وقال أهل الظاهر : هو واجب ، واحتجوا بظاهر قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ) والأمر على الوجوب .
[ ص: 700 ] وأما الجمهور فإنهم لما رأوا أن الأصل هو أن لا يجبر أحد على عتق مملوكه حملوا هذه الآية على الندب لئلا تكون معارضة لهذا الأصل ، وأيضا فإنه لما لم يكن للعبد أن يحكم له على سيده بالبيع له ( وهو خروج رقبته عن ملكه بعوض ) ، فأحرى أن لا يحكم له عليه بخروجه عن غير عوض هو مالكه ، وذلك أن كسب العبد هو للسيد ، وهذه المسألة هي أقرب أن تكون من أحكام العقد من أن تكون من أركانه .
وهذا العقد بالجملة هو أن يشتري العبد نفسه وماله من سيده بمال يكتسبه العبد .
فأركان هذا العقد الثمن والمثمون ، والأجل ، والألفاظ الدالة على هذا العقد .
فأما الثمن ، فإنهم اتفقوا على أنه يجوز إذا كان معلوما بالعلم الذي يشترط في البيوع . واختلفوا إذا كان في لفظه إبهام ما ، فقال
أبو حنيفة ومالك : يجوز أن يكاتب عبده على جارية أو عبد من غير أن يصفهما ويكون له الوسط من العبيد ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يجوز حتى يصفه .
فمن اعتبر في هذا طلب المعاينة شبهه بالبيوع ، ومن رأى أن هذا العقد مقصوده المكارمة وعدم التشاح جوز فيه الغرر اليسير ، كحال اختلافهم في الصداق .
ومالك يجيز بين العبد وسيده من جنس الربا ما لا يجوز بين الأجنبي والأجنبي من مثل بيع الطعام قبل قبضه ، وفسخ الدين في الدين ، وضع وتعجل ، ومنع ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحمد وعن
أبي حنيفة القولان جميعا .
وعمدة من أجازه أنه ليس بين السيد وعبده ربا ; لأنه وماله له ، وإنما الكتابة سنة على حدتها .
وأما الأجل فإنهم اتفقوا على أنه يجوز أن تكون مؤجلة ، واختلفوا في هل تجوز حالة ، وذلك أيضا بعد اتفاقهم على أنها تجوز حالة على مال موجود عند العبد ، وهي التي يسمونها قطاعة لا كتابة . وأما الكتابة فهي التي يشتري العبد فيها ماله ونفسه من سيده بمال يكتسبه .
فموضع الخلاف إنما هو هل يجوز أن يشتري نفسه من سيده بمال حال ليس هو بيده ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : هذا الكلام لغو ، وليس يلزم السيد شيء منه ، وقال متأخروا أصحاب
مالك : قد لزمت الكتابة للسيد ويرفعه العبد إلى الحاكم فينجم عليه المال بحسب حال العبد .
وعمدة المالكية أن السيد قد أوجب لعبده الكتابة ، إلا أنه اشترط فيها شرطا يتعذر غالبا ، فصح العقد وبطل الشرط .
وعمدة الشافعية أن الشرط الفاسد يعود ببطلان أصل العقد كمن باع جاريته واشترط أن لا يطأها ، وذلك أنه إذا لم يكن له مال حاضر أدى إلى عجزه ، وذلك ضد مقصود الكتابة .
وحاصل قول المالكية يرجع إلى أن الكتابة من أركانها أن تكون منجمة ، وأنه إذا اشترط فيها ضد هذا الركن بطل الشرط وصح العقد .
[ الألفاظ الدالة على هذا العقد ] واتفقوا على أنه إذا
nindex.php?page=treesubj&link=7477قال السيد لعبده : لقد كاتبتك على ألف درهم فإذا أديتها فأنت حر أنه إذا أداها حر . واختلفوا إذا قال له : قد كاتبتك على ألف درهم وسكت هل يكون حرا دون أن يقول له : فإذا أديتها فأنت حر ؟ فقال
مالك وأبو حنيفة : هو حر ; لأن اسم الكتابة لفظ شرعي ، فهو يتضمن جميع أحكامه ، وقال قوم : لا يكون حرا حتى يصرح بلفظ الأداء . واختلف في ذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
[ ص: 701 ] ومن هذا الباب اختلاف قول
ابن القاسم ومالك فيمن قال لعبده : أنت حر وعليك ألف دينار ، فاختلف المذهب في ذلك ، فقال
مالك : يلزمه وهو حر ، وقال
ابن القاسم : هو حر ولا يلزمه .
وأما إن
nindex.php?page=treesubj&link=7477قال : أنت حر على أن عليك ألف دينار ، فاختلف المذهب في ذلك فقال
مالك : هو حر والمال عليه كغريم من الغرماء ، وقيل : العبد بالخيار ; فإن اختار الحرية لزمه المال ونفذت الحرية وإلا بقي عبدا ، وقيل : إن قبل كانت كتابة يعتق إذا أدى ، والقولان
لابن القاسم .
وتجوز الكتابة عند
مالك على عمل محدود ، وتجوز عنده الكتابة المطلقة ، ويرد إلى أن كتابة مثله كالحال في النكاح .
وتجوز الكتابة عنده على قيمة العبد ( أعني : كتابة مثله في الزمان والثمن ) ، ومن هنا قيل إنه تجوز عنده الكتابة الحالة .
واختلف هل من شرط هذا العقد أن يضع السيد من آخر أنجم الكتابة شيئا عن المكاتب لاختلافهم في مفهوم قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) ؟ وذلك أن بعضهم رأى أن السادة هم المخاطبون بهذه الآية ، ورأى بعضهم أنهم جماعة المسلمين ندبوا لعون المكاتبين .
والذين رأوا ذلك اختلفوا هل ذلك على الوجوب أو على الندب ؟ والذين قالوا بذلك اختلفوا في القدر الواجب ، فقال بعضهم : ما ينطلق عليه اسم شيء ، وبعضهم حده .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا
كِتَابُ الْكِتَابَةِ
وَالنَّظَرُ الْكُلِّيُّ فِي الْكِتَابَةِ يَنْحَصِرُ فِي أَرْكَانِهَا وَشُرُوطِهَا وَأَحْكَامِهَا . [
nindex.php?page=treesubj&link=7450أَرْكَانُ الْكِتَابَةِ ]
أَمَّا الْأَرْكَانُ فَثَلَاثَةٌ : الْعَقْدُ وَشُرُوطُهُ وَصِفَتُهُ ، وَالْعَاقِدُ ، وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَصِفَاتُهُمَا ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ الْمَسَائِلَ الْمَشْهُورَةَ لِأَهْلِ الْأَمْصَارِ فِي جِنْسٍ جِنْسٍ مِنْ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ .
1 - الْقَوْلُ فِي مَسَائِلِ الْعَقْدِ
فَمِنْ مَسَائِلِ هَذَا الْجِنْسِ الْمَشْهُورَةِ ، اخْتِلَافُهُمْ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=7470عَقْدِ الْكِتَابَةِ : هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ ؟ فَقَالَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ : إِنَّهُ مَنْدُوبٌ ، وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ : هُوَ وَاجِبٌ ، وَاحْتَجُّوا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ) وَالْأَمْرُ عَلَى الْوُجُوبِ .
[ ص: 700 ] وَأَمَّا الْجُمْهُورُ فَإِنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا أَنَّ الْأَصْلَ هُوَ أَنْ لَا يُجْبَرَ أَحَدٌ عَلَى عِتْقِ مَمْلُوكِهِ حَمَلُوا هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى النَّدْبِ لِئَلَّا تَكُونُ مُعَارِضَةً لِهَذَا الْأَصْلِ ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ أَنْ يُحْكُمَ لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ بِالْبَيْعِ لَهُ ( وَهُوَ خُرُوجُ رَقَبَتِهِ عَنْ مِلْكِهِ بِعِوَضٍ ) ، فَأَحْرَى أَنْ لَا يُحْكَمَ لَهُ عَلَيْهِ بِخُرُوجِهِ عَنْ غَيْرِ عِوَضٍ هُوَ مَالِكُهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ هُوَ لِلسَّيِّدِ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ أَقْرَبُ أَنْ تَكُونَ مِنْ أَحْكَامِ الْعَقْدِ مِنْ أَنْ تَكُونَ مِنْ أَرْكَانِهِ .
وَهَذَا الْعَقْدُ بِالْجُمْلَةِ هُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ وَمَالَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِمَالٍ يَكْتَسِبُهُ الْعَبْدُ .
فَأَرْكَانُ هَذَا الْعَقْدِ الثَّمَنُ وَالْمَثْمُونُ ، وَالْأَجَلُ ، وَالْأَلْفَاظُ الدَّالَّةُ عَلَى هَذَا الْعَقْدِ .
فَأَمَّا الثَّمَنُ ، فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ إِذَا كَانَ مَعْلُومًا بِالْعِلْمِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِي الْبُيُوعِ . وَاخْتَلَفُوا إِذَا كَانَ فِي لَفْظِهِ إِبْهَامٌ مَا ، فَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ : يَجُوزُ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ عَلَى جَارِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصِفَهُمَا وَيَكُونُ لَهُ الْوَسَطُ مِنَ الْعَبِيدِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : لَا يَجُوزُ حَتَّى يَصِفَهُ .
فَمَنِ اعْتَبَرَ فِي هَذَا طَلَبَ الْمُعَايِنَةِ شَبَّهَهُ بِالْبُيُوعِ ، وَمَنْ رَأَى أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ مَقْصُودُهُ الْمُكَارَمَةُ وَعَدَمُ التَّشَاحِّ جَوَّزَ فِيهِ الْغَرَرَ الْيَسِيرَ ، كَحَالِ اخْتِلَافِهِمْ فِي الصَّدَاقِ .
وَمَالِكٌ يُجِيزُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ مِنْ جِنْسِ الرِّبَا مَا لَا يُجَوِّزُ بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَالْأَجْنَبِيِّ مِنْ مِثْلِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ ، وَفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ ، وَضَعْ وَتَعَجَّلْ ، وَمَنَعَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَعَنْ
أَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا .
وَعُمْدَةُ مَنْ أَجَازَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ رِبًا ; لِأَنَّهُ وَمَالَهُ لَهُ ، وَإِنَّمَا الْكِتَابَةُ سُنَّةٌ عَلَى حِدَتِهَا .
وَأَمَّا الْأَجَلُ فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُؤَجَّلَةً ، وَاخْتَلَفُوا فِي هَلْ تَجُوزُ حَالَّةً ، وَذَلِكَ أَيْضًا بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهَا تَجُوزُ حَالَّةً عَلَى مَالٍ مَوْجُودٍ عِنْدَ الْعَبْدِ ، وَهِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا قِطَاعَةً لَا كِتَابَةً . وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَهِيَ الَّتِي يَشْتَرِي الْعَبْدُ فِيهَا مَالَهُ وَنَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِمَالٍ يَكْتَسِبُهُ .
فَمَوْضِعُ الْخِلَافِ إِنَّمَا هُوَ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِمَالٍ حَالٍّ لَيْسَ هُوَ بِيَدِهِ ؟ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : هَذَا الْكَلَامُ لَغْوٌ ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ السَّيِّدَ شَيْءٌ مِنْهُ ، وَقَالَ مُتَأَخِّرُوا أَصْحَابِ
مَالِكٍ : قَدْ لَزِمَتِ الْكِتَابَةُ لِلسَّيِّدِ وَيَرْفَعُهُ الْعَبْدُ إِلَى الْحَاكِمِ فَيُنَجِّمُ عَلَيْهِ الْمَالَ بِحَسَبِ حَالِ الْعَبْدِ .
وَعُمْدَةُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ السَّيِّدَ قَدْ أَوْجَبَ لِعَبْدِهِ الْكِتَابَةَ ، إِلَّا أَنَّهُ اشْتَرَطَ فِيهَا شَرْطًا يَتَعَذَّرُ غَالِبًا ، فَصَحَّ الْعَقْدُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ .
وَعُمْدَةُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ يَعُودُ بِبُطْلَانِ أَصْلِ الْعَقْدِ كَمَنْ بَاعَ جَارِيَتَهُ وَاشْتَرَطَ أَنْ لَا يَطَأَهَا ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ أَدَّى إِلَى عَجْزِهِ ، وَذَلِكَ ضِدُّ مَقْصُودِ الْكِتَابَةِ .
وَحَاصِلُ قَوْلِ الْمَالِكِيَّةِ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ مِنْ أَرْكَانِهَا أَنْ تَكُونَ مُنَجَّمَةً ، وَأَنَّهُ إِذَا اشْتَرَطَ فِيهَا ضِدَّ هَذَا الرُّكْنِ بَطَلَ الشَّرْطُ وَصَحَّ الْعَقْدُ .
[ الْأَلْفَاظُ الدَّالَّةُ عَلَى هَذَا الْعَقْدِ ] وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=7477قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ : لَقَدْ كَاتَبْتُكَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِذَا أَدَّيْتَهَا فَأَنْتَ حُرٌّ أَنَّهُ إِذَا أَدَّاهَا حُرٌّ . وَاخْتَلَفُوا إِذَا قَالَ لَهُ : قَدْ كَاتَبْتُكَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَسَكَتَ هَلْ يَكُونُ حُرًّا دُونَ أَنْ يَقُولَ لَهُ : فَإِذَا أَدَّيْتَهَا فَأَنْتَ حُرٌّ ؟ فَقَالَ
مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ : هُوَ حُرٌّ ; لِأَنَّ اسْمَ الْكِتَابَةِ لَفْظٌ شَرْعِيٌّ ، فَهُوَ يَتَضَمَّنُ جَمِيعَ أَحْكَامِهِ ، وَقَالَ قَوْمٌ : لَا يَكُونُ حُرًّا حَتَّى يُصَرِّحَ بِلَفْظِ الْأَدَاءِ . وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ .
[ ص: 701 ] وَمِنْ هَذَا الْبَابِ اخْتِلَافُ قَوْلِ
ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ فِيمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ : أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْكَ أَلْفُ دِينَارٍ ، فَاخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ
مَالِكٌ : يَلْزَمُهُ وَهُوَ حُرٌّ ، وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : هُوَ حُرٌّ وَلَا يَلْزَمُهُ .
وَأَمَّا إِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=7477قَالَ : أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ أَلْفَ دِينَارٍ ، فَاخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ
مَالِكٌ : هُوَ حُرٌّ وَالْمَالُ عَلَيْهِ كَغَرِيمٍ مِنَ الْغُرَمَاءِ ، وَقِيلَ : الْعَبْدُ بِالْخِيَارِ ; فَإِنِ اخْتَارَ الْحُرِّيَّةَ لَزِمَهُ الْمَالُ وَنَفَذَتِ الْحُرِّيَّةُ وَإِلَّا بَقِيَ عَبْدًا ، وَقِيلَ : إِنْ قَبِلَ كَانَتْ كِتَابَةً يُعْتَقُ إِذَا أَدَّى ، وَالْقَوْلَانِ
لِابْنِ الْقَاسِمِ .
وَتَجُوزُ الْكِتَابَةُ عِنْدَ
مَالِكٍ عَلَى عَمَلٍ مَحْدُودٍ ، وَتَجُوزُ عِنْدَهُ الْكِتَابَةُ الْمُطْلَقَةُ ، وَيُرَدُّ إِلَى أَنَّ كِتَابَةَ مِثْلِهِ كَالْحَالِ فِي النِّكَاحِ .
وَتَجُوزُ الْكِتَابَةُ عِنْدَهُ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ ( أَعْنِي : كِتَابَةَ مِثْلِهِ فِي الزَّمَانِ وَالثَّمَنِ ) ، وَمِنْ هُنَا قِيلَ إِنَّهُ تَجُوزُ عِنْدَهُ الْكِتَابَةُ الْحَالَّةُ .
وَاخْتُلِفَ هَلْ مِنْ شَرْطِ هَذَا الْعَقْدِ أَنْ يَضَعَ السَّيِّدُ مِنْ آخِرِ أَنْجُمِ الْكِتَابَةِ شَيْئًا عَنِ الْمُكَاتِبِ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) ؟ وَذَلِكَ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَأَى أَنَّ السَّادَةَ هُمُ الْمُخَاطَبُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُمْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ نُدِبُوا لِعَوْنِ الْمُكَاتَبِينَ .
وَالَّذِينَ رَأَوْا ذَلِكَ اخْتَلَفُوا هَلْ ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ عَلَى النَّدْبِ ؟ وَالَّذِينَ قَالُوا بِذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الْقَدْرِ الْوَاجِبِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ شَيْءٍ ، وَبَعْضُهُمْ حَدَّهُ .