الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          الاتجاه الأخلاقي

          لا يشكل الاتجاه الأخلاقي نموذجا فكريا بالمعنى المستخدم لـ (نموذج Paradigm) عند كوهن ، كما أسلفنا ذلك أن الاتجاه الأخلاقي لا ينطلق من منطلقات فلسفية متكاملة على نحو ما بينا في الوضعية وما بعد الوضعية والتفسيرية والنقدية، الاتجاه الأخلاقي قد يكون دينيا أو علمانيا أو تفسيريا أو نقديا، ولذلك آثرنا استخدام اتجاه بدل نموذج. يظهر هـذا الاتجاه تحت مسميات مختلفة: الإدارة بالقيم (ValueManagment) ، الإدارة بالفضيلة (managment Virtue – Oriented ) ، الإدارة الصادقة (managment Authentic) ، الإدارة بالمبادئ (Prinicple – CenteredManagment) ، الإدارة الخادمة (ServiceManagment) ، القيادة الأخلاقية (moralManagment) وهكذا، وقد يمثل المنتمون إلى هـذا الاتجاه نماذج فكرية وأيدلوجية متنوعة ولكنهم في المجمل يتفقون على نقدهم للوضعية لاستبعادهم الأخلاق والقيم من عالم البحث وبسبب توجهها الإداري، الذي يعلي من شأن الفعالية وكفاءة الأداء والإنتاجية والاعتبارات البيروقراطية على حساب الاعتبارات الإنسانية.

          يرى أنصار الاتجاه الأخلاقي في التربية أن الاتجاهات السائدة في الإدارة التربوية التقليدية قد استرشدت بمفاهيم السلطة والقيادة في النظرية والممارسة الإدارية، وقد أدى هـذا التركيز على القيادة والسلطة إلى استبعاد الأخلاق في مهنة أساسها أخلاقي ولكن ممارستها لم تكن كذلك، إن القيادة والسلطة [ ص: 65 ] كما تبلورت حتى الآن في الإدارة التربوية نظرية وممارسة تعوق اتخاذ القرار الأخلاقي في المؤسسات التربوية، ولا يعني هـذا الانتقاد المطالبة باستبعاد الاعتبارات الإدارية بل المسالة مسألة أولويات، فالتربية أساسا مؤسسة أخلاقية، ولذلك على الإدارة التربوية أن تجعل الأخلاق في المركز وليس على الهامش.

          ويضيف هـؤلاء أن الوضعية والاتجاه العلمي في الإدارة التربوية ربما أدى إلى زيادة الإنتاجية والارتقاء بالأداء التنظيمي، ولكن ذلك كان على حساب الجانب الإنساني في المؤسسة، هـناك قلق من إهمال الجانب الأخلاقي نتيجة ارتباط السلطة بالمكاسب وعمل من بيدهم السلطة على السعي وراء المنفعة والمركز والمصلحة الشخصية والامتيازات والنرجسية وإشباع الشهوة للسلطة الذي يحدث في العاملين مشاعر خيبة الأمل والاضطهاد والاستغلال، كل ذلك أدى إلى قلق من موت الجانب الأخلاقي في الحياة والحنين إلى إعادة الاعتبار للأخلاق.

          هناك إعادة فحص لمفاهيم القوة والسلطة وكيفية ممارستها وإضفاء الشرعية عليها، وهناك إعادة تعريف للإدارة والقيادة ودعوة إلى التحول من آليات وعمليات الضبط الهرمي التقليدي، كأساس للتأثير إلى مفاهيم الخدمة والأمانة التي تؤكد على الشراكة والتمكين.

          وسوف نستعرض نموذجا واحدا لهذا الاتجاه الأخلاقي بينما نحيل القارئ إلى المراجع لمزيد من الاطلاع. [1] [ ص: 66 ]

          التالي السابق


          الخدمات العلمية