الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( وتكرار الغسل إلى الثلاث ) { لأن النبي عليه الصلاة والسلام توضأ مرة مرة وقال : هذا وضوء لا يقبل الله تعالى الصلاة إلا به ، وتوضأ مرتين مرتين وقال : هذا وضوء من يضاعف الله له الأجر مرتين ، وتوضأ ثلاثا ثلاثا وقال : هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي ، فمن زاد على هذا أو نقص فقد تعدى وظلم } . والوعيد لعدم رؤيته سنة .

التالي السابق


( قوله وتكرار الغسل إلى الثلاث ) قيد به لإفادة أنه لا يسن التكرار في المسح ، ثم قيل الأول فريضة والثاني سنة والثالث إكمال ، وقيل الثاني والثالث سنة ، وقيل : الثاني سنة والثالث نفل ، والظاهر أنه معنى الأول ، وقيل على عكسه .

وعن أبي بكر الإسكاف الثلاث تقع فرضا كإطالة القيام والركوع ونحوه .

وعندي أنه إن كان معنى الثاني أن الثاني مضاف إلى الثالث سنة : أي المجموع فهو الحق فلا يوصف الثاني بالسنية في حد ذاته ، فلو اقتصر عليه لا يقال فعل السنة ; لأن بعض الشيء ليس بالشيء ، ولا الثالث إذا لم يلاحظ مع ما قبله ( قوله : والوعيد لعدم رؤيته سنة ) أي هذا العدد وهذا أحد ما قيل ، فلو رآه وزاد لقصد الوضوء على الوضوء أو لطمأنينة القلب عند الشك أو نقص لحاجته لا بأس به .

وقيل أريد به مجرد العدد .

وقيل : الزيادة على أعضاء الوضوء ، والنقص منها وتعدى يرجع إذا زاد وظلم يرجع إلى نقص ، وأصل الظلم النقص ، قال الله تعالى { ولم تظلم منه شيئا } أي لم تنقص هذا .

والحديث بمجموع هذا اللفظ غير معروف ، بل صدره روي عن عدة من الصحابة يرفعونه ، رواه الدارقطني عن ابن عمر يرفعه ، وضعف بالمسيب بن واضح ، وابن ماجه عن أبي بن كعب يرفعه ، وضعف بزيد بن أبي الحواري وغيره ، ورواه الدارقطني في كتاب غرائب مالك من حديث زيد بن ثابت وضعف بعلي بن حسن الشامي . وأما عجزه فإنما هو في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده { أن رجلا أتاه صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله كيف الطهور ؟ فدعا بماء في إناء غسل كفيه ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل ذراعيه ثلاثا ثم مسح برأسه ، أدخل أصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه ، وبالسباحتين باطن أذنيه ، ثم غسل رجليه ثلاثا ثلاثا ثم قال : هكذا الوضوء ، فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم } . وفي لفظ لابن ماجه { تعدى وظلم } . وللنسائي : { أساء وتعدى وظلم } . قال في الإمام : الحديث صحيح عند من يصحح حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده [ ص: 32 ] لصحة الإسناد إلى عمرو ا هـ . وقد اختلف المحدثون فيه والمحققون على صحته ، فجمع المصنف رحمه الله بين الألفاظ المروية عنه عليه الصلاة والسلام ونسبها إليه ، ولا عتب عليه في ذلك ; لأنه لم ينسبه إلى صحابي واحد معين .




الخدمات العلمية