الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 77 ] من القواعد التي يبنى عليها كثير من الأحكام ، استصحاب حكم اليقين ، والإعراض عن الشك ، فلو تيقن الطهارة ، وشك في الحدث ، أو عكسه ، عمل باليقين فيهما . ولو ظن الحدث بعد يقين الطهارة ، فكالشك ، فله الصلاة . ولنا وجه : أنه إذا شك في الحدث خارج الصلاة ، وجب الوضوء ، وهذا شاذ ، بل غلط . ومن هذا الباب ما إذا مس الخنثى فرجه مرتين ، وشك ، هل الممسوس ثانيا الأول ، أم الآخر ؟ أو شك من نام قاعدا ، ثم تمايل وانتبه ، أيهما كان أسبق ؟ أو شك هل ما رآه رؤيا ، أم حديث نفس ؟ أو هل لمس البشرة ، أم الشعر ؟ فلا يلزمه الوضوء في جميع هذا . وكذا الشك في الحدث الأكبر . ولو تيقن بعد طلوع الشمس حدثا ، وطهارة ، ولم يعلم أسبقهما ، فثلاثة أوجه . أصحها ، وقول الأكثرين : أنه إن كان قبل طلوع الشمس محدثا ، فهو الآن متطهر ، وإن كان متطهرا فالآن محدث إن كان ممن يعتاد تجديد الوضوء ، وإلا فمتطهر أيضا ، وإن لم يعلم ما كان قبل طلوع الشمس ، وجب الوضوء . والوجه الثاني : أنه على ما كان قبل طلوع الشمس ، ولا نظر إلى ما بعده ، فإن لم يعلم ما كان قبله ، وجب الوضوء . والثالث : لا نظر إلى ما قبل الطلوع ، بل يجب الوضوء بكل حال .

                                                                                                                                                                        قلت : الوجه الثاني : غلط صريح ، وكيف يؤمر بالعمل بما تيقن بطلانه ؟ ! والوجه الثالث : هو الصحيح عند جماعات من محققي أصحابنا . وفيه وجه رابع : يعمل بغلبة الظن ، وقد أوضحت دلائله في شرح ( المهذب ) . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية