الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        5248 حدثنا إسماعيل قال حدثني سليمان عن يحيى بن سعيد عن القاسم أن ابن خباب أخبره أنه سمع أبا سعيد يحدث أنه كان غائبا فقدم فقدم إليه لحم قالوا هذا من لحم ضحايانا فقال أخروه لا أذوقه قال ثم قمت فخرجت حتى آتي أخي أبا قتادة وكان أخاه لأمه وكان بدريا فذكرت ذلك له فقال إنه قد حدث بعدك أمر

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا إسماعيل ) هو ابن أبي أويس ، وسليمان هو ابن بلال ، ويحيى بن سعيد هو الأنصاري ، والقاسم هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق ، وابن خباب بمعجمة وموحدتين الأولى ثقيلة اسمه عبد الله ، والإسناد كله مدنيون ، وفيه ثلاثة من التابعين في نسق : يحيى والقاسم وشيخه ، وفيه صحابيان : أبو سعيد وقتادة بن النعمان .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقدم ) أي من السفر ( فقدم ) بضم القاف وتشديد الدال المكسورة أي وضع بين يديه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقال أخروه ) فعل أمر من التأخير ( لا أذوقه ) أي لا آكل منه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال ثم قمت فخرجت ) قد تقدم في غزوة بدر من كتاب المغازي من رواية الليث عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد بلفظ " أن أبا سعيد قدم من سفر فقدم إليه أهله لحما من لحوم الأضاحي ، فقال : ما أنا بآكله حتى أسأل " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فخرجت حتى آتي أخي أبا قتادة ، وكان أخاه لأمه ) كذا لأبي ذر ووافقه الأصيلي والقابسي في روايتهما عن أبي زيد المروزي وأبي أحمد الجرجاني ، وهو وهم ، وقال الباقون " حتى آتي أخي قتادة " وهو الصواب ، وقد تقدم في رواية الليث " فانطلق إلى أخيه لأمه قتادة بن النعمان " وزعم بعض من لم يمعن النظر في ذلك أنه وقع في كل النسخ " أبا قتادة " وليس كما زعم ، وقد نبه على اختلاف الرواة في ذلك أبو علي الجياني في تقييده وتبعه عياض وآخرون ، وأم أبي سعيد وقتادة المذكور أنيسة بنت أبي خارجة عمرو بن قيس بن مالك من بني عدي بن النجار ، ذكر ذلك ابن سعد

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدث بعدك أمر ) زاد الليث " نقض لما كانوا ينهون عنه من أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام " ، [ ص: 28 ] وقد أخرجه أحمد من رواية محمد بن إسحاق قال " حدثني أبي ومحمد بن علي بن حسين عن عبد الله بن خباب " مطولا ولفظه عن أبي سعيد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهانا أن نأكل لحوم نسكنا فوق ثلاث ، قال فخرجت في سفر ثم قدمت على أهلي - وذلك بعد الأضاحي بأيام - فأتتني صاحبتي بسلق قد جعلت فيه قديدا فقالت : هذا من ضحايانا ، فقلت لها : أولم ينهنا ؟ فقالت : إنه رخص للناس بعد ذلك ، فلم أصدقها حتى بعثت إلى أخي قتادة بن النعمان - فذكره وفيه - قد أرخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمسلمين في ذلك " . وأخرجه النسائي وصححه ابن حبان من طريق زينب بنت كعب عن أبي سعيد فقلب المتن جعل راوي الحديث أبا سعيد والممتنع من الأكل قتادة بن النعمان ، وما في الصحيحين أصح . وأخرجه أحمد من وجه آخر فجعل القصة لأبي قتادة وأنه سأل قتادة بن النعمان عن ذلك أيضا ، وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام في حجة الوداع فقال إني كنت أمرتكم ألا تأكلوا الأضاحي فوق ثلاثة أيام لتسعكم وإني أحله لكم فكلوا منه ما شئتم الحديث . فبين في هذا الحديث وقت الإحلال ، وأنه كان في حجة الوداع ، وكأن أبا سعيد ما سمع ذلك . وبين فيه أيضا السبب في التقييد وأنه لتحصيل التوسعة بلحوم الأضاحي لمن لم يضح .



                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية