الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
823 حدثنا محمد بن صالح بن الوليد النرسي البصري ابن أخي العباس بن الوليد النرسي ، حدثنا مسلم بن حاتم الأنصاري ، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن أبيه عبد الله بن المثنى ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن سعيد بن المسيب ، عن أنس بن مالك قال : " قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة وأنا يومئذ ابن ثمان سنين ، فذهبت بي أمي إليه ، فقالت : يا رسول الله ، إن رجال الأنصار ونساءهم قد أتحفوك غيري ، ولم أجد ما أتحفك إلا ابني هذا ، فاقبل مني يخدمك ما بدا لك ، قال : فخدمت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشر سنين ، فلم يضربني ضربة قط ، ولم يسبني ، ولم يعبس في وجهي ، وكان أول ما أوصاني به أن قال : يا بني ، اكتم سري تكن مؤمنا ، فما أخبرت بسره أحدا ، وإن كانت أمي ، وأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسألنني أن أخبرهن بسره فلا أخبرهن ولا أخبر بسره أحدا أبدا ، ثم قال : يا بني أسبغ الوضوء يزد في عمرك ويحبك حافظاك ، ثم قال : يا بني ، إن استطعت أن لا تبيت إلا على وضوء فافعل ، فإنه من أتاه الموت وهو على وضوء أعطي الشهادة ، ثم قال : يا بني ، إن استطعت أن لا تزال تصلي فافعل فإن الملائكة لا تزال تصلي عليك ما دمت تصلي ، ثم قال يا بني ، إياك والالتفات في الصلاة ، فإن الالتفات في الصلاة هلكة ، فإن كان لا بد ففي التطوع لا في الفريضة ، ثم قال لي : يا بني ، إذا ركعت فضع كفيك على ركبتيك ، وافرج بين أصابعك ، وارفع يديك عن جنبيك ، فإذا رفعت رأسك من الركوع فكن لكل عضو موضعه ، فإن الله لا ينظر [ ص: 33 ] يوم القيامة إلى من لا يقيم صلبه في ركوعه وسجوده ، ثم قال : يا بني ، إذا سجدت فلا تنقر كما ينقر الديك ، ولا تقع كما يقعي الكلب ، ولا تفترش ذراعيك افتراش السبع ، وافرش ظهر قدميك الأرض ، وضع أليتيك على عقبيك فإن ذلك أيسر عليك يوم القيامة في حسابك ، ثم قال : يا بني بالغ في الغسل من الجنابة تخرج من مغتسلك ليس عليك ذنب ولا خطيئة ، قلت : بأبي وأمي ، ما المبالغة ؟ قال : تبل أصول الشعر ، وتنقي البشرة ، ثم قال لي : يا بني ، إن [ إذا ] قدرت أن تجعل من صلواتك في بيتك شيئا فافعل فإنه يكثر خير بيتك ، ثم قال لي : يا بني ، إذا دخلت على أهلك فسلم يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك ، ثم قال : يا بني ، إذا خرجت من بيتك فلا يقعن بصرك على أحد من أهل القبلة إلا سلمت عليه ترجع وقد زيد في حسناتك ، ثم قال : يا بني ، إن قدرت أن تمسي وتصبح وليس في قلبك غش لأحد فافعل ، ثم قال لي : يا بني ، إذا خرجت من أهلك فلا يقعن بصرك على أحد من أهل القبلة إلا ظننت أن له الفضل عليك ، ثم قال لي : يا بني ، إن حفظت وصيتي فلا يكونن شيء أحب إليك من الموت ، ثم قال لي : يا بني إن ذلك من سنتي ومن أحيا سنتي فقد أحبني ، ومن أحبني كان معي في الجنة " . لا يروى عن أنس بهذا التمام إلا بهذا الإسناد . تفرد به مسلم الأنصاري وكان ثقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية