الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 121 ] أن أدوا إلي عباد الله أطلقوهم وسلموهم إلي، والمراد بهم بنو إسرائيل الذين كان فرعون مستعبدهم، والتعبير عنهم بعباد الله تعالى للإشارة إلى أن استعباده إياهم ظلم منه، والأداء مجاز عما ذكر، وهذا كقوله عليه السلام فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم وروي ذلك عن ابن زيد ومجاهد . وقتادة أو أدوا إلي حق الله تعالى من الإيمان وقبول الدعوى يا عباد الله على أن مفعول (أدوا) محذوف وعباد منادى وهو عام لبني إسرائيل والقبط، والأداء بمعنى الفعل للطاعة وقبول الدعوى وروي هذا عن ابن عباس ، وأن عليهما قيل مصدرية قبلها حرف جر مقدر متعلق بجاءهم أي بأن أدوا، وتعقب بأنه لا معنى لقولك: جاءهم بالتأدية إلي، وحمله على طلب التأدية إلي لا يخلو عن تعسف ورد بأنه بتقدير القول وهو شائع مطرد فتقديره بأن قال أدوا إلي ولا يخلو عن تكلف ما ومع هذا الأمر مبني على جواز وصل المصدرية بالأمر والنهي وهو غير متفق عليه، نعم الأصح الجواز.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هي مخففة من الثقيلة، وتعقب بأنها حينئذ يقدر معها ضمير الشأن ومفسره لا يكون إلا جملة خبرية وأيضا لا بد أن يقع بعدها النفي أو قد أو السين أو سوف أو لو وأن يتقدمها فعل قلبي ونحوه وأجيب بأن مجيء الرسول يتضمن معنى فعل التحقيق كالإعلام والفصل المذكور غير متفق عليه، فقد ذهب المبرد تبعا للبغاددة إلى عدم اشتراطه، والقول بأنه شاذ يصان القرآن عن مثله غير مسلم واشتراط كون مفسر ضمير الشأن جملة خبرية فيه خلاف على ما يفهم من كلام بعضهم، ولم يذكر في المغني في الباب الرابع في الكلام على ضمير الشأن إلا اشتراط كون مفسره جملة ولم يشترط فيها الخبرية ولم يتعرض لخلاف، نعم قال في الباب الخامس: النوع الثامن اشتراطهم في بعض الجملة الخبرية وفي بعضها الإنشائية وعد من الأول خبران وضمير الشأن لكنه قال بعد: وينبغي أن يستثنى من ذلك في خبري أن وضمير الشأن خبر أن المفتوحة إذا خففت فإنه يجوز أن يكون جملة دعائية كقوله تعالى والخامسة أن غضب الله عليها في قراءة من قرأ أن وغضب بالفعل والاسم الجليل فاعل.

                                                                                                                                                                                                                                      وحقق بعض الأجلة أن الإخبار عن ضمير الشأن بجملة إنشائية جائز عند الزمخشري أو هي مفسرة وقد تقدم ما يدل على القول دون حروفه لأن مجيء الرسول يكون برسالة ودعوة وكأن التفسير لمتعلقه المقدر أي جاءهم بالدعوة وهي أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين وأن لا تعلوا على الله ولا تستكبروا عليه سبحانه بالاستهانة بوحيه جل شأنه ورسوله عليه السلام و أن كالتي قبلها، والمعنى على المصدرية بكفكم عن العلو على الله تعالى إني آتيكم بسلطان مبين تعليل للنهي أي آتيكم بحجة واضحة لا سبيل إلى إنكارها أو موضحة صدق دعواي و (آتيكم) على صيغة الفاعل أو المضارع، ولا يخفى حسن ذكر الأمين مع الأداء والسلطان مع العلاء، وذكر أن في الأول ترشيحا للاستعارة المصرحة أو المكنية بجعلهم كأنهم مال للغير في يده أمره بدفعه لمن يؤتمن عليه وفي الثاني تورية عن معنى الملك مرشحة بقوله لا تعلوا وقرأت فرقة " (أني)" بفتح الهمزة فقيل هو أيضا على تعليل النهي بتقدير اللام، وقيل: هو متعلق بما دخله النهي نظير قولك لمن غضب من قول الحق له لا تغضب لأن قيل لك الحق

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية