الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      1615 حدثنا مسدد وسليمان بن داود العتكي قالا حدثنا حماد عن أيوب عن نافع قال قال عبد الله فعدل الناس بعد نصف صاع من بر قال وكان عبد الله يعطي التمر فأعوز أهل المدينة التمر عاما فأعطى الشعير

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( فعدل الناس ) : أي معاوية - رضي الله عنه - ومن معه ( من بر ) : فجعل في كل شيء سوى الحنطة صاعا ، وفي الحنطة نصف صاع ، ومثله عن طاوس وابن المسيب وابن الزبير وسعيد بن جبير ، وأخرج الطحاوي عن جماعة كثيرة ثم قال فهذا كل ما روينا في هذا الباب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه وعن تابعيهم كلها على أن صدقة الفطر من الحنطة نصف صاع ، وما علمنا أحدا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا من التابعين روي عنه خلاف ذلك ، فلا ينبغي لأحد أن يخالف ذلك إذ قد صار إجماعا في زمن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي انتهى مختصرا .

                                                                      قال ابن المنذر : لا نعلم في القمح خبرا ثابتا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتمد عليه ولم يكن البر بالمدينة في ذلك الوقت إلا الشيء اليسير فلما كثر في زمن الصحابة رأوا أن نصف صاع منه يقوم مقام صاع من الشعير وهم الأئمة ، فغير جائز أن يعدل عن قولهم إلا إلى قول مثلهم ، ثم أسند عن عثمان وعلي وأبي هريرة وجابر وابن عباس وابن الزبير وأمه أسماء بنت أبي [ ص: 11 ] بكر بأسانيد قال الحافظ صحيحة أنهم رأوا أن في زكاة الفطر نصف صاع من قمح انتهى .

                                                                      قال الحافظ : وهذا مصير من ابن المنذر إلى اختيار ما ذهب إليه الحنفية ، لكن حديث أبي سعيد دال على أنه لم يوافق على ذلك ، وكذلك ابن عمر فلا إجماع في المسألة خلافا للطحاوي . والكلام في هذه المسألة في فتح الباري وغيره . وذهب أبو سعيد وأبو العالية وأبو الشعثاء والحسن البصري وجابر بن زيد والشافعي ومالك وأحمد وإسحاق إلى أن البر والزبيب كذلك يجب من كل واحد منهما صاع .

                                                                      ( فأعوز أهل المدينة ) : بالمهملة والزاي أي احتاج يقال أعوزني الشيء إذا احتجت إليه فلم أقدر عليه ، وفيه دلالة على أن التمر أفضل ما يخرج في صدقة الفطر ، وقد روى جعفر الفريابي من طريق أبي مجلز قال قلت لابن عمر قد أوسع الله والبر أفضل من التمر أفلا تعطي البر ، قال : لا أعطي إلا كما كان يعطي أصحابي .

                                                                      ويستنبط من ذلك أنهم كانوا يخرجون من أعلى الأصناف التي يقتات بها ؛ لأن التمر أعلى من غيره مما ذكر في حديث أبي سعيد ، وإن كان ابن عمر فهم منه خصوصية التمر بذلك كذا في فتح الباري .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي




                                                                      الخدمات العلمية