الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وتصح بلفظ المساقاة والمعاملة وما في معناهما ، وتصح بلفظ الإجارة في أحد الوجهين ، وقد نص أحمد في رواية جماعة فيمن قال : آجرتك هذه الأرض بثلث ما يخرج منها أنه يصح ، وهذه مزارعة بلفظ الإجارة ، ذكره أبو الخطاب ، وقال أكثر أصحابنا : هي إجارة ، والأول أقيس وأصح ، وهل تصح على ثمرة موجودة ؛ على روايتين ، وإن ساقاه على شجر يغرسه ويعمل عليه حتى يثمر بجزء من الثمرة صح .

                                                                                                                          [ ص: 47 ]

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          [ ص: 47 ] ( وتصح ) من كل جائز التصرف ( بلفظ المساقاة ) لأنها موضوعها حقيقة ( والمعاملة ) لقوله : عامل أهل خيبر ( وما في معناهما ) كفالحتك ، واعمل في بستاني هذا حتى تكمل ثمرته ; لأن القصد المعنى ، فإذا أتى بلفظ دال عليه صح كالبيع ( وتصح ) هي ومزارعة ( بلفظ الإجارة في أحد الوجهين ) جزم به في " الوجيز " ; لأنه مؤد للمعنى ، فصح به العقد كسائر الألفاظ المتفق عليها ، والثاني لا ، واختاره أبو الخطاب ; لأن الإجارة يشترط لها ما لا يشترط للمساقاة ، وهما مختلفان في اللزوم والجواز ، فلم تصح بلفظ الإجارة كما لا تصح بلفظ البيع ( وقد نص أحمد في رواية جماعة فيمن قال : آجرتك هذه الأرض بثلث ما يخرج منها أنه يصح ، وهذه مزارعة بلفظ الإجارة ، ذكره أبو الخطاب ) فعبر بالإجارة عن المزارعة على سبيل المجاز كما يعبر عن الشجاع بالأسد ، فعلى هذا يكون نهيه عن كراء الأرض بثلث ما يخرج منها أنه ينصرف إلى الإجارة الحقيقية لا المزارعة ( وقال أكثر أصحابنا هي إجارة ) لأنها مذكورة بلفظها ، فتكون إجارة حقيقة ، ويشترط فيها شروط الإجارة ، وتصح ببعض الخارج منها كما تصح بالدراهم ، ونص عليه ، واختاره الأكثر ، وعنه : لا ، اختاره أبو الخطاب ، والمؤلف ، وقيل : تكره ، وإن صح إجارة ، أو مزارعة ، فلم يزرع نظر إلى معدل المغل ، فيجب القسط المسمى فيه ( والأول أقيس وأصح ) دليلا عنده إذ الخبر يدل عليه ، واللفظ قد يعدل عن حقيقته إلى مجازه لدليل ( وهل تصح على ثمرة موجودة ؛ ) لم تكمل ، وعلى زرع نابت ينمي بالعمل ( على روايتين ) إحداهما لا يجوز ; لأنه عليه السلام عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر ، أو زرع ، وذلك [ ص: 48 ] مفقود هنا ، ولأن الثمرة إذا ظهرت فقد حصل المقصود ، وصار بمنزلة مضاربته على المال بعد ظهور الربح ، والثانية - وهي الأصح - الجواز ; لأنها إذا جازت في المعدوم مع كثرة الغرر فيها فمع وجودها وقلة الغرر فيها أولى ، ومحلها إذا بقي من العمل ما تزيد به الثمرة كالتأبير ، والسقي ، والإصلاح ، فإن بقي ما لا تزيد به كالجداد لم يجز بغير خلاف ( وإن ساقاه على شجر يغرسه ، ويعمل عليه حتى يثمر بجزء من الثمرة صح ) في المنصوص ، قال في رواية أبي داود : إذا قال لرجل : اغرس في أرضي هذه شجرا ، أو نخلا ، فما كان من غلة فلك بعملك كذا ، فإجارة ، واحتج بحديث خيبر ، ولأن العمل وعوضه معلومان ، فصحت كالمساقاة على شجر موجود ، ويعتبر أن يكون الغراس من رب الأرض كالمزارعة ، فإن كان من العامل ، فعلى الروايتين في المزارعة إذا شرط البذر من العامل ، وقال القاضي : المعاملة باطلة ، وصاحب الأرض مخير بين تكليفه قلعها ويضمن له نقصها ، وبين تركها في أرضه ، ويدفع إليه قيمتها ، فإن اختار العامل قلع شجره ، فله ذلك سواء بذل له القيمة أو لا ; لأنه ملكه ، فلم يمنع من تحويله ، وإن اتفقا على إبقاء الغراس ودفع أجر الأرض جاز .

                                                                                                                          تنبيه : ظاهر نصه أنها تصح بجزء من الشجر ، وبجزء منهما كالمزارعة ، وهي المغارسة والمناصبة ، اختاره أبو حفص العكبري ، والقاضي في " تعليقه " والشيخ تقي الدين ، وذكره ظاهر المذهب ، ولو كان مغروسا ، ولو كان ناظر وقف ، وأنه لا يجوز لناظر بعده بيع نصيب الوقف بلا حاجة ، وأن لحاكم الحكم بلزومها في محل النزاع فقط ، والحكم به من جهة عوض المثل ، ولو لم تقم به بينة ; لأنه الأصل في العقود قال في " الفروع " : ويتوجه اعتبار بينة ، [ ص: 49 ] وقدم في " المغني " ، و " الشرح " أنه لا يصح ، فلو دفعها إليه على أن الأرض والشجر بينهما ، فذلك فاسد بغير خلاف نعلمه .

                                                                                                                          فرع : عملا في شجر بينهما نصفين ، وشرطا التفاضل في ثمره صح كاشتراط العامل من كل نوع جزءا معلوما ، وكتعدده ، ويشترط لصحتها أن يكون الشجر معلوما كالبيع ، فإن ساقاه على بستان لم يره ولم يوصف له لم يصح كمساقاته على أحد هذين الحائطين .




                                                                                                                          الخدمات العلمية