الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      مسألة

                                                      تقرير النبي صلى الله عليه وسلم واحدا من المكلفين على خلاف مقتضى العام ، هل يكون مخصصا إذا وجدت شرائط التقرير بعد الإنكار في حق ذلك الفاعل ؟ قاطع في تخصيص العام في حقه إذ لا يقر على باطل ، فإن كان بعد وقت العمل به كان نسخا في حقه . وأما في حق غيره . فإن ثبتت مساواته له بقوله : ( حكمي على الواحد ) ونحوه ارتفع حكم العام عن الباقي أيضا ، وعلى هذا يكون نسخا لا تخصيصا ، إن خالف ذلك جميع ما دل عليه العام ، ويكون تخصيصا إن خالف في فرد ، كما لو قال : لا تقتلوا المسلمين ، وقد رأينا أن شخصا قتل مسلما ، وأقره عليه السلام على ذلك . فيعلم أن ذلك المقتول كان يجوز لكل أحد قتله . ومثله الأستاذ أبو منصور بأن قوله : { فيما سقت السماء العشر } [ ص: 517 ] مخصوص { بتركه أخذ الزكاة من الخضراوات } . قال ابن القطان : وكذا { تركه أخذ الزكاة في النواضح } وإقراره { ترك الوضوء من النوم قاعدا } وإذا قلنا بالتخصيص بالتقرير ، فهل نقول وقع التخصيص بنفس التقرير ، أم يستدل بذلك على أنه قد خص بقول سابق ؟ فيه وجهان ، حكاهما ابن القطان وابن فورك وإلكيا ، أحدهما : أنه يستدل بذلك على أنه عليه السلام قال لهم ، إذ لا يجوز عليهم أن يتركوا ذلك إلا بأمر .

                                                      والثاني : أن التقرير وقع به التخصيص .

                                                      قال ابن فورك والطبري : وهو الظاهر من الحال ، وظاهر كلام ابن القطان يقتضي ترجيحه قالا : وعلى هذا يكون ما قاله الشافعي في { صلاة النبي عليه السلام قاعدا مع صلاة الصحابة خلفه قياما } دليل على أنه كان نسخ قوله : { إذا صلى الإمام قاعدا فصلوا قعودا } على أنهم لم [ ص: 518 ] يكونوا ليفعلوا ذلك ، وينتقلوا عن الحالة الأولى إلا لشيء متقدم ، وليس ذلك نقلا عن الحال إنما هو بناء على ما كانوا عليه ، ويتوصل بالحال إلى العلم به .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية