الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      أبو العباس السراج : سمعت إبراهيم بن بشار ، حدثني علي بن الفضيل ، سمعت أبي يقول لابن المبارك : أنت تأمرنا بالزهد والتقلل ، والبلغة ، ونراك تأتي بالبضائع ، كيف ذا ؟ قال : يا أبا علي ، إنما أفعل ذا لأصون وجهي ، وأكرم عرضي ، وأستعين به على طاعة ربي . قال : يا ابن المبارك ما أحسن ذا إن تم ذا .

                                                                                      الفتح بن سخرف : حدثنا عباس بن يزيد ، حدثنا حبان بن موسى ، قال : عوتب ابن المبارك فيما يفرق من المال في البلدان دون بلده ، قال : إني أعرف مكان قوم لهم فضل وصدق ، طلبوا الحديث ، فأحسنوا طلبه لحاجة الناس إليهم احتاجوا ، فإن تركناهم ضاع علمهم ، وإن أعناهم بثوا العلم لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- لا أعلم بعد النبوة أفضل من بث العلم .

                                                                                      عباس الدوري : سمعت يحيى يقول : ما رأيت أحدا يحدث لله إلا ستة نفر ، منهم : ابن المبارك .

                                                                                      أبو حاتم : حدثنا ابن الطباع ، عن ابن مهدي قال : الأئمة أربعة : [ ص: 388 ] سفيان ، ومالك ، وحماد بن زيد ، وابن المبارك .

                                                                                      وروي عن ابن مهدي قال : ما رأيت رجلا أعلم بالحديث من سفيان ، ولا أحسن عقلا من مالك ، ولا أقشف من شعبة ، ولا أنصح للأمة من ابن المبارك .

                                                                                      وقال محمد بن المثنى : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : ما رأت عيناي مثل أربعة : ما رأيت أحفظ للحديث من الثوري ، ولا أشد تقشفا من شعبة ، ولا أعقل من مالك ، ولا أنصح للأمة من ابن المبارك .

                                                                                      أبو نشيط : سمعت نعيم بن حماد : قلت لابن مهدي : أيهما أفضل ، ابن المبارك ، أو سفيان الثوري ؟ فقال : ابن المبارك . قلت : إن الناس يخالفونك ، قال : إنهم لم يجربوا ، ما رأيت مثل ابن المبارك .

                                                                                      نوح بن حبيب : حدثنا ابن مهدي قال : حدثنا ابن المبارك ، وكان نسيج وحده .

                                                                                      أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز : سمعت يحيى بن معين يقول : سمعت ابن مهدي يقول : ابن المبارك أعلم من سفيان الثوري .

                                                                                      وقال محمد بن أعين : سمعت عبد الرحمن بن مهدي ، واجتمع إليه أصحاب الحديث ، فقالوا له : جالست الثوري ، وسمعت منه ، ومن ابن المبارك ، فأيهما أرجح ؟ قال : لو أن سفيان جهد على أن يكون يوما مثل عبد الله لم يقدر . [ ص: 389 ]

                                                                                      ابن أبي العوام : حدثنا أبي ، سمعت شعيب بن حرب ، يقول : قال سفيان : إني لأشتهي من عمري كله أن أكون سنة مثل ابن المبارك ، فما أقدر أن أكون ولا ثلاثة أيام .

                                                                                      محمد بن المنذر : حدثنا إبراهيم بن بحر الدمشقي ، حدثنا عمران بن موسى الطرسوسي ، قال : سأل رجل سفيان ، فقال : من أين أنت ؟ قال : من أهل المشرق ، قال : أوليس عندكم أعلم أهل المشرق ؟ قال : ومن هو ؟ قال : عبد الله بن المبارك . قال : وهو أعلم أهل المشرق ؟ قال : نعم ، وأهل المغرب .

                                                                                      قال محمد بن المنذر : وحدثني محمد بن أحمد بن الحسين القرشي ، حدثنا أحمد بن عبدة ، قال : كان فضيل وسفيان ومشيخة جلوسا في المسجد الحرام ، فطلع ابن المبارك من الثنية ، فقال سفيان : هذا رجل أهل المشرق . فقال فضيل : رجل أهل المشرق والمغرب وما بينهما .

                                                                                      وقال علي بن زيد : حدثني عبد الرحمن بن أبي جميل قال : كنا حول ابن المبارك بمكة ، فقلنا له : يا عالم الشرق حدثنا - وسفيان قريب منا يسمع- فقال : ويحكم عالم المشرق والمغرب وما بينهما .

                                                                                      وقال محمد بن عبد الله بن قهزاذ : سمعت أبا الوزير يقول : قدمت على سفيان بن عيينة ، فقالوا له : هذا وصي عبد الله ، فقال : رحم الله عبد الله ، ما خلف بخراسان مثله . [ ص: 390 ]

                                                                                      أحمد بن أبي الحواري : حدثنا أبو عصمة ، قال : شهدت سفيان وفضيل بن عياض ، فقال سفيان لفضيل : يا أبا علي ، أي رجل ذهب -يعني ابن المبارك - قال : يا أبا محمد ، وبقي بعد ابن المبارك من يستحيى منه ؟ .

                                                                                      محمد بن مخلد : حدثنا عبد الصمد بن حميد ، سمعت عبد الوهاب بن عبد الحكم يقول : لما مات ابن المبارك بلغني أن هارون أمير المؤمنين قال : مات سيد العلماء .

                                                                                      المسيب بن واضح : سمعت أبا إسحاق الفزاري يقول : ابن المبارك إمام المسلمين أجمعين . قلت : هذا الإطلاق من أبي إسحاق معني بمسلمي زمانه .

                                                                                      قال المسيب : ورأيت أبا إسحاق بين يدي ابن المبارك قاعدا يسأله .

                                                                                      قال أبو وهب أحمد بن رافع -وراق سويد بن نصر - : سمعت علي بن إسحاق بن إبراهيم يقول : قال ابن عيينة : نظرت في أمر الصحابة ، وأمر عبد الله ، فما رأيت لهم عليه فضلا إلا بصحبتهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وغزوهم معه . محمود بن والان ، قال : سمعت عمار بن الحسن يمدح ابن المبارك ويقول : [ ص: 391 ]

                                                                                      إذا سار عبد الله من مرو ليلة فقد سار منها نورها وجمالها


                                                                                      إذا ذكر الأحبار في كل بلدة     فهم أنجم فيها وأنت هلالها



                                                                                      هاشم بن مرثد : حدثنا عثمان بن طالوت ، سمعت علي بن المديني يقول : انتهى العلم إلى رجلين : إلى ابن المبارك ، ثم إلى ابن معين .

                                                                                      وقال أحمد بن يحيى بن الجارود : قال علي ابن المديني : عبد الله بن المبارك أوسع علما من عبد الرحمن بن مهدي ، ويحيى بن آدم .

                                                                                      قال أبو سلمة التبوذكي : سمعت سلام بن أبي مطيع يقول : ما خلف ابن المبارك بالمشرق مثله .

                                                                                      إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد : سمعت يحيى بن معين ، وذكروا عبد الله بن المبارك ، فقال رجل : إنه لم يكن حافظا ، فقال ابن معين : كان عبد الله -رحمه الله- كيسا مستثبتا ثقة ، وكان عالما صحيح الحديث ، وكانت كتبه التي يحدث بها عشرين ألفا أو واحدا وعشرين ألفا .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية