الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ضنن

                                                          ضنن : الضنة والضن والمضنة والمضنة ، كل ذلك : من الإمساك والبخل ، ورجل ضنين . قال الله عز وجل : وما هو على الغيب بضنين ; قال الفراء : قرأ زيد بن ثابت ، وعاصم ، وأهل الحجاز بضنين ، وهو حسن ، يقول : يأتيه غيب وهو منفوس فيه فلا يبخل به عليكم ، ولا يضن به عنكم ، ولو كان مكان على عن صلح أو الباء كما تقول : ما هو بضنين بالغيب ، وقال الزجاج : ما هو على الغيب ببخيل أي هو - صلى الله عليه وسلم - يؤدي عن الله ، ويعلم كتاب الله أي ما هو ببخيل كتوم لما أوحي إليه ، وقرئ : بظنين ، وتفسيره في مكانه . ابن سيده : ضننت بالشيء أضن ، وهي اللغة العالية ، وضننت أضن ضنا وضنا وضنة ومضنة ومضنة وضنانة بخلت به ، وهو ضنين به . قال ثعلب : قال الفراء : سمعت ضننت ولم أسمع أضن ، وقد حكاه يعقوب ، ومعلوم أن من روى حجة على من لم يرو ; وقول قعنب ابن أم صاحب :


                                                          مهلا أعاذل ، قد جربت من خلقي أني أجود لأقوام وإن ضننوا



                                                          فأظهر التضعيف ضرورة . وعلق مضنة ومضنة ، بكسر الضاد وفتحها ، أي هو شيء نفيس مضنون به ويتنافس فيه . والضن : الشيء النفيس المضنون به ; عن الزجاجي . ورجل ضنين : بخيل ; وقول البعيث :


                                                          ألا أصبحت أسماء جاذمة الحبل     وضنت علينا ، والضنين من البخل



                                                          أراد : الضنين مخلوق من البخل ، كقولهم : مجبول من الكرم ، ومطين من الخير ، وهي مخلوقة من البخل ، وكل ذلك على المجاز لأن المرأة جوهر والبخل عرض ، والجوهر لا يكون من العرض ، إنما أراد تمكين البخل فيها حتى كأنها مخلوقة منه ، ومثله ما حكاه سيبويه من قولهم : ما زيد إلا أكل وشرب ، ولا يكون أكلا وشربا لاختلاف الجهتين ، وهذا أوفق من أن يحمل على القلب وأن يراد به والبخل من الضنين لأن فيه من الإعظام والمبالغة ما ليس في القلب ; ومثله قوله :


                                                          وهن من الإخلاف والولعان



                                                          وهو كثير . ويقال : فلان ضنتي من بين إخواني وضني أي أختص به وأضن بمودته . وفي الحديث : ( إن لله ضنائن من خلقه ) ، وفي رواية : ( ضنا من خلقه يحييهم في عافية ويميتهم في عافية ) ; أي خصائص واحدهم ضنينة ، فعيلة بمعنى مفعولة ، من الضن وهو ما تختصه وتضن به أي تبخل لمكانه منك وموقعه عندك ; وفي الصحاح : فلان ضني من بين إخواني ، وهو شبه الاختصاص . وفي حديث الأنصار : لم نقل إلا ضنا برسول الله أي بخلا وشحا أن يشاركنا فيه غيرنا . وفي حديث ساعة الجمعة : ( فقلت : أخبرني بها ولا تضنن علي ) ; أي لا تبخل . ويقال : اضطن يضطن أي بخل يبخل ، وهو افتعال من الضن ، وكان في الأصل اضتن ، فقلبت التاء طاء . وضننت بالمنزل ضنا وضنانة : لم أبرحه ، والاضطنان افتعال من ذلك . وأخذت الأمر بضنانته أي بطراوته لم يتغير ، وهجمت على القوم وهم بضنانتهم لم يتفرقوا . ورجل ضنن : شجاع ; قال :


                                                          إني إذا ضنن يمشي إلى ضنن     أيقنت أن الفتى مود به الموت



                                                          والمضنون : الغالية ، وفي المحكم : المضنون دهن البان ; قال الراجز :


                                                          قد أكنبت يداك بعد لين     وبعد دهن البان والمضنون
                                                          وهمتا بالصبر والمرون



                                                          [ ص: 68 ] والمضنون والمضنونة : الغالية ; عن الزجاج . الأصمعي : المضنونة ضرب من الغسلة والطيب ; قال الراعي :


                                                          تضم على مضمونة فارسية     ضفائر لا ضاحي القرون ، ولا جعد
                                                          وتضحي ، وما ضمت فضول ثيابها     إلى كتفيها بائتزار ، ولا عقد
                                                          كأن الخزامى خالطت ، في ثيابها     جنيا من الريحان ، أو قضب الرند



                                                          والمضنونة : اسم لزمزم ، وابن خالويه يقول : في بئر زمزم المضنون ، بغير هاء . وفي حديث زمزم : قيل له احفر المضنونة ، أي التي يضن بها لنفاستها وعزتها ، وقيل للخلوق والطيب : المضنونة لأنه يضن بهما . وضنة : اسم أبي قبيلة ، وفي العرب قبيلتان : إحداهما تنسب إلى ضنة بن عبد الله بن نمير ، والثانية ضنة بن عبد الله بن كبير بن عذرة ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية