الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 559 ] وكذا لو استدخلت ذكر حمار أو ذكرا مقطوعا فسد حجها إجماعا ( ويمضي ) وجوبا في فاسده كجائزه ( ويذبح ويقضي ) ولو نفلا ، ولو أفسد القضاء هل يجب قضاؤه ؟ لم أره ، والذي يظهر أن المراد بالقضاء الإعادة [ ص: 560 ] ( ولم يتفرقا ) وجوبا بل ندبا إن خاف الوقاع

التالي السابق


( قوله وكذا لو استدخلت ذكر حمار ) والفرق بينه وبين ما إذا وطئ بهيمة حيث لا يفسد حجه أن داعي الشهوة في النساء أتم فلم تكن في جانبهن قاصرة ، بخلاف الرجل إذا جامع بهيمة ط ( قوله أو ذكرا مقطوعا ) ولو لغير آدمي ط ( قوله ويمضي إلخ ) لأن التحلل من الإحرام لا يكون إلا بأداء الأفعال أو الإحصار ولا وجود لأحدهما ، وإنما وجب المضي فيه مع فساده لما أنه مشروع بأصله دون وصفه ، ولم يسقط الواجب به لنقصانه نهر ( قوله كجائزه ) أي فيفعل جميع ما فعله في الحج الصحيح ويجتنب ما يجتنب فيه ، وإن ارتكب محظورا فعليه ما على الصحيح لباب ( قوله ويذبح ) ويقول سبع البدنة مقام الشاة كما صرح به في غاية البيان بحر . قلت : وهذا صريح ، بخلاف ما ذكره قبل هذا كما قدمناه أول الباب ( قوله ويقضي ) أي على الفور كما نقله بعض المحشين عن البحر العميق . وقال الخير الرملي : ويقضي أي من قابل لوجوب المضي ، فلا يقضي إلا من قابل ، وسيأتي في مجاوزة الوقت بغير إحرام أنه لو عاد ثم أحرم بعمرة أو حجة ثم أفسد تلك العمرة أو الحجة وقضى الحج في عامه يسقط عنه الدم فهو صريح في جواز القضاء من عامه لتدارك ما فاته فليتأمل . ا هـ .

( قوله ولو نفلا ) لوجوبه بالشروع ( قوله هل يجب قضاؤه ) أي قضاء القضاء الذي أفسده حتى يقضي حجتين للأولى والثانية ( قوله لم أره إلخ ) البحث لصاحب النهر حيث قال فيه لما سئل عن ذلك ، لم أر المسألة وقياس كونه إنما شرع فيه مسقطا لا ملزما أن المراد بالقضاء معناه اللغوي ، والمراد الإعادة كما هو الظاهر ا هـ ويوافقه قول القهستاني الأولى أن يقول وأعاد لأن جميع العمر وقته . ا هـ .

ولذا قال ابن الهمام في التحرير إن تسميته قضاء مجاز قال شارحه لأنه في وقته وهو العمر فهو أداء على قول مشايخنا ا هـ أي وحيث كان الثاني أداء لم يكن حجا آخر أفسده لأنه لم يشرع فيه ملزما نفسه حجا آخر ، بل شرع فيه مسقطا لما عليه في نفس الأمر ، وليس هو ظانا حتى يرد أن الظان يلزمه القضاء كما مر أول فصل الإحرام [ ص: 560 ] كما لا يخفى ، وحينئذ فلا يلزمه قضاء حج آخر وإنما يلزمه أداؤه ثالثا لأن الواجب عليه حج كامل حتى يسقط به الواجب ، فكلما أفسده لا يلزمه سوى الواجب عليه أولا كما لو شرع في صلاة فرض فأفسدها . وقد وجد العلامة الشيخ إسماعيل النابلسي هذه المسألة منقولة فقال : ولفظ المبتغى لو فاته الحج ثم حج من قابل يريد قضاء تلك الحجة فأفسد حجه لم يكن عليه إلا قضاء حجة واحدة كما لو أفسد قضاء صوم رمضان ا هـ . [ تنبيه ]

تقدم في كتاب الصلاة أن الإعادة فعل مثل الواجب في وقته لخلل غير الفساد وهنا الخلل هو الفساد فلا يكون إعادة ، لكن مرادهم هناك بالفساد البطلان بناء على عدم الفرق بينهما في العبادات ، وقد علمت آنفا الفرق بينهما في الحج فصدق عليه التعريف المذكور على أنا قدمنا هناك عن الميزان تعريفها بالإتيان بمثل الفعل الأول على صفة الكمال فافهم ( قوله ولم يتفرقا ) أي الرجل والمرأة في القضاء بعدما أفسدا حجهما بالجماع أي بأن يأخذ كل منهما طريقا غير طريق الآخر بحيث لا يرى أحدهما صاحبه نهر ( قوله بل ندبا إن خاف الوقاع ) كذا في البحر عن المحيط وغيره ، ومثله في اللباب ، وكذا في القهستاني عن الاختيار ، وقد راجعت الاختيار فرأيته كذلك فافهم . قال في شرح اللباب : وأما ما في الجامع الصغير وليست الفرقة بشيء أي بأمر ضروري . وقال قاضي خان : يعني ليس بواجب . وقال زفر ومالك والشافعي : يجب افتراقهما . وأما وقت الافتراق . فعندنا وزفر إذا أحرما وعند مالك إذا خرجا من البيت . وعند الشافعي إذا انتهيا إلى مكان الجماع .




الخدمات العلمية