الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة السادسة والعشرون اختلف علماؤنا هل المعتبر في الكفارة حال الوجوب أو حال الأداء ؟ فقال الشافعي : يعتبر حال الأداء في أحد قولين . وقاله مالك في أحد قوليه أيضا . والثاني الاعتبار بحال الوجوب . والأول أشهر ; وهو قول أبي حنيفة .

                                                                                                                                                                                                              وظاهر قول الله سبحانه : { ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة } [ فيه ] يرتبط الوجوب بالعود ، وفيه يرتبط كيفما كانت حالة الارتباط ، بيد أنه للمسألة حرف جرى في ألسنة علمائنا من غير قصد ، وهو مقصود المسألة ; وذلك أن المعتبر في الكفارة صفة العبادة أو صفة العقوبة . والشافعي اعتبر صفة العقوبة ; ونحن اعتبرنا صفة القربة ، وقد بينا ذلك في مسائل الخلاف ; فإذا كان المعتبر صفة القربة فالقرب إنما يعتبر في حال الإجزاء خاصة بحال الأداء كالطهارة والصلاة ، والذي يعتبر فيه حالة الوجوب هي الحدود .

                                                                                                                                                                                                              فإن قيل : إذا وجبت الصلاة عليه قائما ، ثم عجز فقعد فيها فهذا من المغاير للقربة في الهيئات ، بخلاف العتق والصوم فإنهما جنسان ، وعليه عول أبو المعالي .

                                                                                                                                                                                                              قلنا : إن كان العتق والصوم جنسين فإن القيام والقعود ضدان ، فالخروج من جنس إلى جنس أقرب من العدول من ضد إلى ضد . [ ص: 164 ]

                                                                                                                                                                                                              فإن قيل : الطهارة ليست مقصودة لنفسها ، وإنما تراد للصلاة ; فاعتبر حال فعل الصلاة فيها .

                                                                                                                                                                                                              قلنا : وكذلك الكفارة ليست مقصودة لنفسها ، وإنما تراد لحل المسيس ; فإذا احتيج إلى المسيس اعتبرت الحالة المذكورة فيها .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية