الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                  صفحة جزء
                                                  3274 وبه حدثنا عبد الله بن يوسف قال : حدثني ابن لهيعة قال : حدثنا يزيد بن أبي حبيب ، عن عمارة بن غزية ، عن ابن شهاب ، عن ابن كعب بن مالك ، عن أبيه ، وكان أحد النفر الثلاثة الذين تاب الله عليهم قال : كان معاذ بن جبل إدان مرتين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحاط ذلك بماله ، وكان معاذ من صلحاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال معاذ : يا رسول الله ، ما جعلت في نفسي حين [ ص: 157 ] أسلمت أن أبخل على الإسلام بمال ملكته ، وإني أنفقت مالي في أمر الإسلام ، فأبقى ذلك علي دينا عظيما ، فادع غرمائي ، فاسترفقهم ، فإن أرفقوا بي فسبيل ذلك ، وإن أبوا فاخلعني لهم من مالي قال : " فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم غرماءه ، فعرض عليهم أن يرفقوا به " فقالوا : نحن نحب أموالنا ، " فدفع إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مال معاذ كله ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذا على بعض اليمن ليجبره " ، فأصاب معاذ من اليمن من مرافق الإمارة مالا ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذ باليمن ، فارتد بعض أهل اليمن ، فقاتلهم معاذ وأمراء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم على اليمن حتى دخلوا في الإسلام ، ثم قدم في خلافة أبي بكر الصديق بمال عظيم ، وأتاه عمر بن الخطاب ، فقال : إنك قدمت بمال عظيم ، وإني أرى أن تأتي أبا بكر ، فتستحل منه ، فإن أحله لك طاب لك ، وإلا دفعته إليه ، فقال معاذ : " لقد علمت يا عمر ، ما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ليجبرني حين دفع مالي إلى غرمائي ، وما كنت لأدفع إلى أبي بكر شيئا مما جئت به إلا أن يسألنيه ، فإن سألنيه دفعته إليه ، وإن لم يأخذ أمسكته " ، فقال له عمر : إني لم آلك ونفسي إلا خيرا ، ثم قام عمر ، فانصرف ، فلما ولى دعاه ، فعاد ، فقال : إني مطيعك ، ولولا رؤيا رأيتها لم أطعك ، إني رأيتني في نومي غرقت في حومة ماء ، فأراك أخذت بيدي ، فأنجيتني منها ، فانطلق بنا إلى أبي بكر ، فانطلقا حتى دخلا عليه ، فذكر له [ ص: 158 ] معاذ كنحو مما كلم به عمر فيما كان من غرمائه ، وما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبره ، ثم أعلمه بما جاء به من المال ، حتى قال : وسوطي هذا مما جئت به ، فما رأيت فخذ ، وما رأيت فأطبه ، فقال له أبو بكر : هو لك كله يا معاذ ، فالتفت عمر إلى معاذ ، فقال : يا معاذ ، هذا حين طاب لك ، فكان معاذ من أكثر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مالا ، وكان معاذ أول رجل أصاب مالا من مرافق الإمارة .

                                                  قال ابن شهاب : فمضت السنة في معاذ بأن خلعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من ماله ، ولم يأمر ببيعه ، وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة

                                                  لم يرو هذا الحديث عن الزهري بهذا التمام إلا يزيد بن أبي حبيب ، وعمارة بن غزية ، تفرد به ابن لهيعة .

                                                  التالي السابق


                                                  الخدمات العلمية