الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نظرتي السلبية للزواج بسبب علاقة أمي بأبي، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

القائمين على الموقع جزاكم الله خيراً ونفع بكم الأمة.

أنا فتاة عمري 24 عاما, مشكلتي هي رفضي الداخلي لعلاقة وطريقة تعامل أبي وأمي بالرغم أن علاقتهم يسودها الاحترام, لكن أمي حالها مثل معظم الزوجات الشرقيات تتحمل دائما, وتبادر للصلح حتى تسير الحياة, وتحافظ على شكل الأب كقدوة, وأشعر أن دورها السلبي الضعيف يزيد من افتراء وظلم الأب, ولا يشعره يوما بالخطأ, بالرغم أنه في معظم الأحيان يكون هو المخطئ والظالم لها ولنا, ورغم ذلك لا يسمح بالحوار, وإذا حدث وتحاورنا معه يتضايق, ويعتبرننا متكتلين ضده, ومن الممكن بعد أي حوار -سواء بين أبي و أمي, أو بيني وبين أبي أو إخوتي-أن ينتهي بتجنبه لنا لأيام مهما طالت, وتبادر أمي كالعادة بالصلح.

المشكلة أني منذ طفولتي وأنا أكره ضعف أمي واستسلامها له, وأنتقدها لكنها تحاول أن تقنعني بموقفها, وأن الصلح خير بالرغم أنها ليست المخطئة, وهذا النموذج جعلني -من داخلي- أفكر في الزواج دائما أنه كالحرب, أنا أتمنى أن أتزوج رجلا ضعيفا أفرض سيطرتي عليه لأني لا أتصور أن هناك رجلا عادلا يمثل تعاليم ديننا السمح, ويسير على نهج نبينا صلى الله عليه وسلم وعدله.

وفي غالب الأحيان لا أشتاق إلى الزواج إلا لحلمي الدائم بالأمومة, وكل ما أتحدث مع أمي أتحدث من منطلق أني أحلم بأن أكون أما تربي أطفالها, ومن الممكن أن أسمح لزوجي أن يتزوج بأخرى, لأنه لا يعنيني من الأصل إلا من أجل الإنجاب, فضلا على أني شخصية عملية جدا, طيبة, وحنونة, لكني ليست رومانسية, ولم أتعرف على شاب والحمد لله من قبل.

فسؤالي لحضراتكم: كيف أخلص نفسي من هذه المشاعر السلبية لكي أحيا حياة فيها مودة ورحمة عندما يأذن المولى عز وجل؟

هل من الممكن أن تتغير نظرتي للزواج بمجرد أن أقابل الشخص المناسب وأشعر لأول مرة بالحب، أم أن شخصيتي لن تشعر بالحب في يوم من الأيام؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بنت مصر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأيتها -الفاضلة الكريمة- أقول لك: جزى الله خيرًا والدتك، فهي حريصة على استمرار الحياة الزوجية, وحريصة جدًّا أن تستمر علاقتها بزوجها، وأن لا تكون هي السبب في أي شروخ أسرية.

أنا أحترم وجهة نظرك جدًّا، لكني أعتقد أن والدتك امرأة ذكية، امرأة تريد أن تحفظ على زواجها، امرأة هيأت نفسها لتحمل الأذى، وهذا –حقيقة- لا يُتاح لكثير من الناس.

أنا لا أعتقد أن والدتك نموذج سلبي بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني، ربما تكون هنالك نقاط ضعف، لكن حقيقة المرأة التي تحرص على حفظ زواجها هي امرأة طيبة وصالحة إن شاء الله تعالى.

وبالمقابل منهج والدك هو منهجه لا أحد يستطيع أن يغيره، وإذا كان هنالك تغيير -سوف يأتي- فهذا التغيير يكون من خلال منهج والدتك, والذي يجب أن يؤثر فيه, ويجب أن يقدره.

فأيتها الفاضلة الكريمة: أريدك حقيقة أن لا تحكمي هذه الأحكام السلبية على والدتك بالذات.

أنا حقيقة لستُ منزعجًا لما أوردته من أفكار، فأعرف أن هناك فجوة جلية, والشباب الآن تطلعاته هي تطلعات مشروعة جدًّا ومقبولة جدًّا، لكننا دائمًا يجب أن نذكر أنفسنا -أيتها الابنة الفاضلة- على أن نقبل أنفسنا ومن حولنا على حالهم لا كما نتمنى أن يكونوا، أو لا نمني أنفسنا بشيء قد لا يكون من السهل الوصول إليه أو ليس بأيدينا، فالإنسان حين يفهم نفسه ويفهم من حوله ويقبل ذاته ويقبل ذواتهم يستطيع من خلال ذلك أن يطور نفسه, وأن يساهم في تطوير الآخرين, هذا مهم جدًّا, أنا لا أريدك أبدًا أن تدخلي في أي نوع من الصراع النفسي الداخلي القيمي، فليس هنالك أمور مثالية على الإطلاق، فالناس ليسوا بسواسية في طباعهم ولا في طريقتهم ، ودائمًا يجب انتهاج مبدأ التسامح، والمبدأ الجيد الذي يقوم على أن نحاول أن نجد للآخرين أعذارًا فيما يرتكبونه من أخطاء، من وجهة نظرنا على الأقل، فإن ما نعتبره أخطاء ربما لا تكون أخطاء في حقيقة الأمر.

من خلال الأخذ بالأفكار التي ذكرتها لك, وإن كانت مقتضبة تستطيعين أن تغيري مشاعرك إلى مشاعر إيجابية، وفي ذات الوقت يمكن أن تكون لك مساهمات ممتازة في البناء الأسري، مثلاً اقترحي على والديك وعلى إخوتك أن تكون هنالك لقاءات أسرية أسبوعية، هذا يسمى بالمؤتمر الأسري, وهو مفيد جدًّا، نحن ننصح الناس بأن تكون هذه الجلسة ثابتة، ينتخب رئيس للجلسة, ويكون ذلك بالتناوب, وتكون مدة الجلسة ساعة، يُبدأ فيها بأن يقرأ كل فرد من الأسرة شيئا من القرآن الكريم، بعد ذلك يمكن أن تُطرح المواضيع الأسرية العامة، والخطط المستقبلية، وهكذا, هذه اللقاءات الأسرية لقاءات جيدة ومفيدة جدًّا، وأثمرت في علاج الكثير من الخلافات الأسرية وعدم التواؤم.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أعتقد أن والدتك تحمل الكثير من السمات التي يمكن أن يؤخذ بها، لا أقول لك أن الأمر يقوم على القطع واللصق، فلكل إنسان منهجه، لكن استفيدي مما هو إيجابي من تصرفات والدتك, وحاولي أن تتجنبي ما هو سلبي، لكنني أرجو أن لا تكون أحكامك قاسية عليها.

إن شاء الله تعالى تجدي الزوج الصالح، وعليك أن تسألي الله تعالى أن يرزقك هذا الزوج، وعليك بالدعاء، وأنا سعيد أن أعرف أنك لم تتعرفي على شاب، هذا ليس نقصًا، هذا –حقيقة- شيء من الخلق والحياء والقيم الفاضلة، والفتاة التي تحفظ نفسها من كل الشوائب هي فتاة فاضلة عفيفة كريمة صينة، وسوف يأتيها إن شاء الله تعالى الزوج الصالح.

أنت إن شاء الله فيك خير كثير، وعليك أن تستشعري ذلك، وأسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً