الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تصرفاتي غريبة لأنني أعتقد أني أقل من الآخرين

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من الانطوائية الشديدة جدا، لدرجة أني لا أخرج الشارع أبدا، وإن خرجت أخاف جدا من الناس، وتصرفاتي غير طبيعية لذلك، أتعرض للسخرية والضحك من الناس ومن أقرب الناس إلىّ! ممكن لأن ملابسي لا تتوافق مع موضة البنات، وأنا أخاف أن أطلب شراء ملابس لي، وأنا خريجة 2010، مما يصيبني بالإحراج، وذات يوم طلبت من أمي وأحرجتني مرة، ومن يومها أخاف أن أطلب، ليس فقط لشراء ملابس ولكن لأغراض أخرى، مما يصيبني بالاكتئاب أكثر، وسبب الانطوائية هو أنني حزينة، لأنه ما تقدم لخطبتي أحد أبداً، حتى الآن.

أرجوكم ساعدوني ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ shima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الانطوائية التي تعانين منها ربما يكون فيها جانب سببه ما نسميه بالخوف أو الرهاب الاجتماعي، والدليل على هذا الخوف الاجتماعي هو خوفك من التعرض للسخرية والاستهزاء من قبل الآخرين، لذا تجدين من الصعوبة أن تتفاعلي اجتماعيًا أو تخرجي من البيت، هذه الحالات كثيرة الآن، وتبدأ غالبًا في شكل قلق بسيط، وبعد ذلك يتطور الأمر حتى قد يصل إلى مرحلة أن يُغلق الإنسان على نفسه إغلاقًا كاملاً ولا يخرج من البيت أبدًا حتى عند الضرورة.

حالتك - إن شاء الله تعالى - لن تصل لهذه المراحل، والذي أنصحك به هو: لا تربطي هذا الأمر بما أسميته بالاكتئاب الذي نتج من أنك لم يتقدم لك خاطب، أرجو أن تتجاهلي هذا الرابط تمامًا، الزواج هو أمنية كل فتاة، وأعتقد أن تفكيرك قد انحصر في هذا الأمر نسبة لحالة القلق العام التي أصابتك، ومن ثم جعلتك في وضع اكتئابي، وتفكيرك حول الزواج أضاف لك حالة الكدر البسيطة التي تعانين منها، لكن لا أعتقد أنه هو السبب الرئيسي.

أنصحك بأن تكوني إيجابية في تفكيرك، الزواج متى ما قدّره الله تعالى سوف يأتيك الزوج الصالح، وعليك بالدعاء، وأنت لازلت صغيرة في سنك، لا تنزعجي لهذا الأمر، لكن حتى تصبحي زوجة صالحة ومؤهلة ويتقدم لك الخطاب لابد أن يكون لك شيء من الحضور الاجتماعي، خاصة وسط الأهل ووسط الأرحام والأقرباء، القيام بالواجبات الاجتماعية المعروفة التي نتأمل من كل فتاة مسلمة أن تقوم بها، اخرجي، اذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن، زوري أرحامك، كوني بارة بوالديك، هذا كله يُخرجك من نطاق هذه الانطوائية، وإذا بدأت بهذه الخطوات البسيطة والمهمة سوف تجدين أن دائرة تواصلك الاجتماعي أصبحت تتسع، وهذا هو المطلوب في مثل حالتك.

فكرتك حول أن موضوع اللبس لا تهتمين به أو لبسك لا يتوافق مع موضة البنات، أعتقد أن هذه كلها أفكار سلبية، الإنسان حين يكتئب لأي سبب - حتى وإن كان الاكتئاب اكتئابًا بسيطًا - يجره هذا الاكتئاب إلى فكر سلبي، ويبدأ في تكوين أفكار لا داعي لها أبدًا، ويتناسى الإنسان كل ما هو إيجابي عن نفسه.

هذا يدفعني أن أقول لك من الضروري جدًّا أن تتذكري الأشياء الإيجابية في حياتك، وأنا متأكد أنها كثيرة، لا تفرضي على نفسك سياجا من السلبيات وتحقري قيمة ذاتك، هذا من أخطر الأشياء.

أنا أريدك أيضًا أن تبني علاقة مع صديقة واحدة من الأهل مثلاً، ابدئي بالتواصل مع شابة صالحة، كما ذكرت لك: نسّقي معها، اذهبي إلى أحد مراكز تحفيظ القرآن، خططي لزيارات لأرحامك مع والدتك أو مع أي من أهل بيتك، هذه هي الطرق البسيطة جدًّا التي من خلالها يمكن لأي فتاة أن تنطلق انطلاقات إيجابية جدًّا.

لا تحزني أبدًا، أنت صغيرة في السن، أنت من أسرة كريمة، أنت في هذه الأمة المحمدية العظيمة... هذه كلها إيجابيات لا تقدر بثمن، ولديك الفكر ولديك الصحة الجسدية، فما الذي يجعلك تكوني انطوائية؟!

الحياء مطلوب في الفتاة، لكن ليست الانطوائية المجحفة في حق الذات، فتعلمي المهارات الاجتماعية البسيطة، وحين تنظرين إلى الناس - إلى أرحامك - انظري إليهم في وجوههم، ابدئي بالتحية، وحين يحييك أحد قومي أنت بالرد بأفضل من ما حُييت به.

أنا أعتقد أنك في حاجة لعلاج دوائي، لكن أريدك أن تناقشي هذا الموضوع مع والدتك، هنالك دواء يعرف باسم (فلوزاك) دواء محسن للمزاج، مزيل للاكتئاب، ويساعدك - إن شاء الله - في الخروج من هذه العزلة والانطوائية.

جرعة الفلوزاك هي كبسولة واحدة في اليوم، بعد الأكل، لمدة شهر، ثم بعد ذلك ترفع إلى كبسولتين في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن الدواء. هو سليم فاعل وآمن جدًّا.

أسأل الله تعالى لك الشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً