السؤال
ترددت كثيرا في كتابة معاناتي لكم، حيث توفي والدي وأنا في عمر 18 عاما، وكنت أنا المسؤول عن البيت والأسرة، وعانيت من ضغوط كثيرة في حياتي، وفي دراستي، وأنا الآن بعد مرور 4 أعوام منذ وفاة والدي رحمة الله أعاني من خوف مرضي من المجهول، وقلق وتوتر شديدين وعزله شديدة، ومن أعراض ما أعاني منه هو الخوف من دخول الأماكن العامة مثل الأسواق، بل وحتى الأماكن الضرورية مثل المستشفيات والدوائر الحكومية وغيرها، والخوف من ركوب الطائرة، وكذلك أخاف من التحدث بصوت مسموع أمام عامة الناس، وأتلعثم في الكلام، وأحيانا لا أستطيع إكمال الموضوع من شدة التوتر حتى إذا كنت أتحدث أمام أصدقائي المقربين، أيضا في بعض المواقف (مثل الاختبارات والمقابلات الشخصية وجلسات المحاكم) تزيد عندي نسبة التوتر ويصاحبها اضطرابات وأصوت في المعدة (لأني أعاني من إمساك وعسر في الهضم)، ويصاحب هذا التوتر بعض الأعراض مثل احمرار الوجه، والأذنين، وكذلك أشعر بصعوبة في بلع الريق مما يسبب تطاير بعض اللعاب أثناء الكلام، وهذا الشيء يسبب لي الكثير من الحرج.
ومن أعراض الخوف التي أحس بها : أني أشعر بالخوف الشديد والتوتر لأبسط الأمور مثل أن يتصل بي رقم غريب على هاتفي النقال! ويتسبب ذلك في تشتت تفكيري وعدم القدرة على التركيز وأيضا التهرب من المشاكل التي تواجهني على صعيد العمل أو الدراسة أو الصعيد الشخصي، وأشعر دائما بعدم الرضى عن نفسي، وأحس بالتقصير وألوم نفسي دائما، ولا أشعر بالسعادة إلا عندما أجلس بمفردي، وتتسبب هذه العزلة في أكل كميات كبيرة من الطعام بشراهة، وإذا كنت أجلس بمفردي دائما أحاور نفسي وأتكلم معها لدرجة أن من يسمعني سيقول بلا شك بأني مجنون، وكذلك أجد صعوبة في النوم بسبب الوساوس والقلق الذي يصاحبني حيث أمكث قرابة الساعة إلى الساعتين في الفراش لكي أحاول النوم، وأشعر بأن أعصابي مشدودة ومتوترة للغاية لدرجة أني لا أستطيع أن أمكث على وضع معين في الجلوس مثلا حيث إني أغير من طريقة جلوسي بشكل متكرر!
ومن المواقف التي لا أنساها والتي مازلت إلى هذا اليوم ألوم نفسي عليها أني في فرح أختي كنت في صالة الأفراح متوترا وخائفا جدا حتى إن بعض أصدقائي لاحظوا ذلك جلياً حين كانوا يسلمون علي، وكذلك عندما (زفينا ) العريس، ودخل أهلي وأهل العريس كلهم ورقصوا واحتفلوا إلا أنا كنت خائفا من الظهور أمام الناس! مع أني أخو العروسة!
وبالنسبة لجزئية الإمساك هو ليس إمساكا بالمعنى الصحيح، بل هو موقف نفسي أيضا؛ لأني عانيت من موقف أثناء التغوط -أكرمكم الله- منذ اكثر من 10 سنين حيث كان البراز قاسيا كالحجر وأخرجته بقوة وبمعاناة وخرجت من الخلاء وأنا أبكي وأنتفض من شدة الألم الذي عانيته، ومنذ ذلك الحين وأنا أقضي في الخلاء قرابة الساعة في كل مرة لكي أستجمع قواي قبل الإخراج مع أن البراز لا يكون قاسيا أبداً لأني في كل مرة أدخل الخلاء أتذكر تلك اللحظة العصيبة والمؤلمة التي مررت بها.
فأرجو من الله ثم منك يا دكتور أن تدركني فالعزلة والانطواء والمخاوف التي بداخلي تقتلني كل يوم، علما أني لم أزر أي طبيب متخصص أو مستشفى بسبب خوفي من الأماكن العامة كما أسلفت.