الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شخصيتي متقلبة فأحيانا قوية وأحيانا ضعيفة.. كيف أجعلها متوازنة؟

السؤال

السلام عليكم
تحية طيبة إلى الطبيب الفاضل محمد عبد العليم، وإلى كل طاقم إسلام ويب، أما بعد:

كنت مصابا بالاكتئاب القلقي قبل ثلاثة أعوام ونصف تقريبا، وعلى إثرها تناولت سيبراليكس 10ملغم لمدة عام حسب توصيات طبيبنا الفاضل محمد عبد العليم، (كان عندي قلق شديد، ووسواس من الموت، واكتئاب في الصباح يخف في المساء، وغيرها من الأعراض).

لم يصمد الاكتئاب طويلا فأخذت السيبراليكس، فبدأت تتحسن حالتي بعد أربعة أسابيع، وزال الاكتئاب والقلق قبل ثلاثة أعوام، الآن حالتي جيدة، وتخرجت من كلية الهندسة وتزوجت، وحالتي المادية جيدة -والحمد الله-.

لكن الآن لدي أمور في شخصيتي لا أحبها، وأطمح أن تتغير شخصيتي كلها، فأنا رجل أحس أحيانا بعدم اهتمام، وشخصيتي ضعيفة، وأحس نفسي وأفكاري غير مرتبة وفوضوية، وضيق خفيف في الصدر، كثير الثرثرة، لهذا أتعرض للسخرية من الآخرين.

وأحس أحيانا أخرى -قليلة- بأن شخصيتي قوية، حيث أكون متكلما وأفكاري ممتازة لماذا لا أعرف.

أريد أن أتخلص من سخرية الآخرين، وأكون ذا شخصية قوية، وأتخلص من الفوضوية، وأكون ذا أفكار مرتبة، ولا أعرف ما هو الرابط مع القلق النفسي الذي كنت أعانيه.

مع العلم أن لدي التهابا مزمنا في الجيوب الأنفية، وآخذ (بخاف فلوكناز) + مضادا حيويا (ليفوفلكسوناز).

علما أن أمي مصابة بالانفصام، وتأخذ سوليان.

أرجو الإجابة يا دكتورنا الفاضل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا سعيد جدًّا - أيها الفاضل الكريم - على هذا التحسن الذي طرأ على حالتك، وأقول لك: مبارك عليك التخرج، وأسأل الله تعالى لك الاستقرار من جميع النواحي، حقًّا أنا سعيد جدًّا.

الآن الذي بك لا أعتبره مرضًا، أنت تقيم شخصيتك على أسس ربما يكون فيها شيئا من الحساسية، أو البحث عن كمال الذات، هذا ليس أمرًا مرفوضًا، لكن قطعًا عائده النفسي عليك سلبي.

ولذا أقول لك - يا أخِي الكريم -: احكم على نفسك بإنجازاتك وأفعالك، أنت - الحمد لله تعالى - تخرجت من كلية الهندسة، وتزوجت، وحالتك المادية طيبة جدًّا، هل لإنسان غير متوازن وغير مدرك وغير مهاراتي يستطيع أن يصل إلى هذه المستويات الطيبة من الحياة؟! بمنطق الأسباب: لا يمكن.

فلذا - يا أخِي الكريم - أقول لك: أنت رجل صاحب مقدرات، صاحب مهارات، لا أرى أن هنالك رفضا اجتماعيا حقيقيا لك، تحسسك حول الآخرين وأنهم يسخرون منك: أنا لا أهون من شكواك هذه، لكن أعتقد أنك أجحفت على نفسك بعض الشيء، أنت أفضل مما تتصور - أخِي الكريم الفاضل العزيز - وهذا المبدأ يجب أن يترسخ عندك أخِي الكريم.

وأتفق معك أن حُسن الاستماع هي ميزة عظيمة يجب أن يتعلمها الإنسان، وهذه بالمناسبة ليس من الصعب التدرب عليها أبدًا، سهلة جدًّا، فدرِّب نفسك على حُسن الاستماع، وأود أن أرشدك إلى بعض الكتب التي سوف تناسب حالتك جدًّا:

أولاً: هنالك كتب ممتازة جدًّا حول علم (الذكاء العاطفي) وهو من العلوم الجديدة نسبيًا، حيث أول من تحدث عنها (دانيل جولمان) عام 1995، وقد أصدر كتابًا مشهورًا، واتضح أن (الذكاء العاطفي) أو (الذكاء الوجداني) هو مهم جدًّا للإنسان بنفس مستوى (الذكاء المعرفي العلمي) الذي من خلاله يكتسب الإنسان المعلومات، لكن الكفاءة الذاتية وكفاءة التعامل مع الذات ومع الآخرين لا تأتي إلا من خلال الذكاء العاطفي، فأنت تحتاج لأن توسّع مداركك حول هذا العلم، ولذا أقترح أن تقرأ كتاب دانيل جولمان، وكذلك هنالك كتاب يسمى (الذكاء العاطفي 2) من الكتب الممتازة جدًّا، هذا سوف تجد فيه غايتك تمامًا.

ثانيًا: من الكتب الجميلة جدًّا كتاب الشيخ عائض القرني (لا تحزن).
ثالثًا: كتاب الدكتور محمد عبد الرحمن العريفي (أسعد حياتك).
رابعًا: كتاب الشيخ محمد الغزالي – عليه رحمة الله تعالى – (جدد حياتك).

هؤلاء الأفاضل والمشايخ الكبار جزاهم الله خيرًا أخذوا العلم الشرعي ووضعوه في منهجية عظيمة، واقتبسوا كثيرًا من أفكار كارنيجي وغيره، ووضعوها في هذا الإطار الجميل لتعلمنا كيف نطوّر مهاراتنا الحياتية خاصة مهارات التواصل.

فارجع لهذه المراجع، وهي كتب جميلة وحلوة وسهلة القراءة والاطلاع، أسأل الله تعالى أن ينفعك بها.

بالنسبة لالتهاب الجيوب الأنفية: الحمد للهِ تعالى أنت تتناول العلاج، وقطعًا المضاد الحيوي سوف يكون مؤقتًا.

أما بالنسبة لموضوع البخاخ: فربما تحتاج أن تستمر عليه، وعليك أيضًا أن تتجنب المثيرات، أعتقد أن هذا مهم جدًّا، ودع عنك القلق؛ لأن القلق نفسه قد يساهم في هذا النوع من الأعراض.

والدتك نسأل الله لها العافية والشفاء، وقطعًا الـ (سوليان) والذي يعرف علميًا باسم (إميسلبرايد) من الأدوية الممتازة جدًّا، فدائمًا حفزها على مواصلة علاجها ومقابلة أطبائها، وقطعًا أنتَ تبحث عن فيض من إرضائها، هذه فرصة عظيمة لك - أيها الفاضل الكريم - بأن تكثر في برها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً