السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أنا الآن في 20 من عمري، وقبل سنة من الآن كنت أمارس حياتي بشكل طبيعي، وأفعل ما أحبه، وأقوم بواجباتي إلى أن جاء ذلك اليوم الذي أويت فيه إلى فراشي من شدة التعب في وقت مبكر، وعندها حاولت أن أنام لكني شعرت بشعور غريب آنذاك لا أدري ما هو الشعور بالتحديد؟ لكني شعرت بأن روحي تطلع من قدمي إلى أعلى جسدي، وأدركت حينها وقلت لنفسي: إنه الموت!
نهضت من فراشي، وذهبت لصلاة ركعتين، وتوجهت إلى أهلي؛ لكي أودعهم وأنا في صراع مع نفسي وأحاسيسي وشعوري، وبعد تلك الليلة جلست طريح الفراش لمدة شهر كامل بدون أن أدري ما هي العلة؟
كنت أستخدم الإنترنت لوصف أعراضي؛ لمعرفة ما يشابهها، ووجدت كثيرا من أمراض عضوية وغيرها، وأذهب إلى المستشفيات لكن ليس هناك خطر في تحاليلي ونتائجي، وتوجهت بعد ذلك للقراء والمشايخ؛ لكي أعلم إن كان هو مرضا روحيا، لكن لا فائدة، توجهت وتوجهت إلى أن كنت أقرأ في مواقع مشابهة لهذا الموقع، وقررت الذهاب إلى طبيب نفسي، وتوجهت إلى أفضل المستشفيات التي أعرفها، فقال لي الطبيب: أنت مصاب بنوبة هلع. وصرف لي وصفة علاج (باروكسات 30) جرام حبة ونصفا يوميا قبل النوم، واستخدمته لمدة سنة.
عندما أتناول العلاج تذهب تلك الأفكار، لكن طبيعتي مختلفة عن أصلها، تفكيري اختلف كثيرا، وأتساءل إلى الآن: لماذا حدث هذا؟ لماذا تغير تفكيري؟ وأصبحت أغرق في خيالاتي لدرجة أنه سجل في ملفي النفسي في المستشفى وسواس عن الإلحاد، وكنت وما زلت أصارع نفسي، وأخاف من الإلحاد، ولا أريد خوض هذا، أنا مؤمن بالله لكن هناك أفكار تراودني لا أدري ما طبيعتها! لم تكن زياراتي للمستشفى كثيرة؛ لأني أعلم أن هدفهم إقناع المريض بغير الواقع لعلاج مشكلته بطريقة نفسية متقدمة، وأنا أعلم هذا لأني من عشاق علم النفس، وأيضا أقلق حينما أتذكر لحظة التغيير هذه المفاجئة غير المستعد لها.
أنا رجل عاطفي جدا لدرجة أن عاطفتي تسبب عائقا لي، وأريد التخفيف منها بالذات تجاه المرض، وعندما أراهم -أقصد المرضى- فإنني أشعر أنني يوما من الأيام مصيري شيء كهذا؛ مما أراه من مرضى كثيرين؛ فأقلق، ويكون لدي فضول عن معيشتهم، لكن لم أسأل؛ لكي لا أجرح أحدا.
كنت أخاف من الموت، وكنت أشعر أنه اقترب، لكن عالجت هذا الموضوع بعد الله بالعلاج والتثقف عن الموت، وأتساءل عن الذي حدث لي: هل هو مرض روحاني أم مرض نفسي؟ لأنني أعلم أنه لا يمكن التفريق بينهما، وأنا الآن تائه في شخصيتي لا أعلم ماذا أحب وماذا أكره؟ ماذا أريد؟ وماذا عن مستقبلي؟ لا زلت في مقتبل العمر من أنا؟!
بسبب ظروف اضطررت أن أتوقف عن أخذ العلاج، وعزمت على ذلك، وراجعت الطبيب فأرشدني إلى الانسحاب التدريجي، فطبقت هذا الكلام حرفيا لكن الأعراض الانسحابية لم تخف، وأنا الآن في المرحلة الأخيرة، وهي كل (4) أيام نصف حبة، وتظهر أعراضي في كهرباء في الرأس، دوخة، فقدان للتوازن عند الحركة، الإرهاق عندما أريد أن أخطط ليومي أو لشيء أو حل مشكلة؛ مما يضطرني لإيقاف التفكير، وأيضا تقلب المزاج، والغضب السريع، والانفعالات، والندم علي، واستنكار تصرفاتي، مع العلم أنها طبيعية، والكوابيس المرعبة التي تختلط مع الواقع، والذي رأيته اليوم فإنه يتركب على شكل كابوس مفزع، مع العلم أني لا أستيقظ منها.
أنا رجل أحب أن أصف نفسي أني مجاهد في ديني، وأحافظ على صلواتي وقراءة القرآن قدر استطاعتي. علما أنه كانت هناك مشاكل في عائلتي من أمراض روحانية كنت أشاهدها بعين بريئة، والحمد لله الذي عافانا منها، لكنها لم تؤثر في آنذاك، هل هذا تأثيرها بعد كل تلك السنوات التي مرت؟.
أنا لا أعلم ما هو سؤالي تحديدا؟ لكن أريد تعليقا منكم على قصتي، وأعراضي، ومشكلتي، وانسحابي من العلاج، وتوجيهكم لي، وإرشاداتكم.
أنا كثيرا ما ترددت على هذا الموقع، وجاء اليوم الذي عزمت أن أشارككم، أريد تعليقا تفصيليا -إن أمكن- وأعتذر على الإطالة، ولكن حرصي على ألا يفوتكم شيء، وهذا أكثر اختصار استطعته، وأعتذر على الإطالة.
أسأل الله رب العرش العظيم أن يكتب أجركم، ويجعله في موازينكم، ويلهمكم، ويؤيدكم بتأييده، وأن يفرج هم وغم كل مريض، ويشفيه شفاء لا يغادر سقما، ويرزقكم رزقا طيبا، ويجمعنا في جنانه -يا رب العالمين-.
آمين.