الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فتاة مترددة في رفض شاب خشية ألا يتقدم لها من هو أفضل منه

السؤال

أنا فتاة عمري 22 سنة، تقدم لي شاب عمره 32 سنة، ذو مركز اجتماعي هام، ويتمتع بمستوى مادي واجتماعي جيد، عندما تقدم لي أول الأمر لم أتقبله، وذلك لعدم تقبلي لشكله، ولمعرفتي أنه خطب من قبل، ولشعوري أنه أكبر مني سناً وعقلاً، ولكن أهلي غصبوني كي أقابله أكثر من مرة، وذلك لإعجابهم بمركزه الاجتماعي.

لم أتقبله أبداً، حتى في أكثر من مقابلة، وظل وضعي كما هو من مقابلات ومحادثات هاتفية لمدة 60يوماً، حتى قراءتنا الفاتحة واتفقنا، ومن يومها وأنا أعصابي تعبت، وشعرت بقلق، وأشعر أني أتحدث له وأنا مجبرة، أجلس معه وأنا مجبرة، أتحدث بذوق ولباقة من جانب أنه ضيف عندي لا أكثر، تحدثت له مرتين وقلت له: إني لا أحبك، أنا أشعر أنك أخي ولست زوجي، ولكنه بعد ذلك تمسك بي أكثر، وما زال مصمماً، أهلي قالوا له ذلك، ولكنه مصمم ويقوم بتصرفات طيبة تحرج أهلي، لدرجة أنهم قالوا لي: خذيه وخلاص، فشكله الخارجي وعقله الناضج عني بمراحل أشعر أنه أبي.

أنا فتاة قنوعة، لا أنظر لأصدقائي، ولكني من يوم أن بدأ هذا الموضوع وأنا أنظر لأزواج صديقاتي وخطابهم، وأنظر لكل المرتبطين بحقد، لدرجة أني صرت أشعر بالخجل منه، مع أنه رقيق معي جداً، ويحبني ويتمنى أن يحقق لي كل شيء، ولكني لا أشعر بالسعادة، فماذا أفعل؟ هل أقدم على التجربة أم أرفضها؟ ولكن كيف وأنا خائفة أن يعاقبني الله في الدنيا والآخرة على ما فعلته بهذا الشاب، فهو يعطيني مشاعر، وأنا أعطي قسوة، كما أني وعدته بالزواج مني وعيشته قصة الحب، وأنا من داخلي رافضة، ولكني أفعل ذلك من باب الحفاظ على مشاعره لا أكثر، ولكني لا أستطيع أن أبادله شيئاً، ولكن كل خوفي هو من الله عز وجل، ومن تـأنيب ضميري على أني ضيعت مثل هذا الرجل، وأشعر بأني لن أجد أحداً مثله يعاملني هكذا بعده.

لا أعلم ماذا أفعل، أرجو من سيادتكم معاونتي، فأنا في حيرة وقلق، وأصبحت أشعر أني على حافة الهاوية، خاصة أن وضعي معه أوشك على اقتراب الارتباط الرسمي، وأنا سلبية ولا أعرف ماذا أفعل، وهو يخطط لزواجنا، وأنا أخطط لفك ارتباطي به، أرجو من سيادتكم توجيهي ومساعدتي، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ May حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الإنصاف يقتضي أن ننظر للإنسان من كافة الجوانب، ونضع ما عنده من إيجابيات إلى جوار ما نشعر أنه نقائص وسلبيات حتى يسهل علينا اتخاذ القرار الصحيح، ولا أظن أن جمال شكل الرجل من الأمور الأساسية، ولكن جمال أخلاقه ودينه هو الذي يحقق – بإذن الله – السعادة الأبدية، وقد جمع هذا الرجل إلى جانب أخلاقه وتعامله رغبة أهلك وموافقتهم وحرصهم على الارتباط به، وحاجة المرأة إلى زوج يحبها ويحرص على أن يسعدها، أكبر من حاجتها لأي شيء آخر.

ولا يخفي عليك أن القناعة كنز غالٍ، فلا تفرطي في كنز القناعة، واعلمي أنك لا تعلمين من أحوال أولئك الرجال إلا المظهر فقط، كما أن الصديقات لا يظهرن لك إلا الجانب المشرق فقط، ولا أظن أننا نجد الكمال، فلكل رجل عيوبه، ولكن طوبى لمن انغمرت سيئاته في بحور حسناته، وكفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه، ولن يغني جمال الشكل إذا كانت النفس قبيحة، وقد أحسن من قال :
جمال الوجه مع قبح النفوس *** كقنديل على قبر المجوس

ولا داعي للحقد على الزميلات، بل ما ينبغي أن تنظري إلى ما في أيدي الناس، ولكن السعيد هو الذي يعرف ما عنده من نعم ليؤدى شكرها، واعلمي أن نعم الله مقسمة، فقد يعطى الإنسان جمال الصورة ويحرم من جمال الأخلاق، وقد يعطى حسن الصورة والمال، ويحرم الولد العاقبة، وأرجو أن تصلي لله صلاة الاستخارة، وشاوري أهل الخبرة والدراية، واعلمي أن رضا الله هو الغاية .

ونحن نشكر لك هذا الذوق، الذي حملك على رعاية مشاعره، وأرجو أن تستمري بهذه الروح، وتحاولي تقبل شخصية هذا الرجل الذي ارتضاه أهلك، فإن هذا يعينك على الانسجام مع أسرتك، ولا أظن أنهم لا يدركون مصلحتك ولا يحرصون على سعادتك، واعلمي أن ما بين المؤمنين والمؤمنات أكبر من المظاهر، لأننا نرتبط بإخوة الإيمان، ونحرص على رعاية مشاعر الإنسان.

وقد أحسنت بقولك: (( قد لا أجد شخصاً يعاملني بمثل هذه المعاملة))، ونحن ننصح فتياتنا بإبعاد العواطف عن الحكم، وزيادة جرعة العقل لأن الحياة الزوجية مسئولية وتعاون، وليست رومانسية مجردة كما يعتقد بعضهم، ثم يفاجأ عند دخوله إلى معترك الحياة.

ونحن ننصحك بأن تجهزي مشاعرك وتفكري في القبول به زوجاً، وتتعاملي من هذا المنطلق، فإن كثيراً من المخاوف سوف تزول، ونسأل الله أن يسعدك به وأن يسعده بك، ومرحباً بك في موقعك بين الآباء والإخوة .
وبالله التوفيق والسداد.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات