السؤال
كيف لا أكون ممن يمتعهم الله بالدنيا ليعاقبهم بالآخرة؟ أي: كيف لا أكون ممن ينعم الله عليهم بالدنيا فقط ليعاقبهم بالآخرة؛ فيربحوا الدنيا ويخسروا الآخرة؟
كيف لا أكون ممن يمتعهم الله بالدنيا ليعاقبهم بالآخرة؟ أي: كيف لا أكون ممن ينعم الله عليهم بالدنيا فقط ليعاقبهم بالآخرة؛ فيربحوا الدنيا ويخسروا الآخرة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعرفة ذلك يكون بالتمييز بين النعمة التي يعان بها على تحصيل السعادة الأبدية، وبين النعمة التي هي استدراج من الله للعبد المعرض.
وعلامة ذلك: أن ما يحصل للعبد من الخير وهو مقيم على المعاصي مؤشر من مؤشرات الاستدراج؛ ففي الحديث: إذا رأيت الله يعطي العبد في الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج، ثم تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}. رواه أحمد، والبيهقي في الشعب، والطبراني في الكبير، وصححه الألباني.
فإن هذا الحديث ورد فيه ذكر سنة من سنن الله -عز وجل-، وهي: الإمهال للعاصي، واستدراجه بما يحب حتى يفرح ويغتر، ثم يأتيه عقاب الله على حين غفلة. قال ابن القيم -رحمه الله- في مدارج السالكين: تَمْيِيزُ النِّعْمَةِ مِنَ الْفِتْنَةِ: فَلْيُفَرِّقْ بَيْنَ النِّعْمَةِ الَّتِي يُرَى بِهَا الْإِحْسَانُ وَاللُّطْفُ، وَيُعَانُ بِهَا عَلَى تَحْصِيلِ سَعَادَتِهِ الْأَبَدِيَّةِ، وَبَيْنَ النِّعْمَةِ الَّتِي يُرَى بِهَا الِاسْتِدْرَاجُ، فَكَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِالنِّعَمِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، مَفْتُونٍ بِثَنَاءِ الْجُهَّالِ عَلَيْهِ، مَغْرُورٍ بِقَضَاءِ اللَّهِ حَوَائِجَهُ وَسَتْرِهِ عَلَيْهِ! انتهى.
فعلى العبد أن يتوب إلى الله تعالى، ويحسن الظن بالله في قبول توبته، ويكثر من سؤاله الخير؛ ففي الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي؛ فإن ظن بي خيرًا فله، وإن ظن بي شرًّا فله. رواه أحمد، وصححه الأرناؤوط والألباني.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني