ونقل الإجماع على ذلك غير واحد ، والقول الثاني : بأنه - صلى الله عليه وسلم - مبعوث إلى الملائكة أيضا ، ورجحه الجلال السيوطي في الخصائص ، والسبكي قبله ، وزاد : أنه - صلى الله عليه وسلم - مرسل إلى جميع الأنبياء والأمم السابقة ، وزعم أن قوله - صلى الله عليه وسلم : ، شامل لهم من لدن بعثت للناس كافة آدم إلى قيام الساعة ، ورجح هذا القول البارزي ، وزاد أنه مرسل إلى جميع الحيوانات ، واستدل على ذلك بشهادة الضب له بالرسالة ، وبشهادة الحجر والشجر له أيضا بذلك ، قال الحافظ السيوطي ، وأزيد إلى ذلك أنه مرسل إلى نفسه ، وتقدم كلام صاحب الفروع وغيره في التنبيهات الملحقة تحت قوله
وكل إنسان وكل جنة في دار نار أو نعيم جنة
. فعاوده .فإن قلت : قد علم يقينا أن قوم نوح بعد الطوفان كانوا جميع أهل الأرض ، ورسالة نوح عليه السلام عامة لهم ، فالجواب : أن عمومها أمر اتفاقي إذ لم يسلم من الهلاك إلا من كان معه في السفينة ، فالعموم صار ثانيا ، وبالعرض على أنه لم يبعث للجن ، والحاصل أن نبينا محمدا - صلى الله عليه وسلم - مبعوث إلى الثقلين بالإجماع ، ورسالته مطبقة جميع الأكوان ، ولا التفات لزعم بعض ملحدي أهل الكتاب من خصوص رسالته للعرب ، لأن هذا مكابرة باطلة ، ومغالطة عاطلة لوجوه بديهية البرهان ، منها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يكذب ، وقد أنزل عليه في محكم القرآن ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ) ( وما أرسلناك إلا كافة للناس ) ثم مقاتلته لأهل الكتاب وسبي زراريهم واستباحة دمائهم ، وضرب الجزية [ ص: 280 ] عليهم أمر معلوم بالتواتر والضرورة ، فالمتعلق بهذا هذاء ، والله تعالى الموفق