( ( النوم والنكاح مثل الأكل ) ) وجائز في حق كل الرسل
( ( وجائز ) ) عقلا وشرعا ( ( في حق كل ) ) الأنبياء و ( ( الرسل ) ) عليهم الصلاة والسلام ، وهذا القسم وإن فهم من ذكر ما يجب لهم ، وما [ ص: 310 ] يستحيل عليهم ، فإن ما لم يكن واجب الثبوت لهم ولا واجب النفي عنهم ، فوجوده وعدمه جائز في حقهم ، لكنه نبه بما ذكره لإيضاح قسم الجائز عليهم - صلوات الله وسلامه عليهم - ( ( النوم ) ) وهو من رحمة الله تعالى على عباده ، لتستريح أبدانهم عند تعبهم ، وهو غشية ثقيلة تقع على القلب تمنع المعرفة بالأشياء ، لكن نبينا - صلى الله عليه وسلم - كان تنام عينه ولا ينام قلبه ، بل قلبه - صلى الله عليه وسلم - كان أبدا مستيقظا متهيئا لإدراك ما يلقى إليه من ربه ، ومثل النوم مما هو جائز في حق الأنبياء والمرسلين - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - الجلوس والمشي والبكاء والضحك ، وكل ما هو من الخواص البشرية المباحة على ما هو الحق من جواز وقوع المباح منهم ، ( ( والنكاح ) ) والتسري وجماع النساء ، فيجوز عليهم وطء النساء بالملك بشرط كونهن مسلمات أو مطلقا على المعتمد ، ونحو ذلك ( ( مثل الأكل ) ) والشرب الحلال ، وكذا يجوز عليهم كل عرض بشري ليس بمحرم ولا مكروه ولا مباح مزر ، ولا مما تعافه الأنفس ، ولا مما يؤدي إلى النفرة ، حتى إنه لا يجوز عليهم الاحتلام ، والحاصل أنهم عليهم الصلاة والسلام من البشر ، وأرسلوا إلى البشر ، فظواهرهم خالصة للبشر ، يجوز عليها من الآفات والتغييرات والآلام والأسقام وتجرع كأس الحمام ما يجوز على البشر مما لا نقيصة فيه ، فإن نبينا - صلى الله عليه وسلم - كان يمرض ويتألم ويتشكى ، وكان يصيبه الحر والقر والجوع والعطش والغضب والضجر والنصب والتعب ونحو ذلك مما لا نقص عليه فيه ولا يوجب الاتصاف به نوع نفرة عند كل نبيه . والله تعالى أعلم .