فصل المرتبة الثامنة مرتبة الإسماع
قال الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=23ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون وقد قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=19وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور إن أنت إلا نذير وهذا الإسماع أخص من إسماع الحجة والتبليغ ، فإن ذلك حاصل لهم ، وبه قامت الحجة عليهم ، لكن ذاك إسماع الآذان ، وهذا إسماع القلوب ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=32103_29411الكلام له لفظ ومعنى ، وله نسبة إلى الأذن والقلب وتعلق بهما ، فسماع لفظه حظ الأذن ، وسماع حقيقة معناه ومقصوده حظ القلب ، فإنه سبحانه نفى عن الكفار سماع المقصود والمراد الذي هو حظ القلب ، وأثبت لهم سماع الألفاظ الذي هو حظ الأذن في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم وهذا السماع لا يفيد السامع إلا قيام الحجة عليه ، أو تمكنه منها ، وأما مقصود السماع وثمرته ، والمطلوب منه فلا يحصل مع لهو القلب وغفلته وإعراضه ، بل يخرج السامع قائلا للحاضر معه
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=16ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم .
والفرق بين هذه المرتبة ومرتبة الإفهام أن هذه المرتبة إنما تحصل بواسطة الأذن ،
[ ص: 68 ] ومرتبة الإفهام أعم ، فهي أخص من مرتبة الفهم من هذا الوجه ، ومرتبة الفهم أخص من وجه آخر ، وهي أنها تتعلق بالمعنى المراد ولوازمه ومتعلقاته وإشاراته ، ومرتبة السماع مدارها على إيصال المقصود بالخطاب إلى القلب ، ويترتب على هذا السماع سماع القبول .
فهو إذن ثلاث مراتب : سماع الأذن ، وسماع القلب ، وسماع القبول والإجابة .
فَصْلٌ الْمَرْتَبَةُ الثَّامِنَةُ مَرْتَبَةُ الْإِسْمَاعِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=23وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=19وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ وَهَذَا الْإِسْمَاعُ أَخَصُّ مِنْ إِسْمَاعِ الْحُجَّةِ وَالتَّبْلِيغِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ حَاصِلٌ لَهُمْ ، وَبِهِ قَامَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ ، لَكِنَّ ذَاكَ إِسْمَاعُ الْآذَانِ ، وَهَذَا إِسْمَاعُ الْقُلُوبِ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32103_29411الْكَلَامَ لَهُ لَفْظٌ وَمَعْنًى ، وَلَهُ نِسْبَةٌ إِلَى الْأُذُنِ وَالْقَلْبِ وَتَعَلُّقٌ بِهِمَا ، فَسَمَاعُ لَفْظِهِ حَظُّ الْأُذُنِ ، وَسَمَاعُ حَقِيقَةِ مَعْنَاهُ وَمَقْصُودِهِ حَظُّ الْقَلْبِ ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ نَفَى عَنِ الْكُفَّارِ سَمَاعَ الْمَقْصُودِ وَالْمُرَادِ الَّذِي هُوَ حَظُّ الْقَلْبِ ، وَأَثْبَتَ لَهُمْ سَمَاعَ الْأَلْفَاظِ الَّذِي هُوَ حَظُّ الْأُذُنِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=2مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَهَذَا السَّمَاعُ لَا يُفِيدُ السَّامِعَ إِلَّا قِيَامَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ ، أَوْ تُمَكِّنُهُ مِنْهَا ، وَأَمَّا مَقْصُودُ السَّمَاعِ وَثَمَرَتُهُ ، وَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ فَلَا يَحْصُلُ مَعَ لَهْوِ الْقَلْبِ وَغَفْلَتِهِ وَإِعْرَاضِهِ ، بَلْ يَخْرُجُ السَّامِعُ قَائِلًا لِلْحَاضِرِ مَعَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=16مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ وَمَرْتَبَةِ الْإِفْهَامِ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْتَبَةَ إِنَّمَا تَحْصُلُ بِوَاسِطَةِ الْأُذُنِ ،
[ ص: 68 ] وَمَرْتَبَةُ الْإِفْهَامِ أَعَمُّ ، فَهِيَ أَخَصُّ مِنْ مَرْتَبَةِ الْفَهْمِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، وَمَرْتَبَةُ الْفَهْمِ أَخَصُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، وَهِيَ أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ وَلَوَازِمِهِ وَمُتَعَلَّقَاتِهِ وَإِشَارَاتِهِ ، وَمَرْتَبَةُ السَّمَاعِ مَدَارُهَا عَلَى إِيصَالِ الْمَقْصُودِ بِالْخِطَابِ إِلَى الْقَلْبِ ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا السَّمَاعِ سَمَاعُ الْقَبُولِ .
فَهُوَ إِذَنْ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ : سَمَاعُ الْأُذُنِ ، وَسَمَاعُ الْقَلْبِ ، وَسَمَاعُ الْقَبُولِ وَالْإِجَابَةِ .