قوله تعالى :
[ ص: 234 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=69ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما
فيه ثلاث مسائل : الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=69ومن يطع الله والرسول لما ذكر تعالى الأمر الذي لو فعله المنافقون حين وعظوا به وأنابوا إليه لأنعم عليهم ، ذكر بعد ذلك ثواب من يفعله . وهذه الآية تفسير قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم وهي المراد في قوله عليه السلام عند موته
nindex.php?page=hadith&LINKID=832643اللهم الرفيق الأعلى . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832644ما من نبي يمرض إلا خير بين الدنيا والآخرة كان في شكواه الذي مرض فيه أخذته بحة شديدة فسمعته يقول
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=69مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فعلمت أنه خير . وقالت طائفة : إنما نزلت هذه الآية لما قال
nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري - الذي أري الأذان - :
يا رسول الله ، إذا مت ومتنا كنت في عليين لا نراك ولا نجتمع بك ؛ وذكر حزنه على ذلك فنزلت هذه الآية . وذكر
مكي عن
عبد الله هذا وأنه لما مات النبي صلى الله عليه وسلم قال : اللهم أعمني حتى لا أرى شيئا بعده ؛ فعمي مكانه . وحكاه
القشيري فقال : اللهم أعمني فلا أرى شيئا بعد حبيبي حتى ألقى حبيبي ؛ فعمي مكانه . وحكى
الثعلبي : أنها نزلت في
ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان شديد الحب له قليل الصبر عنه ، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل جسمه ، يعرف في وجهه الحزن ؛ فقال له : يا ثوبان ما غير لونك فقال : يا رسول الله ما بي ضر ولا وجع ، غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ، ثم ذكرت الآخرة وأخاف ألا أراك هناك ؛ لأني عرفت أنك ترفع مع النبيين وأني إن دخلت الجنة كنت في منزلة هي أدنى من منزلتك ، وإن لم أدخل فذلك حين لا أراك أبدا ؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية . ذكره
الواحدي عن
الكلبي . وأسند عن
مسروق قال : قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=838721ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا ، فإنك إذا فارقتنا رفعت فوقنا ؛ فأنزل الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=69ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين . وفي طاعة الله طاعة رسوله ولكنه ذكره تشريفا لقدره وتنويها باسمه صلى الله عليه وسلم
[ ص: 235 ] وعلى آله .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=69فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم أي هم معهم في دار واحدة ونعيم واحد يستمتعون برؤيتهم والحضور معهم ، لا أنهم يساوونهم في الدرجة ؛ فإنهم يتفاوتون لكنهم يتزاورون للاتباع في الدنيا والاقتداء . وكل من فيها قد رزق الرضا بحاله ، وقد ذهب عنه اعتقاد أنه مفضول . قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=43ونزعنا ما في صدورهم من غل . والصديق فعيل ، المبالغ في الصدق أو في التصديق ، والصديق هو الذي يحقق بفعله ما يقول بلسانه . وقيل : هم فضلاء أتباع الأنبياء الذين يسبقونهم إلى التصديق
كأبي بكر الصديق . وقد تقدم في البقرة اشتقاق الصديق ومعنى الشهيد . والمراد هنا بالشهداء
عمر وعثمان وعلي ، والصالحين سائر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين . وقيل :
nindex.php?page=treesubj&link=25563والشهداء القتلى في سبيل الله . والصالحين صالحي أمة
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قلت : واللفظ يعم كل صالح وشهيد ، والله أعلم . والرفق لين الجانب . وسمي الصاحب رفيقا لارتفاقك بصحبته ؛ ومنه الرفقة لارتفاق بعضهم ببعض . ويجوز " وحسن أولئك رفقاء " . قال
الأخفش : رفيقا منصوب على الحال وهو بمعنى رفقاء ؛ وقال : انتصب على التمييز فوحد لذلك ؛ فكأن المعنى وحسن كل واحد منهم رفيقا . كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5ثم نخرجكم طفلا أي نخرج كل واحد منكم طفلا . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=45ينظرون من طرف خفي وينظر معنى هذه الآية قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832645خير الرفقاء أربعة ولم يذكر الله تعالى هنا إلا أربعة فتأمله .
الثانية : في هذه الآية دليل على
nindex.php?page=treesubj&link=31185خلافة أبي بكر رضي الله عنه ؛ وذلك أن الله تعالى لما ذكر مراتب أوليائه في كتابه بدأ بالأعلى منهم وهم النبيون ، ثم ثنى بالصديقين ولم يجعل بينهما واسطة . وأجمع المسلمون على تسمية
أبي بكر الصديق رضي الله عنه صديقا ، كما أجمعوا على تسمية
محمد عليه السلام رسولا ، وإذا ثبت هذا وصح أنه الصديق وأنه ثاني رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجز أن يتقدم بعده أحد . والله أعلم .
الثالثة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=70ذلك الفضل من الله أخبر تعالى أنهم لم ينالوا الدرجة
[ ص: 236 ] بطاعتهم بل نالوها بفضل الله تعالى وكرمه . خلافا لما قالت
المعتزلة : إنما ينال العبد ذلك بفعله . فلما امتن الله سبحانه على أوليائه بما آتاهم من فضله ، وكان لا يجوز لأحد أن يثني على نفسه بما لم يفعله دل ذلك على بطلان قولهم . والله أعلم .