الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
فصل

قال صاحب " المنازل " :

الزهد هو إسقاط الرغبة عن الشيء بالكلية .

يريد بالشيء المزهود فيه ما سوى الله . والإسقاط عنه إزالته عن القلب وإسقاط تعلق الرغبة به .

وقوله : بالكلية ؛ أي بحيث لا يلتفت إليه ، ولا يتشوق إليه .

قال : وهو للعامة قربة . وللمريد ضرورة . وللخاصة خشية .

يعني أن العامة تتقرب به إلى الله . والقربة ما يتقرب به المتقرب إلى محبوبه . وهو ضرورة للمريد ؛ لأنه لا يحصل له التخلي بما هو بصدده ، إلا بإسقاط الرغبة فيما سوى مطلوبه . فهو مضطر إلى الزهد ، كضرورته إلى الطعام والشراب . إذ التعلق [ ص: 18 ] بسوى مطلوبه لا يعدم منه حجابا ، أو وقفة ، أو نكسة ، على حسب بعد ذلك الشيء من مطلوبه ، وقوة تعلقه به وضعفه .

وإنما كان خشية للخاصة لأنهم يخافون على ما حصل لهم من القرب والأنس بالله ، وقرة عيونهم به أن يتكدر عليهم صفوه بالتفاتهم إلى ما سوى الله . فزهدهم خشية وخوف .

التالي السابق


الخدمات العلمية