فصل في تضمنها الرد على الجهمية معطلة الصفات
وذلك من وجوه :
أحدها : من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=28972الحمد لله فإن إثبات الحمد الكامل له يقتضي ثبوت كل ما يحمد عليه ، من صفات كماله ، ونعوت جلاله ، إذ من عدم صفات الكمال فليس بمحمود على الإطلاق ، وغايته : أنه محمود من وجه دون وجه ، ولا يكون محمودا بكل وجه ،
[ ص: 87 ] وبكل اعتبار ، بجميع أنواع الحمد إلا من استولى على صفات الكمال جميعها ، فلو عدم منها صفة واحدة لنقص من حمده بحسبها .
وكذلك في
nindex.php?page=treesubj&link=29625إثبات صفة الرحمة له ما يتضمن إثبات الصفات التي تستلزمها من الحياة ، والإرادة والقدرة ، والسمع والبصر ، وغيرها .
وكذلك صفة الربوبية تستلزم جميع صفات الفعل وصفة الإلهية تستلزم جميع أوصاف الكمال ذاتا وأفعالا ، كما تقدم بيانه .
فكونه محمودا إلها ربا ، رحمانا رحيما ، ملكا معبودا ، مستعانا ، هاديا منعما ، يرضى ويغضب مع نفي قيام الصفات به جمع بين النقيضين ، وهو من أمحل المحال .
وهذه الطريق تتضمن إثبات الصفات الخبرية من وجهين :
أحدهما : أنها من لوازم كماله المطلق ، فإن استواءه على عرشه من لوازم علوه ، ونزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا في نصف الليل الثاني من لوازم رحمته وربوبيته ، وهكذا سائر الصفات الخبرية .
الوجه الثاني : أن السمع ورد بها ، ثناء على الله ومدحا له ، وتعرفا منه إلى عباده بها ، فجحدها وتحريفها عما دلت عليه ، وعما أريد بها مناقض لما جاءت به ، فلك أن تستدل بطريق السمع على أنها كمال ، وأن تستدل بالعقل كما تقدم .
فَصْلٌ فِي تَضَمُّنِهَا الرَّدَّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ مُعَطِّلَةِ الصِّفَاتِ
وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=28972الْحَمْدُ لِلَّهِ فَإِنَّ إِثْبَاتَ الْحَمْدِ الْكَامِلِ لَهُ يَقْتَضِي ثُبُوتَ كُلِّ مَا يُحْمَدُ عَلَيْهِ ، مِنْ صِفَاتِ كَمَالِهِ ، وَنُعُوتِ جَلَالِهِ ، إِذْ مَنْ عُدِمَ صِفَاتِ الْكَمَالِ فَلَيْسَ بِمَحْمُودٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، وَغَايَتُهُ : أَنَّهُ مَحْمُودٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ ، وَلَا يَكُونُ مَحْمُودًا بِكُلِّ وَجْهٍ ،
[ ص: 87 ] وَبِكُلِّ اعْتِبَارٍ ، بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْحَمْدِ إِلَّا مَنِ اسْتَوْلَى عَلَى صِفَاتِ الْكَمَالِ جَمِيعِهَا ، فَلَوْ عُدِمَ مِنْهَا صِفَةً وَاحِدَةً لَنَقَصَ مِنْ حَمْدِهِ بِحَسَبِهَا .
وَكَذَلِكَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29625إِثْبَاتِ صِفَةِ الرَّحْمَةِ لَهُ مَا يَتَضَمَّنُ إِثْبَاتَ الصِّفَاتِ الَّتِي تَسْتَلْزِمُهَا مِنَ الْحَيَاةِ ، وَالْإِرَادَةِ وَالْقُدْرَةِ ، وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ ، وَغَيْرِهَا .
وَكَذَلِكَ صِفَةُ الرُّبُوبِيَّةِ تَسْتَلْزِمُ جَمِيعَ صِفَاتِ الْفِعْلِ وَصِفَةُ الْإِلَهِيَّةِ تَسْتَلْزِمُ جَمِيعَ أَوْصَافِ الْكَمَالِ ذَاتًا وَأَفْعَالًا ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ .
فَكَوْنُهُ مَحْمُودًا إِلَهًا رَبًّا ، رَحْمَانًا رَحِيمًا ، مَلِكًا مَعْبُودًا ، مُسْتَعَانًا ، هَادِيًا مُنْعِمًا ، يَرْضَى وَيَغْضَبُ مَعَ نَفْيِ قِيَامِ الصِّفَاتِ بِهِ جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ ، وَهُوَ مَنْ أَمْحَلِ الْمُحَالَ .
وَهَذِهِ الطَّرِيقُ تَتَضَمَّنُ إِثْبَاتَ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةِ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا مِنْ لَوَازِمِ كَمَالِهِ الْمُطْلَقِ ، فَإِنَّ اسْتِوَاءَهُ عَلَى عَرْشِهِ مِنْ لَوَازِمِ عُلُوِّهِ ، وَنُزُولَهُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي نِصْفِ اللَّيْلِ الثَّانِي مِنْ لَوَازِمِ رَحْمَتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ ، وَهَكَذَا سَائِرُ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةِ .
الْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّ السَّمْعَ وَرَدَ بِهَا ، ثَنَاءً عَلَى اللَّهِ وَمَدْحًا لَهُ ، وَتَعَرُّفًا مِنْهُ إِلَى عِبَادِهِ بِهَا ، فَجَحْدُهَا وَتَحْرِيفُهَا عَمَّا دَلَّتْ عَلَيْهِ ، وَعَمَّا أُرِيدَ بِهَا مُنَاقِضٌ لِمَا جَاءَتْ بِهِ ، فَلَكَ أَنْ تَسْتَدِلَّ بِطَرِيقِ السَّمْعِ عَلَى أَنَّهَا كَمَالٌ ، وَأَنْ تَسْتَدِلَّ بِالْعَقْلِ كَمَا تَقَدَّمَ .