الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
قال : وهو على ثلاث درجات ، الدرجة الأولى : الذكر الظاهر من : ثناء أو دعاء أو رعاية .

يريد بالظاهر : الجاري على اللسان المطابق للقلب ، لا مجرد الذكر اللساني ، فإن القوم لا يعتدون به .

فأما ذكر الثناء : فنحو : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، وأما ذكر الدعاء فنحو : ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين و : يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث . ونحو ذلك .

وأما ذكر الرعاية : فمثل قول الذاكر : الله معي والله ناظر إلي ، الله شاهدي . ونحو ذلك مما يستعمل لتقوية الحضور مع الله ، وفيه رعاية لمصلحة القلب ولحفظ الأدب مع الله والتحرز من الغفلة والاعتصام من الشيطان والنفس .

والأذكار النبوية تجمع الأنواع الثلاثة ، فإنها متضمنة للثناء على الله والتعرض للدعاء والسؤال والتصريح به ، كما في الحديث : أفضل الدعاء الحمد لله قيل لسفيان بن عيينة : كيف جعلها دعاء قال : أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت لعبد الله بن جدعان يرجو نائله :

أأذكر حاجتي أم قد كفاني حياؤك إن شيمتك الحياء     إذا أثنى عليك المرء يوما
كفاه من تعرضه الثناء

فهذا مخلوق واكتفى من مخلوق بالثناء عليه من سؤاله ، فكيف برب العالمين ؟ .

والأذكار النبوية متضمنة أيضا لكمال الرعاية ومصلحة القلب والتحرز من [ ص: 407 ] الغفلات والاعتصام من الوساوس والشيطان ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية