فصل
والله تعالى جعل العبودية وصف أكمل خلقه ، وأقربهم إليه ، فقال
[ ص: 122 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون وهذا يبين أن الوقف التام في قوله في سورة الأنبياء
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=19وله من في السماوات والأرض هاهنا ، ثم يبتدئ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=19ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون فهما جملتان تامتان مستقلتان ، أي إن له من في السماوات ومن في الأرض عبيدا وملكا ، ثم استأنف جملة أخرى فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=19ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته يعني أن الملائكة الذين عنده لا يستكبرون عن عبادته يعني لا يأنفون عنها ، ولا يتعاظمون ولا يستحسرون ، فيعيون وينقطعون يقال : حسر واستحسر ، إذا تعب وأعيا بل عبادتهم وتسبيحهم كالنفس لبني آدم ، فالأول وصف لعبيد ربوبيته ، والثاني وصف لعبيد إلهيته ، وقال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا إلى آخر السورة ، وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=17واذكر عبدنا داود وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=41واذكر عبدنا أيوب وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=45واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب وقال عن سليمان
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=30نعم العبد إنه أواب وقال عن
المسيح nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=59إن هو إلا عبد أنعمنا عليه فجعل غايته العبودية لا الإلهية ، كما يقول أعداؤه
النصارى ، ووصف أكرم خلقه عليه ، وأعلاهم عنده منزلة بالعبودية في أشرف مقاماته ، فقال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=23وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا وقال تبارك وتعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=1تبارك الذي نزل الفرقان على عبده وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=1الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب فذكره بالعبودية في مقام إنزال الكتاب عليه ، وفي مقام التحدي بأن يأتوا
[ ص: 123 ] بمثله ، وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=19وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا فذكره بالعبودية في مقام الدعوة إليه ، وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سبحان الذي أسرى بعبده ليلا فذكره بالعبودية في مقام الإسراء ، وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=980141لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم فإنما أنا عبد ، فقولوا عبد الله ورسوله وفي الحديث
أنا عبد ، آكل كما يأكل العبد ، وأجلس كما يجلس العبد وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو قال :
nindex.php?page=treesubj&link=30589قرأت في التوراة صفة محمد صلى الله عليه وسلم :
محمد رسول الله ، عبدي ورسولي ، سميته المتوكل ، ليس بفظ ولا غليظ ، ولا صخاب بالأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويغفر .
وجعل الله سبحانه البشارة المطلقة لعباده ، فقال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=17فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وجعل الأمن المطلق لهم ، فقال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=68ياعباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=69الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين وعزل الشيطان عن سلطانه عليهم خاصة ، وجعل سلطانه على من تولاه وأشرك به ، فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=42إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وقال
[ ص: 124 ] nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=99إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=100إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون .
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=treesubj&link=19803إحسان العبودية أعلى مراتب الدين وهو الإحسان فقال في حديث
جبريل وقد سأله عن الإحسان
nindex.php?page=hadith&LINKID=980143أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
فَصْلٌ
وَاللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الْعُبُودِيَّةَ وَصْفَ أَكْمَلِ خَلْقِهِ ، وَأَقْرَبِهِمْ إِلَيْهِ ، فَقَالَ
[ ص: 122 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْوَقْفَ التَّامَّ فِي قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=19وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ هَاهُنَا ، ثُمَّ يَبْتَدِئُ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=19وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ فَهُمَا جُمْلَتَانِ تَامَّتَانِ مُسْتَقِلَّتَانِ ، أَيْ إِنَّ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ عَبِيدًا وَمِلْكًا ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ جُمْلَةً أُخْرَى فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=19وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ يَعْنِي أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ يَعْنِي لَا يَأْنَفُونَ عَنْهَا ، وَلَا يَتَعَاظَمُونَ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ ، فَيَعْيَوْنَ وَيَنْقَطِعُونَ يُقَالُ : حَسِرَ وَاسْتَحْسَرَ ، إِذَا تَعِبَ وَأَعْيَا بَلْ عِبَادَتُهُمْ وَتَسْبِيحُهُمْ كَالنَّفَسِ لِبَنِي آدَمَ ، فَالْأَوَّلُ وَصْفٌ لِعَبِيدِ رُبُوبِيَّتِهِ ، وَالثَّانِي وَصْفٌ لِعَبِيدِ إِلَهِيَّتِهِ ، وَقَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا إِلَى آخِرِ السُّورَةِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=17وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=41وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=45وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَقَالَ عَنْ سُلَيْمَانَ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=30نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ وَقَالَ عَنِ
الْمَسِيحِ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=59إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ فَجَعَلَ غَايَتَهُ الْعُبُودِيَّةَ لَا الْإِلَهِيَّةَ ، كَمَا يَقُولُ أَعْدَاؤُهُ
النَّصَارَى ، وَوَصَفَ أَكْرَمَ خَلْقِهِ عَلَيْهِ ، وَأَعْلَاهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً بِالْعُبُودِيَّةِ فِي أَشْرَفِ مَقَامَاتِهِ ، فَقَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=23وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=1تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ فَذَكَرَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ فِي مَقَامِ إِنْزَالِ الْكِتَابِ عَلَيْهِ ، وَفِي مَقَامِ التَّحَدِّي بِأَنْ يَأْتُوا
[ ص: 123 ] بِمِثْلِهِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=19وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا فَذَكَرَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ فِي مَقَامِ الدَّعْوَةِ إِلَيْهِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا فَذَكَرَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ فِي مَقَامِ الْإِسْرَاءِ ، وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=980141لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَفِي الْحَدِيثِ
أَنَا عَبْدٌ ، آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ ، وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=30589قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، عَبْدِي وَرَسُولِي ، سَمَّيْتُهُ الْمُتَوَكِّلَ ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ ، وَلَا صَخَّابٍ بِالْأَسْوَاقِ ، وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ .
وَجَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْبِشَارَةَ الْمُطْلَقَةَ لِعِبَادِهِ ، فَقَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=17فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ وَجَعَلَ الْأَمْنَ الْمُطْلَقَ لَهُمْ ، فَقَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=68يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=69الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ وَعَزَلَ الشَّيْطَانَ عَنْ سُلْطَانِهِ عَلَيْهِمْ خَاصَّةً ، وَجَعَلَ سُلْطَانَهُ عَلَى مَنْ تَوَلَّاهُ وَأَشْرَكَ بِهِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=42إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ وَقَالَ
[ ص: 124 ] nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=99إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=100إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ .
وَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=treesubj&link=19803إِحْسَانَ الْعُبُودِيَّةِ أَعْلَى مَرَاتِبِ الدِّينِ وَهُوَ الْإِحْسَانُ فَقَالَ فِي حَدِيثِ
جِبْرِيلَ وَقَدْ سَأَلَهُ عَنِ الْإِحْسَانِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=980143أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ .