الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
فصل

قال الشيخ : " البقاء : اسم لما بقي بعد فناء الشواهد وسقوطها " .

له في هذه العبارة تسامح ، وأرباب هذا الشأن همهم المعاني ، فهم يسامحون [ ص: 357 ] في العبارات ما لا يسامح فيه غيرهم .

فالبقاء : هو الدوام واستمرار الوجود ، وهو نوعان : مقيد ومطلق ، فالمقيد : البقاء إلى مدة ، والمطلق : الدائم المستمر لا إلى غاية .

و " البقاء " أوضح من هذا الحد الذي ذكره ، ولكن لما كان مراده " البقاء " الذي هو صفة العبد ومقامه ، قال : " هو اسم لما بقي بعد فناء الشواهد " ، وهذا عام في سائر أنواع ما بقي العبد متصفا به بعد فناء الأدلة والآثار التي دلت على الحقيقة .

و " الشواهد " عنده هي الرسوم كلها ، وربما يراد بها معالم الشهود ، وهو الذي عناه فيما تقدم ، فإذا جعلت الشواهد هاهنا معالم الشهود ، كان المعنى أن المعالم توصل إلى الشهود ، ويبقى الشهود قائما بعد فناء معالمه .

وحقيقة الأمر أن الحق سبحانه يفنيهم عما سواه ويبقيهم به ، وما سواه هو المعالم والرسوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية